تستغرق جهة الجنوب الشرقي المغربي قضايا مهمة لا تفتا تكتسب راهنيتها من البحث المتجدد حول السؤال المتكرر حول علاقة الإنسان بالمجال الطبيعي والمجال السوسيوثقافي. لذلك، كلما تعمق التفكير ونشط الجدل، الذي يكون، في الغالب، عموميا، حول هذه العلاقة الترابطية كلما تأكد أنه غير سوية. ولا نصح يمحضه أحد، كيف ما كانت صفته المعنوية أو الطبيعية، لنفسه ولغيره من الفاعلين، في مجال العلاقة بين الإنسان والأرض ببعدها الطبيعي والجغرافي - لما لم تعد هذه العلاقة تحتكم إلى العرف ولا إلى القوانين الوضعية- سوى المزيد من تعميق النقاش وجمع الشمل، بغية ضمان التدخل المناسب في الوقت المناسب. إن العلاقة بين الإنسان والأرض واحدة من القضايا المهمة في الواحة بما هي وحدة – وحدات- سوسيومجالية متجانسة، وإن كانت هشة من حيث ندرة موارد الماء في السنوات الأخيرة، وطغيان زحف الرمل ، لأنها تبطن من الموارد ما يجعلنا نتفاءل بعض الوقت. لكن السؤال، بصيغة أخرى، لا يزال يطرح نفسه. ذلك أن لتلك الموارد استغلالها انعكاسات على بعض الحقوق الطبيعية بجل أجيالها، وبكل أشكالها، رغم طغيان الحاجة إلى إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بمحيط الاستغلال المنجمي، والتي غالبا ما يطلق عليها المحيط المنجمي، لما لها من طابع جغرافي. تشتمل جهة الجنوب الشرقي على بعض المحيطات التي أنشأتها الصناعات الاستخراجية، من قبل ومن بعد، والتي تشرف عليها، الآن، مؤسسات الاستغلال المنجمي بالمناطق التالية، هي على سبيل الاستشهاد لا الحصر والإحصاء، أم جران، إميضر، تيويت، بوسكور، إميني، البليدة، بووزار.... وإلى جانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يطفو على السطح الحق في التنمية، التنمية المستدامة التي يراعى فيها التدبير المحكم لاستغلال الموارد. وإذا تعمقنا في الانعكاسات التي يمكن أن تنتج عن الصناعات الاستخراجية، أو بالأحرى، المفعولات غير المرغوب فيها، نلفى أيضا الحقوق البيئية والحقوق الصحية. ولأن للصناعة الاستخراجية بعدا زمانيا دياكرونيا، فإنه من المفيد الحفر في المواقع المنجمية القديمة علما أن صناعة الفخار كانت ذات شأن بالجنوب الشرقي المغربي. ولقد أثبت بعض الدراسات بموقع سجلماسة التاريخي أن لخزف المنطقة شهرة بأفريقيا جنوب الصحراء وشمالها أي بلاد المغارب، مما يستدعي تثمينه وإدراجه ضمن الحقوق الثقافية. تلك هي القضايا التي يمكن أن تعمق فيها الممارسة من وجهة نظرنا. ولقد اتضحت قضايا أخرى من خلال الأوراش والمداخلات التأطيرية لليوم الدراسي الذي نظمه منتدى بدائل المغرب والنسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية بزاكورة بشراكة مع مجموعة مناجم لقاء دراسيا، بمدينة زاكورة، تحت عنوان «أي استراتيجية لتنمية المناطق المنجمية ومحيطها بجهة الجنوب الشرقي» وذلك يومي 20من شهر أبريل 2012و21 منه. ومن جانب آخر، نسجل أن المجتمع المدني بالجنوب الشرقي المغربي توفق في بلوغ مستوى تحقيق الظفرة والانتقال إلى طور آخر، بعد أن مر بانتقالات تدريجية عن طريق الدفعات، ابتداء من سنة 2003. ولا غرو، فقد راكم عدة تجارب أهلته ليكتسب منهجا سليما في الرصد والآداء، ويتحكم في آليات تمكنه من التطور وتجاوز ظرف يطبعه التعاطي الانتقائي مع قضايا ذات الصلة بالإنسان، في مختلف أبعاده. فالإنسان يُرى في جهة الجنوب الشرقي من مجموعة من الأبعاد، وكل بعد يبدو كأنه هو الطاغي والسائد. ففضلا عن البعد السوسيولوجي للإنسان الذي لا يزال تطغى عليه العشيرة والقبيلة، هناك البعد الإثنوغرافي الذي لا يزال ينجر عنه ميز بيّن في الكثير من النقط العمرانية، وهو بعج لم يُتناول بكثرة إذا استثنينا الجهود التي بدلتها جمعية (أفريكا) الغراء، وإن كانت تنصب كلها حول العرق ذي الأصول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى. ولم يخل الجنوب الشرقي من القضايا تتمحور حول الإنسان كبعد فئوي منتظم وفق مراحل نمو الإنسان الفيزيولوجي (الأطفال، المسنين)، أو وفق عجزه وإعاقته، وهناك قضايا النوع الاجتماعي التي تكاد ان تطغى على الأبعاد الأخرى للإنسان، وتتجلى في انتشار الأمية في صفوف النساء، وعزوف المرأة عن المشاركة السياسية وإبعاده عن مركز القرار. وفي بعض الأحيان يكاد الإنسان المحتاج إلى وسط بيئي سليم، لا تلوث فيه ولا تصحر، ولا غبار، ولا نفايات، يفرض نفسه في الميدان. كل تلك الأبعاد استحضرتها الجمعيات والأنسجة الجمعوية بشكل متفاوت، لكن التعاطي مع القضايا الكبرى المركبة والمنتظمة في حقول فكرية، وتستحضر الإنسان ضمن نسق من المعاناة، لا يزال يشكو من بعض القصور. ويعد النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية بإقليم زاكورة (تزاكوت بالأمازيغية) رائدا في تطوير هذه النظرة لما ساهم به من انطلاق دينامية نوعية أخرى تستحضر باطن الأرض وتعده مصدر الخلل. ذلك أن الخيرات التي تبطنها أرض الجنوب الشرقي، وإن كانت لا تستفيد منها كثيرا، فإنها بالمقابل أضحت مصدر الفساد، تفسد التربة، وتلوث الماء، والهواء، وتضر الوحش والنبات والإنسان. ولَإٍن كان للمحيطات المنجمية دورا في انطلاق الوعي الطبقي في كثير من المواقع والذي يتجلى في النضال العمالي ضد الاستغلال، والنضال السياسي ضد الاستعمار فإن وضع المحيطات المنجمية عرف بعض التدهور، ولا يمكن أن يُنهض الوعي به بعيدا عن مساعدة الأطراف الأخرى، أي المجتمع المدني. صحيح أن الاحتجاج المطلبي ساخن لكنه غير مؤطَّر، وطالما يتخذ لباسا إثنوغرافيا وقبليا. لذلك فالتدخل أتى ليحقق الظفرة. كان مراد اللقاء فتح نقاش عميق وموسع حول بناء استراتيجية مندمجة وشمولية لتنمية مستدامة في المناطق المنجمية ومحيطها، شارك في بلورتها وتنفيذها برؤية مواطنة المؤسسات المستثمرة وكل الأطراف المحلية ببعد شمولي ومندمج، لهدف وضع استراتيجية للتنمية المستدامة للمناطق المنجمية ومحيطها بالجنوب الشرقي عامة، ولتشخيص الوضعية بالمناطق المنجمية ومحيطها، وتحديد المحاور الاستراتيجية والأنشطة الكبرى وبرمجة مخطط إجراي، لضمان تنمية مستدامة بالمناطق المنجمية ومحيطها خاصة. انتظم اللقاء في ثلاث محطات أولها الجلسة الافتتاحية، وثانيها الجلسة العامة لتقديم عروض نموذج تؤطر مجال الممارسة، وثالثها عقد ثلاثة أوراش للدرس والبحث والتأمل في علاقة المناجم بمحيطها الطبيعي والجغرافي، من حيث الوقع الذي تتركه على الطبيعة والبيئة والإنسان في بعده السوسيولوجي والثقافي. انتظمت الجلسة الافتتاحية في أربع كلمات، كلمة النسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية بزاكورة، وكلمة السيد