استعمال الأجهزة الإلكترونية الحديثة له مخاطره الطبية أيضاً على الإنسان، إذ تنمو مقلة العين بصورة أطول ويسبب ذلك قصر النظر، خاصة لمن تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاماً. فما الحل؟ يعمر الألمان في الوقت الحالي ضعف ما كانوا يصلون إليه قبل 130 عاماً. وكبار السن يشعرون بالقوة والحيوية، وذلك بفضل التقدم العلمي والطبي والاقتصادي الكبير في البلد. لكن العلم والتقنية الحديثة لها مساوئها أيضاً، خاصة لعيني الإنسان، إذ أن الاستعمال اليومي المستمر للأجهزة الذكية والنظر ساعات طويلة لشاشات التلفاز والكمبيوتر والهواتف الذكية يؤثر سلبياً على الإنسان. يولد الإنسان عادة ببعد نظر بسيط، كما يوضح نوربرت بفايفر، مدير قسم العيون في المستشفى الجامعي بمدينة ماينز الألمانية. وبعد ذلك تنمو عيون الإنسان تدريجياً وتتأقلم مع مسافة النظر لتصل إلى الدرجة الطبيعية. وإذا أصبحت مقلة العين أطول من المعتاد، تسقط بؤرة الضوء أمام شبكية العين، وتصبح الأجسام البعيدة ضبابية وغير واضحة، بينما يكون الإبصار القريب ممتازاً. ويوضح الخبير بفايفر، نقلاً عن موقع "شبيغل" الإلكتروني الألماني: "العين يمكنها التكيف مع متطلبات الحياة بصورة مثالية حتى لا تحتاج إلى الكثير من الجهد العضلي للقيام بعملها". وتبدأ العين في اتخاذ شكلها النهائي بين سن الثامنة والخامسة عشر. وغالباً ما يكون الأطفال واليانعين مرتبطين جداً بالأجهزة الإلكترونية الحديثة ولا يمكن إبعادهم عنها، وهذا ما يؤثر على نمو عيونهم في المستقبل.
فعملية النظر بصورة مستمرة إلى شاشات الأجهزة الذكية تؤثر على عيني الإنسان ونظره بصورة سلبية وتزيد من نسبة تعرضه لقصر النظر، كما يقول الخبير الألماني فرانك شايفيل من مركز بحوث العيون في جامعة توبنغن، والذي يضيف قائلاً: "اجهزة الكمبيوتر والشاشات الحديثة والهواتف الذكية قدمت حديثاً إلى مجتمعاتنا، وسنشهد قريباً مجتمعات تعاني من قصر النظر بسبب هذه الأجهزة"، وذلك نقلاً عن موقع صحيفة "دي فيلت" الإلكتروني. مشكلة الأجيال الشابة فيما ذكرت أرقام المؤسسة الأوروبية لوبائيات العيون أن 47 في المائة من الأوروبيين بين سن 25 و29 عاماً يعانون من قصر النظر، بينما يعاني 28 في المائة فقط من الذين تتراوح أعمارهم بين 55 و59 عاماً من قصر النظر، أي أن الأجيال الشابة تعاني أكثر من قصر النظر. أما الدول الآسيوية، التي تواكب غالباً صرعات التقنية الحديثة، فتعاني بشدة من ظاهرة قصر النظر. ففي كوريا الجنوبية، مثلاً، يعاني نحو 96 في المائة ممن تبلغ أعمارهم 19 عاماً من قصر النظر، فيما يعاني 20 في المائة منهم من قصر النظر الشديد. أما في الصين، فيترتب على 90 في المائة من الطلبة ارتداء نظارات طبية، وفي تايوان يعاني 84 في المائة من الأطفال من قصر النظر، نقلاً عن موقع "شبيغل". وعن أسباب ذلك، يقول الطبيب الألماني بفايفر: "في الصينوكوريا الجنوبية يبدأ الأطفال في سن مبكر بالتعلم وأداء الكثير من الواجبات المنزلية، في الصباح وفي المساء. ويخرج هؤلاء الأطفال نادراً للعب خارج المنزل، بالإضافة إلى أن استعمال أجهزة الترفيه الإلكترونية في هذه البلدان منتشر بصورة كبيرة وخاصة بين الأطفال". طريقة الوقاية الضوء الخافت يضعف نمو العين، وقد يكون سبب ذلك مادة الدوبامين، التي تتفاعل في الدماغ لتؤثر على الكثير من الأحاسيس والسلوكيات للإنسان. وذكرت دراسات صينية أن خروج الأطفال للعب خارج المنزل لمدة ساعة واحدة فقط يومياً يؤثر على نظرهم إيجابياً وبشكل كبير. لذلك، ينصح العلماء بمحاولة تجنب أسباب قصر النظر والخروج إلى الهواء الطلق، وخاصة للأطفال، لاسيما وأن "قصر النظر يبقى على الغالب مدى الحياة مع الإنسان"، كما يقول الخبير بفايفر.