يوم تاريخي، استغرق جيلا كاملا انتظره، واعمارا افنيت قبل ان نراه. مشهد سياسي بدون محمد حسني مبارك للمرة الاولى منذ ستة وثلاثين عاما. حقبة درامية في تاريخ مصر والعالم العربي انتهت. صفحة جديدة ليس فقط تاريخ بلد او امة بل كل انسان شهد ميلاد الحرية من رحم الثورة. للمرة الاولى منذ فجر التاريخ، انكسرت ارادة الفرعون امام ارادة شعب تسلح بحضارته والامه واماله. الشعب المصري ادهش نفسه والعالم بانجازه احدى اعظم الثورات في تاريخ الانسانية في مواجهة احد اقوى الانظمة الشمولية واكثرها عنادا في العالم. بعد ان جاء وقت، بدا فيه ان الفرعون يشبه الزمن والحياة والموت، كانه قدر لا مفر منه، وجد الشعب الطيب المكافح الصابر المضحي المقاتل، (خير اجناد الارض) المنتصرلامته، ولو بعد حين، نفسه السيد البطل، بلا خوف وبلا ذل وبلا تبعية. الشعب المصري ظفر بانتصاره في منعطف تاريخي حاسم سيكون له ما بعده، بينما تتشبث انظار العالم بميدان تحريره وشهدائه، ليستعيد مكانه ومكانته الطبيعية كمصدر الهام كوني لقيم الحرية والكرامة والاستقلال. الشعب المصري انجز ثورة تليق بتاريخه وعراقته، ليست مجرد تغييرات تشمل رأس النظام السياسي، بل انجز ثورة مدرسة قدمت كل يوم دروسا في الوحدة الوطنية والتضامن والتحدي والصبر والصمود والشجاعة والابداع في مواجهة الطاغوت. وبعيدا عن روح الانتقام او التشفي، يجب ان تبدأ المحاسبة القانونية الحضارية العادلة لكل من اسهموا في اطالة امد الديكتاتورية، وحققوا من ورائها المكاسب والمناصب، وكل من نهبوا اموال هذا الشعب المكافح وثرواته، وكل من احتقروا ذكاءه وزينوا له كذب الديكتاتور واوهامه. ويجب البدء دون تأخير في تحول ديمقراطي حقيقي يعيد السلطة للشعب، ويحترم حقوق الانسان، ويعلن الحرب على امبراطورية الفساد التي بناها النظام الديكتاتوري. اما فلول النظام البائد وابواقه، فرجاء كفاكم اهانة واحتقارا لهذا الشعب العظيم، الذي يعرفكم جيدا، واذا كنتم نسيتم فاننا لحظكم العاثر نعيش عصر الانترنت ان اردتم ان تستذكروا ‘ابداعاتكم' في الترويج للتوريث والتمديد والتدليس. الشعب المصري اليوم للمرة الاولى منذ قرون، السيد حقا والقائد حقا على ارضه، يملك مصيره، ولا يملكه فرد او حزب او عصابة. فشكرا للسيد القائد. والمجد لشهدائه الابرار، ولمناضليه الذين طالما حملوا ارواحهم على اكفهم من اجل هذه اللحظة. شكرا ايها الشعب العظيم لانك اعدت لنا مصر ام الدنيا وان كره الكارهون.