عامل إقليم زاكورة، وكلمة مجموعة مناجم ، وكلمة منتدى بدائل المغرب. بعد الترحيب أعطي الانطلاق للقاء بكلمة السيد عبد الرحيم شهيد رئيس النسيج الجمعوي للتنمية والديموقراطية، أشار في مستهلها إلى أن مدينة زاكورة كانت دائما في موعد انطلاق الديناميات، وذكر بالأنشطة واللقاءات التي شارك فيها النسيج الجمعوي للتنمية والديمقراطية، مند 2004، الذي تزامن وانعقاد اللقاء الأول لجبر الضرر الجماعي بأكذز بحضور المرحوم إدريس بنزكري، مرورا بالنقاش حول الجهوية المتقدمة، بما هي الخيار الأفضل، كما وصفه تقرير الجهوية الموسعة الصادر في 11مارس 2011، بأنه لا يقدر بثمن ووصولا إلى الاقتراحات المقدمة لتعديل الدستور الجديد. وقبل الوقوف عند لقاء يومها الجمعة 20 أبريل 2012، خال السيد عبد الرحيم شهيد أن التذكر بهذه المحطة ليس من أجل المعرفة بل من أجل بيان أن مدينة زاكورة الغراء تبدو في شخص النسيج الجمعوي المعنوي مصرة على الانخراط في قضايا الديموقراطية والعدالة الانتقالية والتنمية. وعن اللقاء ذكر أنه ينعقد في ظرفية خاصة تهم التغيرات السياسية التي عرفتها المنطقة المغاربية والأزمة الاقتصادية العالمية وكذا الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها المدن المغربية بموازاة الاحتجاجات التي اشتعلت في المناطق المحيطة بالمناجم. وخلص إلى ضرورة وضع الجميع أمام مسؤولياتهم لتأطير المواطنين ولعب دور الوساطة الاجتماعية، والمرافعة البناءة والوساطة التي يقوم بها المجتمع المدني في أفق رسم سياسة شفافة تبتعد عن الطابع الخيري وتلبس اللباس الحقوقي، وتروم تحقيق مقاربة تنموية مندمجة باعتبار التنمية حق من الحقوق التي تكفلها المواثيق القانونية الدولية. ووقف عند الدور الذي يمكن أن يقوم به كل الشركاء، منوها بمشاركة مناجم في هذا اللقاء ومنتدى بدائل المغرب. ولم يخف أنه واثق من أن هذا اللقاء المفتوح على جميع المقترحات، وعلى انتظارات الجميع وخصوصا ساكنة المحيطة بالمناجم، يشكل بداية المسير، وهي بداية حسنة بالطبع كما تبين في كل الشهادات. وأما السيد عامل إقليم زاكورة فبعد الترحيب بالضيوف بمدينة زاكورة ووصل الشكر الخاص لمدير شركة مناجم، ذكر أن هذا اللقاء هادف في البحث عن استراتيجية لتنمية مستدامة بالمناطق المنجمية ومحيطها مما يحق نعته بنضج الوعي بأهمية هذه المناطق. ذلك أن الاستغلال المنجمي بمنطقة زاكورة يعاني من ازدواجية الاستغلال في القطاعين التقليدي والعصري، لكنه يساهم في اقتصاد المنطقة رغم مفعولاته السلبية على البيئة وسرد للاستشهاد إحصائيات ذات علاقة بالاستغلاليات المنجمية بإقليم زاكورة مشيرا إلى أن عدد رخص الاستغلال التقليدي بمدينة بلغ 21 رخصة. واستحضر أيضا الأدوار التي من اللازم أن تقوم بها هذه الاستغلالية في التنمية المحلية بشراكة مع جميع الفاعلين، وخصوصا المجتمع المدني نظرا لدوره الفعال في تأطير الساكنة وتفعيل السلم الاجتماعي، وفي بلورة تصورات طموحة ومتقدمة. وأما الهدف من اللقاء فيكمن، في زعم السيد العامل، في ملامسة المفعولات غير المرغوب فيها، أيضا، لتعميق النقاش فيها والبحث عن حلول لائقة لها. وكانت السلطة الإقليمية، حسب تصريحه، أنشأت لجنة لتتبع الاستغلال المنجمي بإقليم زاكورة، تعتمد في عملها على ما حوته النصوص التشريعية والتنظيمية في هذا الشأن. وحسب السيد العامل التواصل بين الأطراف المستغلة ومحيطها مفيدا من أجل الوصول إلى حلول ملائمة لجميع الأطراف. ودعا إلى عدم الركوب على بعض التناقضات. ولم يغفل عن الذكر بالتنويه بالمجهودات التي تقوم بها شركات الاستغلال المعدني، وتبين من أن فتح قنوات للتواصل بين شركات المناجم وساكنة المناطق المحيطة بها ضروري للغاية. لكن كل ذلك لا يستقيم ما لم يلتزم الجميع بروح المسؤولية خلال النقاشات ووضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار. وذكر الرئيس المدير العام لشركة مناجم الذي أجذل بحضوره بمدينة زاكورة الغراء في هذه المناسبة، أن الموضوع كان يشغل باب الجميع، وأن حضور مجموعة مناجم ومشاركتها كان لتثمين اللقاء، وليترجم إرادة المجموعة للرفع من حياة الساكنة، لأنها -المجموعة- واثقة من أنه يساعد على تحسيس الشركات لتحسين آدائها والرفع من نجاعته، علما أن المشاريع التي تهدف المجموعة إلى إنجازها تهدف إلى التنمية المستدامة إن على الصعيد المحلي أو الوطني. وأنها قطعت على نفسها نهج أحسن السبل للعمل بقصد أكثر سلامة. ولم يغفل السيد المدير التذكير بأن النشاط المنجمي وسيلة للتنمية والنمو الاجتماعي والبشري، وأنه سيساهم في إحداث البنيات، وإنشاء مؤسسات الخدمات الاجتماعية كالمستوصفات والمدارس، وخلق أنشطة اجتماعية بمحيطه، وفك العزلة على المناطق النائية، وبناء الأحياء السكنية في تجربة تمتد لأكثر من 80 سنة . فالعمل المنجمي، فوق ذلك، محور أساسي في النمو الاجتماعي وله دور على العمران عبر التاريخ. وقد مكن حضور المجموعة في المنطقة من خلق 3000 فرصة عمل ودفع قدر هائل من المستحقات الضريبية، وخصصت مبالغ هامة في الاستكشافات المعدنية، وفي الصناعة الاستخراجية. ورأى السيد المدير أن إقرار سياسة استباق تتلاءم والحفاظ على البيئة هاجس أساسي حاضر في اهتمام المجموعة. وذكر أن وضع نظام التدبير البيئي سيكون ذا آثار سيحترم المعايير العالمية. ولقد مكنت المجموعة مهاراتها من النهوض بالتنمية. فهي بصدد معالجة النفايات الصناعية منذ 70 سنة، ودأبت في الاشتغال في برنامج يروم تحسين ظروف السكان بتعبئة موارد مالية هائلة، ولا تفتأ تنهض بالتعليم، وتجهز النقط العمرانية بمحيط المناجم بالماء الشروب، وتوسع مجال التغطية الكهربائية، ولم تغفل النهوض بأوضاع المرأة القروية، وبالأنشطة الثقافية والرياضية، وتمكن السكان على الدوام من الولوج إلى الخدمات الصحية. وخلص السيد المدير إلى أنه من واجب الكل ابتكار أنظمة جديدة لتحقيق التنمية. وعاد إلى اللقاء ليبين أنه سيتيح الفرصة لإثراء تجارب المجموعة في التنمية المستدامة، ويهدف إلى إيجاد الحلول ووضع استراتيجيات لتحسين الخدمات الاجتماعية. وفي كلمة السيدة رئيسة منتدى بدائل المغرب، حورية إسلامي، رؤية تطبعها الدقة، أكثر دقة حيث ركزت على الظرفية الوطنية خصوصا بالمدن حيث لوحظ في وقت متأخر تنامي المطالب الاجتماعية للساكنة، في ظل التحولات التي عرفها المغرب، لما أقدم على إجراء بعض الإصلاحات من ذلك توسيع الحريات العامة والحقوق التي كرسها الدستور الجديد. وأشارت إلى أن المنتديات الاجتماعية، المنتدى الاجتماعي المحلي، المنتدى الاجتماعي المغاربي، المنتدى الاجتماعي الدولي، وسيلة تعمل