تم إدراج التجربة المغربية في مجال "الديمقراطية التوافقية" كنموذج يقتدى به في التوصيات النهائية لمؤتمر نظمه "مركز القدس للدراسات السياسية" ببيروت (يومي 15 و16 يونيو الجاري) في موضوع "نحو ديمقراطية توافقية في العالم العربي". وقال النائب البرلماني عبد السلام بلاجي ممثل (حزب العدالة والتنمية) بهذا المؤتمر، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن التجربة السياسية المغربية حظيت بإجماع البرلمانيين والأكاديميين وقادة أحزاب سياسية من عدد من البلدان العربية المشاركة في المؤتمر، "خاصة وأنها تميزت بتطورات من الديمقراطية التوافقية إلى الديمقراطية التشاركية". وفي مداخلته خلال المؤتمر، أبرز السيد بلاجي أن الديمقراطية التوافقية التي "يتم الحديث عنها بالمشرق، حاليا، كان المغرب سباقا إليها منذ التسعينيات من القرن الماضي"، مشيرا إلى أن ما وصل إليه المغرب هو نتاج مسار طويل "بدأ من قانون الحريات العامة سنة 1958، الذي أرسى التعددية الحزبية والسياسية، في الوقت الذي كان السائد فيه هو الأحادية الحزبية". وذكر السيد بلاجي بالمسار السياسي الطويل للمغرب الذي توج ب"الإنصاف والمصالحة"، وب"التناوب التوافقي"، الذي بني على وثائق ومرجعيات. وأبرز أن المغرب يعرف، حاليا، مرحلة "الديمقراطية التشاركية"، خاصة وأن الدستور الجديد للمملكة تم بمقاربة تشاركية، تم في سياقها إشراك المجتمع المدني ومؤسسات الحكامة، وإعطاء الحق للمجتمع المدني في المبادرة التشريعية. ومن جهته، اعتبر أستاذ القانون العام وعلم السياسة بكلية الحقوق جامعة القاضي عياض بمراكش، البشير المتاقي، في مداخلة مماثلة، أن وثيقة دستور 2011، التي تم وضعها ب"طريقة ديمقراطية تشاركية من خلال تقدم جميع الفاعلين السياسيين والهيئات المدنية بمقترحاتها الدستورية الى هيئة أغلب مكوناتها مغربية"، عززت المسار الدستوري المغربي، خاصة وأنها نصت على مؤسسة رئيس الحكومة والقضاء كسلطة مستقلة وإحداث محكمة دستورية. كما تم التنصيص في الدستور الجديد، يقول السيد المتاقي، على مجموعة من الآليات لتفعيل الديمقراطية التشاركية وإيلاء المجتمع المدني أهمية خاصة، إذ أصبح من حقه التقدم بالعرائض والملتمسات. وخلص المتاقي إلى أن دستور 2011 يعتبر "ثورة قانونية نوعية لما تضمنه من مقتضيات جوهرية تعزز المسار الديمقراطي للمغرب". وناقش المشاركون في المؤتمر محاور منهاº "ما المقصود بالديمقراطية التوافقية، ما لها وما عليها " و"الصراعات المتراكبة: مذهبية وطائفية وقومية وإيديولوجية (محلية وإقليمية ودولية)، هل من مخرج توافقي، وكيف" و"جدلية العلاقة بين الدولة ومكوناتها، مرجعية الدولة أم دولة المرجعيات المتصارعة " و"أسئلة الهوية/ الهويات، واختلال العلاقة بين الدولة ومواطنيها ومكوناتها" و"تجربة الإلغاء والإقصاء المتبادل، هل من دروس مستفادة".