شكل موضوع "مدن ومجالات منجمية.. الحياة بعد المنجم"، محور أشغال الجامعة الصيفية للتنمية الاجتماعية التي ينظمها بجرادة مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية على مدى يومين بشراكة مع عمالة الإقليم ووكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية. وأكد عامل إقليمجرادة السيد مبروك تابت في كلمة افتتاحية مساء أمس الجمعة أن اختيار موضوع هذا الملتقى ينم عن الإرادة في استحضار إشكالية المدن المنجمية بالمغرب من حيث نشأتها وتاريخها ووضعها الحالي والمستقبلي مع التفكير في إيجاد بدائل اقتصادية واجتماعية، معتبرا أن هذا الإقليم الذي ظل النشاط المنجمي به طوال سبعة عقود محركا أساسيا للاقتصاد المحلي، يبقى نموذجا ذا دلالة حية للإجابة عن مجموعة من التساؤلات المتعلقة بمصير المدن والمناطق المنجمية ما بعد توقف نشاطها المنجمي. وأشار إلى أنه على الرغم من القضايا التنموية التي لازالت مطروحة، فإن إقليمجرادة يتوفر على إمكانيات طبيعية وبشرية كفيلة بالإجابة عن السؤال التنموي، انطلاقا من كونه إقليما طاقيا بامتياز تنتج الوحدات المتواجدة به حوالي 18 في المائة من الإنتاج الوطني، وكذا توفره على ثروة حيوانية هائلة وفرشة مائية مهمة ومواقع سياحية أدرجت ضمن البرنامج التعاقدي في إطار الرؤية السياحية 2020. من جهته، أبرز مدير مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، السيد عبد الله ساعف، السياق العام لتنظيم هذه التظاهرة التي تندرج في إطار الأعمال الجارية للمركز الذي يهتم منذ 2005 بموضوع المناجم من خلال طرحه لسؤال أساسي يتعلق بالحياة ما بعد المنجم. وأضاف أن المركز طرح على نفسه بشكل عام مهمة تحقيق معرفة أفضل وأعمق للمجتمع المغربي وإشكالاته من خلال إعداد برنامج بحثي بالمواقع المنجمية لبلورة تصور ومخطط للمستقبل ومسألة إعادة تحديد هوية التراب المعين وآفاقه وإمكانيته، مبرزا أن الهدف من هذا اللقاء هو طرح محاولة تعميق هذا التصور ومناقشته ومحاولة تكييفه مع ما تطرحه ضرورة الواقع وما هو موجود في الساحة. من جانبه، اعتبر نائب رئيس المجلس الإقليميلجرادة، السيد عبد الواحد بنطيب، أن هذا اللقاء الذي يندرج في سياق معالجة الإشكالات المرتبطة بمصير المدن والمناطق ما بعد التوقف النهائي للنشاط المنجمي، يشكل فرصة سانحة لطرح البدائل وتبادل التجارب في الخيارات التي تم نهجها في مناطق معدنية مشابهة، معربا عن أمله في أن تتمخض عن أشغال هذه التظاهرة ورقة طريق واقعية وقابلة للتصريف وتساهم في دعم المجهودات التي تبذلها مختلف المؤسسات لتجاوز التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لتوقف النشاط المنجمي بالإقليم. بدوره، أكد السيد عدي عزى مستشار بوزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، أن تدبير ما بعد المنجم يجب أن يبتدئ منذ بداية استغلاله وذلك في إطار يضع ميكانزمات مناسبة لتعويض المستخدمين وتدبير المخاطر الناجمة عن إيقاف الاستغلال ومتابعة ملف التقاعد والأمراض المهنية، مشيرا إلى أن الحال ما بعد المنجم لا يقتصر فقط على المقاولة المنجمية وأجرائها بل يهم أيضا كل الساكنة التي تعيش بشكل غير مباشر عن طريق النشاط المنجمي. وأضاف أن الأمر يستوجب العمل في إطار توافق وتنسيق بين المنجم والسلطات والمنتخبين لوضع الآليات الناجعة لمواكبة ما بعد المنجم وإيجاد الحلول المناسبة للإشكاليات المطروحة والعمل على إحداث أنشطة بديلة للنشاط المنجمي، مذكرا في هذا الصدد بأن مشروع قانون المعادن الجديد يتضمن عدة مقتضيات من شأنها تقوية الأعمال الخاصة بالمحافظة على البيئة وضمان التنمية المستدامة. وقد تميزت الجلسات الافتتاحية لهذا الملتقى بتقديم مجموعة من المداخلات من طرف المدير العام لوكالة تنمية أقاليم الجهة الشرقية السيد محمد المباركي ونخبة من الأطر العليا والأساتذة الجامعيين، حول مواضيع من قبيل "المناجم والمدن المنجمية المغربية.. إرث جماعي يجب الحفاظ عليه"، و"من أجل متحف منجمي بجرادة"، و"الذاكرة المنجمية بجرادة"، و"التعاونية بجرادة.. أية مساهمة في التنمية المحلية"، و"نظرات متقاطعة حول المدينة"، و"قراءة لمشاريع التنمية المواكبة لإغلاق الموقع المنجمي بجرادة". كما تضم أشغال هذه التظاهرة تنظيم ورشتين الأولى حول "مدينة ومناطق منجمية"، والثانية تهم "التنمية الاجتماعية بالجهة الشرقية".