على فتح نقاشات بديلة. وأن منتدى بدائل المغرب، بما هو قوة اقتراحية وتعبوية، انخرط في دينامية جديدة من أجل إيجاد حلول لبعض المشاكل بعيدا عن العنف، واعتماد التشارك. لذلك انخرط في النقاش مع الجمعيات والفاعلين الاجتماعيين والجماعاتين لإتمام الدور الموكول لبعض الأطراف في تقديم اقتراحات كان آخرها المذكرة المطلبية لإصلاح الدستور. ولا غرو، فالدستور الجديد اعترف بالتطور كقيمة مضافة وخالت أن الحقوق الجماعية قد تعقد وضعها، وأصبح منذرا ولما لا فهي معضلة تضع تحديات كبرى أمام الجميع مما يستدعي التفكير في مقاربة مندمجة وعدم الأخذ بالمقاربات الخيرية كما سلفت إليه الإشارة. لذلك لا بد من الاستجابة لمطالب السكان بعيدا عن العنف والإكراه. فالحلول البناءة القائمة على التواصل هي المجدية. وأما مشاركة منتدى بدائل المغرب في هذا اللقاء فيندرج في إطار سياسة المنتدى والتي تتبنى المقاربة التشاركية، فوق أن المنتدى يساهم دوما في بناء السلم الاجتماعي، ويعمل على فتح قنوات للحوار مع جميع الفاعلين ولعب دور الوساطة الاجتماعية، لكن هذه الوساطة الاجتماعية لا تلغي دور المؤسسات للاختصاص. وأما الجلسة العامة الأولى برئاسة السيد لكبير اوحجو، فقد انتظمت في المداخلات التالية: - مجموعة مناجم فاعل في التنمية السوسيواقتصادية المحلية : حصيلة وأفاق. من تقديم الأستاذين محمد الشراط وكمال فهمي - مداخلة "الفضاء المنجمي " "غنى ألذاكرة "المسؤولية المجتمعية" من تقديم الأستاذ محمد خويا - مداخلة الحركات الاجتماعية والاحتجاجية بالمحيط المنجمي من تقديم الأستاذ كمال الحبيب. ذكر مسير الجلسة أن مدينة زاكورة شهدت (إطلاق مجموعة من المبادرات على الصعيد الوطني سواء تعلق الأمر بإعداد التراب، أو حول الماء، أو حول جبر الضرر الجماعي، ثم الجهوية الموسعة، ثم تعديل الدستور)، وتشهد في بحر أبريل 2012 مبادرة كبرى تكمن في إثراء الحوار الوطني حول المسالة المنجمية. ومما يميز هذه المبادرة أنها أقحمت فاعلين جددا كمجموعة مناجم. ففي مداخلة هذه المجموعة التي ألقاها الأستاذان محمد الشراط وكمال فهمي تحت عنوان «مجموعة مناجم فاعل في التنمية السوسيو اقتصادية المحلية :حصيلة وأفاق» التعريف بالشراكة ضمن شريط يلخص أهم المنجزات والمشاريع التي قامت بها مجموعة مناجم في منطقة كماسة المنجمية بنواحي مراكش. ولقد ركز الشريط على الأنشطة الاجتماعية في الجانب التربوي، من ذلك مقاومة الهذر المدرسي وتشجيع تمدرس الفتاة، من خلال توزيع اللوازم المدرسية وبناء دار الطالبة وتوزيع الدراجات العادية (17 دراجة)، والاهتمام بالبنية التحتية من خلال شق الطرق والتزود بالكهرباء وتوفير الماء الصالح للشرب، ودعم المشاريع المدرة للدخل وتقويتها في الجوانب الصحية والحقوقية والاجتماعية، ومحو الأمية والتحسيس في مجال الصحة، صحة المرأة على وجه الخصوص، ودمج الجمعيات، جمعية الأمل للتربية والتخييم نموذجا، وعقد اتفاقية الشراكة مع الجماعات المحلية. وبعد عرض الشريط انكب العارض لمداخلة على التعريف بمجموعة مناجم بما هي مجموعة دولية عريقة اشتغلت منذ 80 سنة، ويعود تواجدها ببلدان أفريقيا إلى ما قبل 15 سنة، وأنها جندت حوالي 7700 عامل ومستخدم. وتناول العرض كذلك معلومات حول أنشطتها، ومجال عملها داخل المغرب وفي افريقيا، وعرض معلومات مستفيضة حول عدد الباحثين والعمال داخل المجموعة وتحديد استراتيجية مجموعة مناجم، والتي يمكن تحديدها في جودة المنتوج، وخبرة اليد العاملة وأطر الشركة، والانفتاح في المجال الدولي في الشركة. ذلك أنها اكتشفت مناجم جديدة وتشغل 115 عالما جيولوجيا، وتنتج حوالي 12 منتوجا يسوق في 15 بلدا في العالم. وذكر السارد أيضا بالعناصر المهمة التي تقوي السياسة الشمولية للشركة والتي حددتها في الاستثمار في مشاريع جديدة، والقيام بالوساطة والشراكة في المشاريع داخل المغرب وخارجه، والاهتمام بالكفاءات الوطنية، والتنقيب المستمر عن المعادن، وإنشاء مركز للبحث يشغل حوالي 50 باحثا. وتتوفر المجموعة على سبع شركات داخل المغرب وخمسة خارجه. وعرضت في المداخلة خريطة مناطق تواجد مجموعة مناجم داخل المغرب، وأفريقيا. وذكر أنها تستثمر 250 مليون درهما في السنة ابتغاء اكتشاف أماكن منجمية جديدة، واستثمرت 350 مليون درهم في البنية التحتية المنجمية. ولم يغفل في العرض تحديد المشاريع المستقبلية للشركة على المدى المتوسط والبعيد داخل المغرب وخارجه، وتحديد رؤية مجموعة مناجم للتنمية المستدامة، والتي من دعائمها اعتبار العنصر البشري في قلب اهتمام الشركة من خلال استمرار المناجم والحفاظ على البيئة واحترام حقوق الإنسان، والحفاظ على الصحة والنظافة للعمال، والحفاظ على البيئة في عقلنة استعمال الماء والكهرباء، والمساهمة في تطوير الساكنة التي تحيط بالمناجم. وفي هذا الإطار وُقع على ميثاق التنمية المستدامة الذي يحوي 10 مبادئ، من ذلك تحسين صحة المستخدمين وسلامتهم، واحترام الأجور، والمساهمة في التنمية الاقتصادية للمناطق التي تشتغل فيها المجموعة، والحفاظ على التنوع البيئي، والبحث عن استعمال النفايات وغير ذلك وإعادة استعمالها. إن أي قرار تتخذه المجموعة يستحضر في الغالب مبادئ التنمية المستدامة في ما يخص الصحة والسلامة. وفي العرض حديث عن إنجازات مجموعة مناجم في مجالات الصحة، والسلامة، لتوفرها على طبيب الشغل والممرضين. وفي مجال البيئة هناك مركز البحث الذي يقع مقره بمراكش، وقد سلفت إليه الإشارة. وذكرت في العرض أهمية المسؤولية الاجتماعية حيث استفاد حوالي 250 عاملا من برنامج محو الأمية، فضلا عن مساعدة العمال في اقتناء المنازل أو بنائها وتمتيعهم بالحق في التغطية الصحية. وهناك خمس محاور للمسؤولية الاجتماعية يفيدنا ذكرها: - النهوض بالمرأة القروية، واقتناء مواد أولية لتنمية دخل النساء، كما عرض في الشريط،، وتنظيم معرض بالبيضاء لبعض المنتوجات النسائية، ودعم مقرات الجمعيات النسائية. - النهوض بالتربية للجميع، وفي هذا الصدد وزعت المجموعة الأدوات المدرسية وجهزت قاعات الدرس، ونظمت دروسا بدار الطالبة. - تسهيل الولوج إلى الخدمات الأساسية بتوسيع الخطارات، والبحث عن موارد الماء بشق الآبار، وكهربة النقط العمرانية بالوسط القروي، وتشييد المساجد. - تسهيل الولوج إلى الرعاية والعلاج بتنظيم القافلات الطبي، وتنظيم عملية الإعذار الجماعية، وفتح المستوصفات المشيدة بالمحيطات المنجمية أمام السكان. - النهوض بالأنشطة الثقافية والرياضية، بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة. ولم يغفل في الحديث عن الجوائز التي حصلت عليها الشركة من خلال أنشطتها