يبدو أن المسؤولين في الجارة الجزائر قد أحس بالفعل بالإعصار الاقتصادي الجامح الذي لامس حدود البلد وبدأوا بالاعتراف بحقيقة الوضع بعدما ظلوا يكابرون وينكرون لعدة أشهر. فقد تغير الخطاب الرسمي لوزراء بوتفليقة تدريجيا حيث دق رئيس الوزراء عبد المالك سلال ناقوس الحذر داعيا الجزائريين إلى الصمود في وجه سنوات عجاف بات قدومها أمرا مؤكدا في الوقت الراهن. فالإحصائيات الرسمية الجزائرية والدولية تؤكد أن قوة ضربة انخفاض سعر البترول فاق كل التوقعات، فخزينو الدولة تخسر حاليا 87 مليون دولار يوميا بفعل هذا التراجع الذي يتوقع الخبراء الاقتصاديون أن يستمر ل 4 سنوات قادمة على الأقل. فإيرادات النفط الجزائري تراجعت في الأربعة أشهر الأولى من السنة الجارية بأزيد من 7 ملايير ونصف المليار دولار ، وهو ما أدى إلى تراجع احتياطي العملة الصعبة إلى حوالي الربع . المسؤولون الجزائريون واعون أكثر من غيرهم أن السلم الاجتماعي بالجزائر وسياستها الخارجية مبنيان فقط على الدولار ، فما يتبقى من نهب إيرادات البترول كان يوزع على شكل دعم للقدرة الشرائية للمواطنين ورشاوي لدول فقيرة مقابل شراء موقفها لصالح البوليساريو، وبالتالي فإن فراغ الخزينة سيشعل الأوضاع داخليا ويؤدي إلى انتكاسة ديبلوماسية في الخارج، أي أن الجزائر ستجد نفسها بعد سنة أو سنتين مجبرة على الاقتراض من المؤسسات الدولية إن هي أرادت مواجهة الكارثة.