المنجمية، والمجتمعية، ومن بين هذه الجوائز منظومة الجودة في الجانب البيئي والسلامة،المسؤولية الاجتماعية (أحسن شركة للابتكار)، وجائزة المقاولات بالمغرب. وفي المداخلة الثانية، (الفضاء المنجمي، غنى الذاكرة، المسؤولية المجتمعية) بيان ثلاث محاور، غنى الذاكرة، والمسؤولية الاجتماعية المتعددة التي عرفها المحيط المنجمي ، واستعراض بعض التجارب الدولية. عرضها أحد الجمعويين الثقاة السيد محمد خويا، دون أن يغفل الوقوف عند بعض التجارب الدولية. ذلك أن الأوروبيين اهتموا بالمنطقة منذ ما قبل 1888 فنظموا رحلات جغرافية استكشافية، نظرا للغنى الجيولوجي للمنطقة. وأشار إلى أنه لم يتمكنوا من اكتشاف المناطق الكائنة بجنوب الأطلس الكبير إلا بعد جهد جهيد نظرا للظرف السياسي والقبلي التي تعيشه هذه المناطق. وقد قسم المسار الذي قطعته الاكتشافات الجغرافية والمنجمية للمنطقة، إلى فترة ما قبل 1888، وفترة ما بعد 1888 كما ذكر بأسماء أهم الرحالة الأوروبيين وجنسياتهم وكلهم تسابقوا إلى دراسة المنطقة. وأما الاهتمام بمنطقة إيميني فكان أقوى لذلك قدم نبذة تاريخية لأهم مناجم الجنوب الشرقي: مثل مناجم إميني، ومناجم بوازار، ومناجم تويتين، ومنجم مفيس الطاوس ومنجم اميضر. وبصدد مناجم إيميني يقول إنها ولدت مع عمل شركة حديد (Hadid) وموكا (Moka) لاستخراج الحديد، ولقد ساهمت الشركة في إنشاء مكتب الأبحاث والمساهمة المعدنية بالمغرب، وهي من المساهمين في عدة مناجم كفوسفاط قفصة سنة 1886، والحديد بروسيا سنة 1881. ويعود الاستغلال المكثف بالمنجم المذكور إلى قبيل الحرب العالمية الثانية. ولقد توفق السيد محمد خويا في الوقوف عند بعض المحطات الانتاجية أهمها أن الشركة أنتجت سنة 1957 حوالي 15800 طن أي حوالي 18،4 في المئة من الإنتاج العالمي. وذكر ببعض المنجزات التي صاحبت الصناعة الاستخراجية من ذلك إنجاز نفق من هضبة أوريكا، إلى منطقة الصور وتعبيد الطريق ما بين الطريق الوطنية رقم 9 ومنجم إيميني بوتزولت. وربط السيد محمد خويا بين الذاكرة والهوية الثقافية والاستغلال المنجمي مستشهدا بإحداث أول قاعة سينيمائية بالمنطقة. ولم يغفل الإشارة إلى مناجم بوزار، ومناجم بوسكور لاستخراج النحاس من لدن شركة تابعة لمجموعة أونا، ومنجم تيويين لاستخراج المنغنيز فتح سنة 1932، وأغلق سنة 1959، ومنجم مفيس الطاوس، ومنجم إيمضر الذي انطلق الاستغلال منه منذ القرن السابع الميلادي. وبعد الوقوف عند ذاكرة الاستغلال المنجمي بما هي ثروة وطنية ورأسمال يجب استثماره، انتقل إلى سرد مؤشرات الحركة الاجتماعية في ارتباطها بالذاكرة، وود ألا يفصل القول فيها لأن عرضا اقترح للغاية. ورأى السيد محمد خويا أن الفضاء المنجمي فضاء للتحولات، ذلك أن المنجم، بما هو فضاء للعمل المأجور، فإنه يؤثر على البنية الاجتماعية والثقافية السائدة أنذاك بإحداث تجمعات سكنية حديثة. وإن كل ذلك يغير الهوية الاقتصادية بظهور الدخل غير الزراعي، ويغير الهوية الإيكولوجية، والنظام الاجتماعي، لأن المنجم يقضي في الغالب على النظم التقليدية، وهو، فوق ذلك، فضاء للتحولات الثقافية، فضلا عن كون المحيطات المنجمية تعرف تمدرسا مبكرا. وخلص السيد محمد خويا إلى ضرورة الاهتمام بالذاكرة المنجمية. ومن جانب آخر، بسط في المحور الأخير المسؤولية الاجتماعية علما أنها ذات أبعاد متعددة، الفاعل الاقتصادي، والعمال، ومعطى السكان بالمنطقة المنجمية. ولاشك أنه بدون هذه العوامل يتعذر الحديث عن التنمية المستدامة، مادامت هذه الأخيرة تنبني، بالدرجة الأولى، على تشخيص علمي وواقعي لمجموع علائق الفضاء المنجمي. وانتقل إلى حصر نقط القوة والضعف وكذا تحديد المسؤوليات باعتبارها وسيلة استراتيجية لا ظرفية للتوازن المبني على الشراكة التي تضمن مصالح جميع الأطراف، كما أنها تمثل حكامة متعددة. وود السيد محمد خويا أن يسرد مجموعة من التجارب والقرارات الدولية كقرار الأممالمتحدة رقم 218/58/17 القاضي بإعطاء الصلاحية للجان الجهوية للتنسيق مع لجنة الأممالمتحدة للتنمية المستدامة والحكومات لعقد اجتماعات حول التنمية المستدامة. ولم ينس الحديث عن المجلس الدوري للمناجم (ICMM)، دون أن يفصل القول في الميثاق الذي سلفت إليه الإشارة في المداخلة السابقة. وتناول كذلك تجربة إسكان العمال من لدن شركة نيو ماونت (New Mount) بغانا، لما أقدمت على تشييد المدينة المنجمية وذلك بالتشاور مع السكان الأصليين تجنبا للنزاعات وتثبيتا للثقة. ولقد قامت الشركة في هذا الصدد بدراسة ثقافة السكان الأصليين لفهم طبائعهم. خلاصة القول، كل فضاء منجمي هو مجال فريد من حيث خصوصياته السوسيوثقافية، وهو بنية تلتقي فيه الحكامة التقنية والحكامة المحلية، ومستوى الوعي والنضج في ارتباطه بالمسؤولية الاجتماعية، بما هي متعددة. لذلك يجب أخذ كل ذلك بعين الاعتبار. ولا شك أن استدامة المنجم لا يحقق إلا بمساهمة جميع الفاعلين في التنمية المستدامة. إن ما ينبغي التركيز عليه في عرض السيد محمد خويا القضايا التالية: - مؤشرات الحركات الاجتماعية وأهميتها في ارتباطها بالذاكرة، والتي تتجلى في ظهور أول نواة نقابية لمنجم اميني في نهاية أربعينات القرن الماضي، وتأسيس خلايا للمقاومة ضد الاستعمار في الخمسينات، فضلا عن الصيت الوطني والدولي للحركات الاجتماعية المنجمية. - الفضاء المنجمي فضاء للتحولات الاجتماعية والتي تتجلى في العمل المأجور وإنشاء تجمعات سكانية، وإحداث تغييرات مورفولوجية وأركولوجية وتغير جدري في الهوية الاقتصادية والارتباط بالمنجم. - الفضاء المنجمي مجال للتحولات الثقافية منها ثقافة المنجم والاستفادة المبكرة من التمدرس والسكن بالقرية المنجمية. - المسؤولية المجتمعية داخل المنجم تتفاعل فيها خمس عناصر، وهي الفاعل الاقتصادي، والعمال، والتنمية المستدامة، وسكان المنطقة المنجمية، والحكامة المحلية. - لتحقيق المسؤولية المجتمعية، لابد من، تشخيص علمي واقعي لمجموع علائق الفضاء المنجمي، والمسؤولية الاجتماعية للمقاولة، واعتبار المسؤولية المجتمعية والاجتماعية وسيلة استراتيجية لا ظرفية للتوازن المبني على الشراكة التي تضمن مصالح الأطراف جميعها. - إصدار مدونة منجمية موحدة ترتكز على المقاربة التشاركية والتنمية السوسيواقتصادية. - تأسيس المجلس الدولي للمناجم والمعادن الذي يضم عددا من الشركات التي تباشر الاستغلال المعدني في العالم. - وضع ميثاق استراتيجي للتنمية في مجال حقوق الإنسان. - الفضاء المنجمي فضاء فريد من حيث الخصوصيات الثقافية، وبنية الحكامة التقنية، وبنية الحكامة المحلية، ومستوى النضج والوعي في ارتباطه بالمسؤولية الاجتماعية. - استدامة المنجم يحقق عبر مساهمة جميع الفاعلين في التنمية المستدامة في ثالوتها: النجاعة الاقتصادية ، الرفاه الاجتماعي والمحافظة على البيئة. المداخلة الثالثة: الحركات الاجتماعية والاحتجاجية بالمحيط المنجمي انطلق المتدخل الأستاذ كمال لحبيب من معطيات المداخلة الأولى وقارنها بمعطيات المداخلة الثانية ، وتساءل عن مكمن الخلل وطرح سؤالا مركبا مهما: - هل الشركة لم تلب جميع الحاجيات وانشغالات الساكنة أم أن الساكنة تطالب بأشياء صعب تحقيقها؟ أشار إلى أن في سنة 2008 عرفت الحركات الاجتماعية تطورا وتسارعت وتيرتها إلى الوصول إلى أحداث قفصة بتونس. دون أن يغفل الحديث عن بولونيا ومصر والمكسيك. فالأزمة العالمية هي المؤثرة على هذه الحركات. فهناك أزمة قوية مرتبطة بالنظام الاقتصادي، والذي يتنافى مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وهناك بعض الملاحظات مفادها: - أن الحركات الاجتماعية بالمغرب غير منتظمة وغير مؤطرة من طرف النقابات والأحزاب. فكيف يمكن دمج هذه الفئات خارج الأحزاب والنقابات؟ - العلاقة مع الدولة تستدعي إعادة النظر في التدبير السياسي في البلاد، والدولة مدعوة لإعادة النظر في نهجها العام داخل البلاد، في إطار العلاقة مع الساكنة، وما يتعلق بالجهوية. (فالأرقام التي نراها تقدر بالملايير وهي تعكس خيرات وافرة يمكن أن تؤسس لتطور اقتصادي للمنطقة). وبعبارة أخرى، كيف يمكن الحديث عن التدبير وملايير تصرف، ورغم ذلك نلاحظ انتشار الفقر؟ يجب التضامن بين الجهات، (إذ لا يعقل اليوم والدولة همها الأساسي يفرض نهج السياسة الإنتاجية لكنها غير قادرة على حل بعض الإشكالات، في ظل احترام حقوق الإنسان، كرامة الفرد، وكرامته، والحقوق الاقتصادية. كل هذه العناصر تستلزم من الدولة تغيير أسلوبها لمعالجة هذه المشاكل وإعمال هذه الحقوق). - استحضار العلاقة بين الأصيل والدخيل (إشكال إثنوغرافي). وفي هذا الصدد حسب أن من بين أسباب الاحتجاجات في المناطق المنجمية ما يعود في جانب أساسي، الى الهوية الأمازيغية التي لم تحترم. ولا شك أن عدم الاعتراف السياسي بهذا المكون الأساسي من مكونات الهوية المغربية سيؤثر سلبا على التعايش بين الأطراف. وفوق ذلك فالبحث عن حلول لهذه الاحتجاجات، وعدم تبني الوساطة الاجتماعية كحل لمشكل النزاعات، بالرغم من فعاليتها في الدارالبيضاء بعد ظهور مشكل السكن، يجعل المشكل يتعمق بسرعة. وبعد ذلك عرج الأستاذ كمال لحبيب إلى طرح السؤال التالي، كيف يمكن معالجة الوضع بشكل استباقي قبل حلول الأزمة؟ (لقد كنا نتنبأ بانفجار أكبر ولم نفعل أي شيء). وأضاف أنه (لا يعقل احتلال المؤسسات الاجتماعية. إننا مع حوار مفتوح وقابل لحل النزاعات في ظل حركات سلمية خدمة لمصلحة البلاد، كتشغيل الشباب بالمنطقة وعلى الصعيد الوطني أيضا). هنالك استشهد بما قالته الأستاذة حورية إسلامي في مداخلتها حول الوساطة. فالوساطة لم تستطع حل النزاعات الفورية خاصة في منطقة الجنوب الشرقي وبمدينة خريبكة وبوعرفة وتازة. وعلينا أن نجند الأسلوب الناجع لاحترام المؤسسات الاجتماعية. نحن على كامل الاستعداد لتنمية وساطة المجلس الوطني لحقوق الإنسان). وكيف يمكن وضع برنامج للتنمية بالمحافظة على الذاكرة؟ (يجب التذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان يشتغل على هذا الموضوع). هذه العناصر تطرح كل ما يتعلق بالمبادئ الأساسية: - المغرب تقدم في الاعتراف بمبادئ حقوق الإنسان. - كل الحركات السياسية ترفع شعار جوهريا كرامة الإنسان. - أن التقدم الذي حصل في المغرب في المجال الحقوقي يجعل من غير المعقول أن يكون على رأس مؤسسة اجتماعية واقتصادية أو حكومية شخص لا يحترم كرامة ولا يعترف بحقوق الإنسان. وانتقل السيد لحبيب كمال إلى طرح سؤال آخر، كيف يمكن إعادة الثقة بين الأطراف وعلى السلطات المحلية والمنتخبين المحليين؟ (ليست هناك مشاركة سياسية قوية تعطي الشرعية للمؤسسات المنتخبة. ذلك أن حوالي 8 ملايين مواطن غير مسجلين في اللوائح الانتخابية. (يجب البحث عن أسلوب لإعادة الثقة بين هذه المؤسسات. يجب الوقوف عند إجراءات استعجالية ولو رمزية. ويجب من أجل وضع المخطط التنموي الجهوي، أن نلتزم به جميعا. وأن انخراطنا قبل ذلك في وضع هذا المخطط، وذلك بتخصيص جزء من أرباح المناجم لتنمية المنطقة. وإنه من المفيد الخروج بأليات للتتبع، لكي تكون ندوتنا ذات جدوى وفائدة. ولا بد من تكثيف الجهود لتنمية المنطقة وبناء الديموقراطية)، وللحصول على تنمية كاملة وشاملة يجب الانطلاق من المحلي إلى الإقليمي إلى الجهوي ثم إلى الوطني. ومما ورد في مداخلة الذين ناقشوا عروض الجلسة العامة بعد الفراغ من إلقاء العروض المدرجة فيها أن «مجموعة مناجم أعطت صورة وردية لواقع المناجم بالمغرب، لكن الواقع عكس ذلك سواء بالبليدة أو إيمضر أو بوازار،حيث يسجل غياب البنيات التحتية وانتشار التلوث، وسرقة مياه الشرب بإيمضر»، وأن «المقاربات المستعملة من لدن الدولة للتعامل مع الاحتجاجات والقمع والعنف، غير مجدية، وهذا يستدعي التفكير في مقاربات جديدة تهتم باحترام الشعب». وطالب أحدهم الجهات المعنية «بإيفاد لجنة تفتيش وافتحاص للوقوف على التهميش الذي يعاني منه سكان منطقة بوازار والبليدة»، كما دعا الصحافة أن تتطوع لزيارة موقعي البليدة وبوازار لإنجاز تحقيقات قد تفيد في إنشاء رأي عام متعاطف مع الوضع المعيش هناك. واقترحت ضمن المداخلات «مأسسة التنمية التي تقوم بها مجموعة مناجم من أجل تحديد المسؤليات والمحاسبة» ودعي «إلى البحث عن الحلول والتفكير في المستقبل». ومن المتدخلين من أبرز«الجوانب الإيجابية لمجموعة مناجم من بينها تشغيل الشباب خاصة في منطقة بوازار وتسلا». لكن أحدهم استدرك فبين أن «الإحصائيات التي قدمها متدخل ينتمي إلى مجموعة مناجم في الجانب الذي يخص محو الأمية تبين أن عدد المستفيدين ضئيل للغاية، 250 مستفيدة سنة 2011! »، علما أن « المدخل الحقيقي للحل يكمن في الاهتمام بالإنسان»، ويكمن أيضا في «الحفاظ على الثروات للأجيال المستقبلية وعدم استنزافها» بشكل مهول. وقدر أحد المتدخلين اليومين الدراسيين وميزهما بأنهما مهمان للغاية لفتحهما فرصة لمجموعة مناجم للوقوف على المشاكل الحقيقية للساكنة المحيطة بالمناجم، لكن الآخر، اقترح تنظيم لقاءات أخرى تنصب حول المسألة المنجمية في الأقاليم الأخرى للمنطقة الجنوبيةالشرقية، وهي في الغالب ورزازات، وتينغير وزاكورة، والرشيدية. ومحض أحد المتدخلين النصح للمشاركين بمناداتهم إلى الانخراط في «الدعوة إلى الدخول في الشراكات بمعزل عن العنف وإزالة منطق الاستعداء». علما أنه من الثابت «تحميل الدولة المغربية مسؤولية تهميش مناطق الجنوب الشرقي، والحال أن التنمية من مسؤوليتها، والمطالبة برفع الضرر الجماعي لهذه المناطق»، حيث تبين أن منجم إيمضر استثني من التنمية المستدامة الاهتمام. لذلك وجب الاعتناء «بالبنية التحتية»، واقتراح «تخصيص نسبة محددة للجماعات المحلية التي يتواجد بها المنجم»، و«إحداث مصانع لتصفية المعادن وخلق صناعات منجمية»، و« خلق منتدى اجتماعي خاص بمنطقة الجنوب الشرقي». ومما أثير أيضا في المداخلات، المناجم المنسية ووجوب استحضارها في اللقاء تجنبا للإقصاء المقصود، و«تفعيل الالتزامات مع الساكنة لإرجاع الثقة بينها وبين الشركات المستغلة»، والانطلاق من رؤية جديدة لبناء الوطن. وعرج بعضهم إلى «الحديث عن مصير مطالب 1996 التي تنادي بحق سكان إيمضر- في الثروة- ولم يتم الإجابة لها لحد الآن»، كما أن الشركة خرقت مقتضيات قانون الماء رقم 10 بإيمضر. وانفعلت ردود أصحاب العروض والمداخلات في الجلسة العامة مع التعقيبات والملاحظات، مستحسنة ضرورة «الاستماع إلى المطالب وتكوين شراكات على المدى المتوسط والبعيد وإشراك الفاعلين». واستدرك ممثل مجموعة مناجم بالإشارة إلى أن ما عرضه من إحصائيات ترتبط بالسنة المدنية 2011 ، وهي على سبيل الاستشهاد فقط، وأما ما يخص إنجازات الشركة نتائجها في السنوات الأخرى فلم تدرج في عرضه. وبموازاة ذلك ركز في المداخلة على الأنشطة الاجتماعية التي تقوم بها الشراكة لفائدة الساكنة المحيطة بالمناجم ولم يتم التطرق إلى كل الأنشطة الاجتماعية التي تقوم بها الشركة لفائدة العمال والمستخدمين وعائلاتهم. فالذي يهم المناسبة بسط مقال يحوي مؤشرات، ذات قاسم مشترك يثبت الاهتمام بهوية المناجم. لكن ذلك لم يمنع من الإفصاح أن ما تقوم به مجموعة مناجم في الجانب الاجتماعي غير كاف. وأشار إلى توقيع أكثر من 10 اتفاقيات شراكة بمنطقة بوزار البليدة مع المجتمع المدني. وفوق ذلك فالمجموعة تقوم بدراسة بيئة المشروع قبل الشروع في استغلال المنجم. ولم ينكر ما ذكر أكثر من مرة من أن مسؤولية الدولة ثابتة في شبكة العلاقات المحيطة بالاستغلال المنجمي. وورد في تعقيبات أخرى ضرورة الدعوة إلى إحداث لجنة تقنية للبحث عن آثار المنجم على البيئة والسكان، والتنبيه إلى عدم الخلط بين مسؤولية مؤسسة تسعى إلى الربح ومسؤولية الدولة حول التنمية. وفي جميع الأحوال لامناص من الإقرار بضرورة الوفاء بالالتزامات لإرجاع الثقة، وبلورة بدائل من أجل تنمية مستدامة. ولقد توفقت الجلسة العامة الأولى التي عقبت الافتتاح من رسم الخطوط العريضة لمجال ممارسة الأوراش الثلاثة . وتنبغي الإشارة إلى أنها في حاجة إلى تمييز وتمحيص لكي تكون قابلة للتناول والاستثمار. لكن ذلك لا يمنع من إلقاء بعض الأضواء على خطوطها العريضة تنويرا للقراء الكرام والمهتمين بشأن جهة الجنوب الشرقي. شارك في ورشة التواصل والشراكات، حوالي 40 فردا من مشارب مختلفة تهم الساكنة ومجموعة مناجم والسلطة المحلية والنقابات وجمعيات المجتمع المدني والمصالح الخارجية، واعتمدت مبادئ العمل المعتادة في الأوراش ومنهجية تحترم حرية الرأي. استقر رأي المشاركين فيها على تنظيم جلسة عامة تشكل منطلق العمل ومجموعات صغيرة فرعية. وانقطع لتأطير الورشة السيدان أحمد توفيق الزينبي ومولاي أحمد العمراني وهما اللذان سطرا هدفين مترابطين ومتكاملين، أولهما تشخيص وضعية الشركات والتواصل بالمناطق المنجمية ومحيطها، وثانيهما بناء مخطط عمل في مجال الشراكات والتواصل. ولبلوغ هذه الغاية شخصت الوضعية الراهنة للتواصل والشراكات ببيان نقط القوة، ونقط الضعف لكل عنصر من العناصر المستخلصة – أو المفترض استخلاصها- في الحقل الذي حددته عروض الجلسة العامة الأولى. فمن العناصر التي وقف عندها المشاركون بتشخيص ما ضعف منها وما تقوى في الواقع، أهداف التواصل، والأطراف المتواصلة، وقنوات التواصل ووسائله، ولغات التواصل والانتظامية، ومواضيع التواصل والولوج إلى المعلومة، وأثر التواصل في تسيير علاقات المعنيين، وقدرات الساهرين على تدبير عمليات التواصل، وأهداف الشراكات وطبيعة الشركاء وأدوارهم، وإشراك الساكنة وانخراطهم في صياغة وتدبير الشراكات، واستقلالية الشركاء المالية والتقديرية وقدرة المتعاقدين على تدبير الشراكات وتحقيق أهدافها، والحكامة ( أو شفافية الشراكات وأثرها على الساكنة). ومما خلصت إليه نتائج عملية التشخيص المرتبطة بالمحاور السالف ذكرها، حصر الأطراف المتواصلة في شركة مناجم، والجماعات المحلية، والسلطة المحلية، وجمعيات المجتمع المدني، وساكنة المحيط المنجمي. وحصر عدد الشراكات في 21 شراكة بمحور بوازار والبليدة، 17 منها موقعة، و4 في طور التوقيع، وهي عبارة عن اتفاقيات إطار يجري تنفيذها عبر ملاحق خاصة بمشاريع بعينها. وأما ما يتعلق بمنجم إيميضر «فإن الشراكة تكون إما مع العمال أو الجماعات أو مقاولات مناولة والجمعيات». وأما ما يخص «بوسكور وأم مجران فإن الاستغلال لازال في بدايته، ويرجى الاستفادة من التجارب السابقة لعقد شراكات وتفعيلها منذ البداية». وتجدر الإشارة إلى وجود تدخلات ظرفية غير مؤسساتية تهم جميع المناطق السالف ذكرها. وفصل المشاركون القول في العناصر المذكورة من حيث قوتها وضعفها. فكان التواصل أول محور تعرضه المجموعة مقررها. ويروم المشاركين في هذا المحور ضمان انتظامية التواصل باحترام دورية اللقاءات الحوارية وصدور منتظم للدعامات التواصلية، وذلك بمعالجة موضوع المساهمة في دعم أولويات الأطراف المشتغلة بالمنطقة، ووضع برنامج متفق عليه (الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، البيئة والثقافية)، في أفق تمكين المعنيين من المعلومة بتحديد قاعدة المعطيات ووضعها رهن إشارة المعنيين. وكانت نقط القوة الخاصة بالتواصل تتمثل في سواد تنوع على مستوى أطراف العملية التواصلية، وتتجلى في عقد جلسات حوارية مع الأطراف المعنية، ووجود موقع الأنترنيت خاص بمجموعة مناجم، وكذا أيضا في استعمال لغتين للتواصل العربية والفرنسية، وتوافر رسالة متنوعة (اقتصادية – اجتماعية –تنموية – ثقافية – رياضية ). وأما نقط الضعف الخاصة بالتواصل، وهي عدم الانسجام والتنسيق بين الأطراف المتدخلة، وهيمنة الحوارات الثنائية في الغالب مما ضيق من دائرة الحوار، والتواصل. وسجل كذلك محدودية قنوات التواصل، وعدم استغلال اللغة الأمازغية وتوظيفها، وغياب الانتظامية، واقتصار موقع الانترنيت لمجموعة مناجم على المواضيع الداخلية للمجموعة، ناهيك عن غياب آلية واضحة لتبادل المعلومات بين الأطراف، وعدم معرفة المواضيع الضرورية التي تعني كل طرف، فضلا عن صعوبة الولوج للمعلومة الثانوية/ الضرورية، وتباين قدرات المتدخلين من الناحية الفكرية والمادية والتقنية. وأما الفرص المتاحة في مجال التواصل فإن أهمها الدستور الجديد، بما هو ينص على الحق في الولوج إلى المعلومة، وإحداث وزارة تعنى بالمجتمع المدني [العلاقة مع المجتمع المدني]، وتوافر تكنولوجيا حديثة للتواصل والإعلام. وبالمقابل سجلت الورشة إكراهات خارجية خاصة بالتواصل، منها تضارب المصالح السياسية، وغياب قانون منظم للإضراب، وضعف الصحافة الجهوية، وهشاشة الاستقرار المؤسساتي، وعدم انخراط جميع الأطراف المعنية، ووصاية السلطات المركزية على الأطراف المحلية. وخلصت الورشة إلى وضع مقترح مخطط خاص بالتواصل يتطلب إنجازه تضافر جهود كل من مجموعة مناجم، والنقابات، والجماعات المحلية، والسلطات المحلية، والمصالح الخارجية، والجماعات السلالية، والجمعيات، وساكنة المنطقة المنجمية. ويستغرق المخطط المحاور والعمليات ومدد الإنجاز، أي ما ينجز في أمد قصير، أو متوسط، أو طويل. فمما يستدعي الإنجاز في المدى القصير جرد الأطراف المعنية بالتواصل، وتشكيل آلية للتنسيق، وتطوير القنوات الحالية للتواصل تضمن انتظامية الحوار، وتحسين الموقع الالكتروني. ولم يغفل المخطط تنويع وسائل التواصل بإحداث موقع اليكتروني خاص بجهة درعة تافيلالت، ودعم الصحافة الجهوية، والمساهمة في خلق جرائد محلية، وتنظيم أيام تواصلية. ومما يتطلب إنجازه وقتا متوسطا مداه المساهمة في إذاعة جهوية، وتنظيم منتديات تحسيسية جهوية تروم تنمية الوعي واستعمال اللغة الأمازيغية، ودعم قدرات الساهرين على تدبير عمليات التواصل بتنظيم دورات تكوينية حول التدبير، وتنشيط اللقاءات، وصياغة التقرير، وأخد الكلمة، وتوفير الوسائل اللوجستيكية. ومن بين نقط القوة الخاصة بالشراكة وجود شراكات بأهداف محددة ودقيقة ومتنوعة تروم فك العزلة، وتنصب حول المرأة القروية، وتنقطع للتربية والتكوين، والتنشيط الثقافي والرياضي. وتكمن قوة الشراكة في انخراط أطراف الشراكات وتنوعها، المجتمع المدني، والسكان، والجماعات، والمصالح الخارجية، وفي وجود بعض العناصر كإمكانية للتمويل والتأطير والخبرة والمصاحبة، ومخططات جماعية للتنمية وبرامج قطاعية، وموارد بشرية مؤهلة، ولجان القيادة، ودراسات استباقية وتشخيصية للوضع السوسيو- اقتصادي. وتكمن القوة، فضلا عن ذلك، في تراكم تجربة المجتمع المدني في تدبير المشاريع، وحسن تدبير الشراكات واستقلالية الأطراف وتكامل قدراتها، وأولويات محددة وبرامج عمل مسطرة، ومستوى عيش يتحسن بالتدريج. وأما نقط ضعف الشراكات فقد أحصيت في أهداف غير مدققة لفظيا وزمنيا، وفي اختلاف الرأي بين الشركاء، وعدم التكافؤ بين مختلف الشركاء معرفيا وهيكليا، والاتكالية على الشركاء الآخرين، وحصر دور الشراكة في المساهمة المادية، فضلا عن ضعف دور الدولة، وغياب الالتقائية، وضعف إشراك الساكنة، وضعف الاستقلالية المالية والتقريرية. وأحصي من بين نقط الضعف عدم توافر القدرة التدبيرية الكافية لدى بعض الشركاء، وضعف إشراك الفاعلين الجمعويين وعدم تنظيم الجمعيات، والقصور في التعريف والإعلان عن مختلف بنود الشراكات الموقعة، وعدم التعميم والتكافؤ في الاستفادة من أثر الشراكات، وموسمية الأنشطة وأثرها مما يغيب الاستدامة، وتباين التصورات والمقاربات الشمولية بين الشركاء، ومحدودية الرؤى والتصورات لارتباطها بالهشاشة، وتباين الأولويات. ولم تخل الشراكة من فرص متاحة بيانها وجود مؤسسات التكوين والوساطة للتشغيل والتزامن وظرفية سياسي من إيجابيته دسترة دور المجتمع المدني، وإعداد المخططات الجماعية للتنمية، تضمن كلها أو بعضهت التنسيق والالتقائية بين البرامج. وهناك الإدارة المشتركة، والجهوية الموسعة، ووجود برامج جهوية ووطنية تفتح فرص أمام شراكات جديدة، ووجود برامج دولية ومنظمات غير حكومية ( الدعم المادي والتقني)، وتوافر الرغبة المشتركة في بناء تجربة ذات خصوصية محلية، وهناك الحراك الاجتماعي ووقعه على توسيع مجال الحريات والحقوق والشراكة، والميثاق الجماعي وما يوفره من فرص للشراكة، وغنى المنطقة برأسمال بشري منخرط وفعال وعملي ومهتم بقضايا التنمية المستدامة محليا. وأما إكراهات الشراكة فتكمن في شساعة منطقة التدخل التي تستغرق أحيانا مناجم [محيطات منجمية] تنتمي إلى إقليمين، وتنخرها الصراعات القبلية. فضلا عن الوعورة والتضرس (إكراه جغرافي) اللذين يؤثران على بناء شراكات فعالة في مجال الولوجية للخدمات. ولأن الدولة تخلت عن بعض مهامها مما خلق حاجيات كبيرة لدى الساكنة، مما سبب، في وقت متأخر، تنامي ظاهرة الاحتجاجات، لتشكل سياقا إقليميا يجب استحضاره في كل تدبير لنزاع ذي علاقة بالموضوع. وللأراضي الجماعية والسلالية طابع إشكالي بالفضاءات المنجمية. وأما الجمعيات وإن وجدت فإن توزيعها في المجال غير متكافئ إذ ترتفع كثافتها في مناطق محدودة وتقل في نقط عمرانية كثيرة، ويتناسب توزيع الجمعيات في المجال والتوزيع غير المنتظم للسكان. وإذا كان السياق الإقليمي تطبعه الاحتجاجات، والسياق الوطني يسوده غياب (ضعف) أشكال تنظيمية للسكان في بعض المناطق، فإن السياق والدولي- وله ارتباط بالوطني- يتسم بالتقلبات الاقتصادية ذات آثار كبيرة على التزامات الشركاء. وأخيرا سجل غياب التنسيق بين المتدخلين، وثبتت محدودية الأنشطة الاقتصادية بالمنطقة مما يؤثر على فرص الشغل. ويتطلب تفعيل المخطط تضافر جهود كل من المصالح الخارجية، والجماعات المحلية، والمجتمعي المدني، والقطاع الخاص، ويشمل العمليات والأمد الزماني اللازم لإنجازها. تستغرق المأسسة أمدا زمانيا قصيرا لإعداد الوثائق المرجعية كدليل المساطر، والمخطط العملي، وقاعدة معطيات مجالية، وتقارير وتشخيصات تشاركية، ومونوغرافيات ودراسات. ونفس الأمد مخصص لخلق إطار مؤسساتي. وأما الهيكلة التقريرية المكونة من لجان إشراف وقيادة تضمن التمثيلية النوعية والمجالية، والهيكلة التقنية من لجان التدبير الإداري والمالي، وتقوية القدرات فأمدها متوسط حسب تقدير المشاركين في الورشة. ونفس الأمد مقدر للتكوينات في مواضيع تدبير الشراكات وبنائها، وبناء المشاريع وتتبعها وتقييمها، وتعبئة الموارد، والتدبير الايجابي للنزاع والاختلاف. وقس على الإعلام والتواصل كالندوات، واللقاءات، وكذا المصاحبة التي تستدعي خبرات، وتتبع . وأخيرا الالتقائية والتقاسم. وأما ما تبين أن أمد إنجازه بعيد فيكمن في تنظيم عمليات تحسيسة، والتشبيك، واعتماد العمل الجماعي، والتعريف بالبرامج القطاعية وغير الحكومية، والرسملة. وأما تجويد التجارب، وتبادل الزيارات محليا، ووطنيا ودوليا. وكذا إنجاز آليات للإعلام والتعريف بالتجارب بواسطة نشرات ومواقع إليكترونية، وتقارير، وبرامج ثقافية فلم يحدد أمدها أو سقط في المخطوط سهوا، علما أن العمل لا يزال في طور الإنجاز. ورشة الوضعية البيئية والثقافية: حضر في الورشة 29 مشاركا منهم ست إناث. استغرق المشاركون بعض الوقت في إرساء خطوات منهج العمل. في البداية انتظم برنامج العمل في جلسة عامة لتقديم الورشة موضوعها والمشاركين فيها. وبعد ذلك انتظم المشاركون في ورشة واحدة لمعالجة محور البيئة، وكذلك فعلوا لمعالجة محور الثقافة. وأثناء معالجة المحور الأول –البيئة- انتظمت الورشة في أربع مجموعات بغية التشخيص والتخطيط. ولمعالجة المحور الثاني -الثقافة- انتظمت الورشة في مجموعتين اثنتين. وأما العمل فقد انتظم وفق مبادئ أساسية تُمَكِّنُ من تحقيق تواصل حسن، وإنصات جيد، واحترام رأي الآخر، وذلك بالالتزام بقاعدة بيانها، أن لا أحد يعرف كل شيء، ولا أحد يجهل كل شيء. وبعد تقديم المنهج قدم موضوع الورشة عنوانه. وهو، كما سلفت إليه الإشارة، الوضعية البيئية والثقافية بالمناطق المنجمية ومحيطها، ضمن سياق اللقاء الذي يؤطره السؤال، أي استراتيجية لتنمية مستدامة للمناطق المنجمية ومحيطها بجهة الجنوب الشرقي؟ قدم المشاركون في الورشة أنفسهم بأنفسهم شفويا مع تضمين التقديم المؤسسة التي ينتمون إليها بالوظيفة، دون إغفال ما ينتظرونه من الورشة أهدافها. وبعد تمحيص الانتظارات، من لدن المؤطرين الاثنين السيدين محماد أولحسن، ولحسن محداد، وتدقيق النظر فيها، تبين أنه من الصعب تحقيقه كلها في ورشة خصص لها أمد قصير من الزمان. لذا كانت الفائدة اختزال كل مواضيع الانتظار في قاسم مشترك مصنف مضمونه في محورين اثنين، التشخيص الدقيق للجوانب البيئية والثقافية، والمساهمة في بناء مخطط عملي أولي. واتفق المشاركون واستقر رأيهم على أن العروض المقدمة في صباح يوم الجمعة 20 أبريل 2012 هي وحدها المحدد لمجال الممارسة، والذي انتظم من قبل، تسهيلا للعمل ولسبيل بلوغ المراد، في جدول يستغرق 15 عنصرا. ولتقريب التمثلات استُغرق بعض الوقت في الشروح والتفاسير حول المفاهيم. ذلك أن الاختلاف في تمثل الجهاز المفاهيمي يعيق التواصل. ولقد نجحت الورشة في تقريب التمثلات حول العناصر والمفاهيم المتعلقة بالمحورين المذكورين. انقطع المشاركون في الورشة إلى معالة المحور المتعلق بالبيئة أولا، كما ذكر من قبل، فكان تشخيص الوضعية خطوة أولى انكبت لمعالجته الورشة لما انتظمت في أربع مجموعات. المجموعة الأولى شخصت عنصر الماء [المياه العذبة والمستعملة]، والهواء (الغبار والدخان)، والتربة، والنبات والحيوان. وتكمن نقط القوة في عنصر الماء في توفير دراسات هيدرولوجية حول موارد المياه الصالحة لفائدة السكان وفي إعادة استعمال المياه النقية. لكن عدم تعميم الدراسات على جميع المناطق، وندرة المياه والاستغلال المفرط لها، وتلويث الفرشة المائية والتربة من الضعف الملحق بمجال الماء. ويرتبط بعنصر الغبار عدم تحديد المجال وزوابع الغبار وتناثره لما يشحن وينقل إلى خارج المنطقة، فوق أنه يؤثر على التربة خصوبتها ومردوديتها. ولم ينج الوحش (الحيوان) والثمرات النباتية من المؤثرات السلبية للمناجم حيث تقل مردودية وتختفي بعض الأصناف تحت وقع التدهور البيئي. المجموعة الثانية انقطعت لتشخيص العناصر الضجيج (الاهتزاز)، والمجال (المشاهد الطبيعية)، واحترام القوانين والمعايير الدولية والوطنية، دراسة الأثر والتتبع البيئي (حقوق الأجيال القادمة. وتتجلى قوة العناصر المشار إليها في تهيئة المجال الأخضر ووجود قوانين ذات الصلة بالبيئة والارتفاع التدريجي في مستوى وعي المواطنين، ولا تفتأ تُنجز الدراسات طبق القوانين، ويزداد أمد حياة المنجم بتثمين النفايات، وتحسين ظروف الاستغلال. ويتجلى ضعفها في التأثير النفسي تحت وقع الهجرة وتشقق البنايات تحت قوة الاهتزاز، وتغيير المنظر الطبيعي مما يؤثر على جمالية المجال، وعدم تفعيل القوانين واحترامها في إنجاز الدراسات. وخصص للمجموعة الثالثة تشخيص وضعية العناصر، استعمال الديناميت وآثاره المختلفة (الاهتزاز) ، ووضع دراسات الآثار البيئية، وإعداد المواقع المنجمية المهجورة، والتخلص من التراكمات العقيمة والنفايات. ولقد تقوت هذه العناصر بتوظيف الديناميت لتسهيل استغلال المناجم، والرفع من كمية المنتوج، وأن وضع دراسات الآثار البيئية ملزمة لأصحاب المشاريع، ولا تنفك تضع إجراءات وقائية ، ويمكن عد المواقع المنجمية المهجورة ضمن موروثا تاريخيا وتصييره منتوجا سياحيا، ويمكن إعادة استغلال النفايات العقيمة، واستعمالها في ردم الأنفاق، من التخلص منها ضمانا استمرار حياة المنجم . وبالمقابل ضعفت العناصر المشار إليها بخوف الساكنة من ذوي الانفجار أثناء استعمال الديناميت، التي تشكل خطرا على مستعمليها، ولا تبعد احتمال سقوط منازل المحيط. وإلى جانب ذلك كثُف تلويث الهواء، وتفاقم تطاير الغبار، مما يحمل السكان والحيوان على هجرة المكان. وسُجِّل أيضا نقص في بعض المراسيم التطبيقية المرتبطة بالدراسات، وتعقيد في المساطر الإدارية التطبيقية، وطول الغلاف الزماني المخصص لإنجازها. وأما إعداد المواضع المنجمية فخطره على الإنسان والحيوان ظاهر، ناهيك عن كون ذلك سببا لتدهور المشهد الطبيعي. وأخيرا يسجل أن التخلص من النفايات يسبب تدهور المشهد الطبيعي. وأُرِيد للمجموعة الرابعة والأخيرة أن تتناول المنتزهات والمناطق المحمية والمعلومة البيئية وتأثير البيئة المنجيمية على الإنسان من حيث الصحة. فكانت قوة العناصر في إلزام المنجميين للامتثال الأكثر للبيئة واحترامها، وحماية النبات والوحيش، وتطوير قطاع الصيد وتنظيمه، والتحسيس المستمر بالمحيط المنجمي، واعتناء المؤسسات المنجمية بالبيئة (مشاريع، دراسات) ، واعتماد الموروث البيئي والراهن والمستقبل، وتنظيم القوافل الطبية وإحداث وحدات صحية بالمنطقة، وتطبيق القانون المهني في ما يخص التطبيب. ويكمن الضعف في تأثير الموروث السلبي للمناطق المنجمية على المنتزهات، ومساهمة المناجم ماديا في تطويرها وحمايتها. وضعف التواصل لحل بعض المشاكل العالقة، وجهل القوانين البيئية، في ما يتعلق بالمعلومة البيئية، وانتشار الأمراض المهنية كالسيليكوز على سبيل المثال. ما هي الفرص المتاحة من أجل تحقيق حسن العلاقة بين المناجم ومحيطها؟ وما هي عناصر الإكراه التي تحول دون تحقيق هذه العلاقة؟ فمن أهم عناصر الإكراه تردد الجفاف، وتكرار فتراته، والتغيرات المناخية، وصعوبة التخلص من نفايات المواقع القديمة، وتعقيد المساطر الذي يحد من الاستثمار. وأما الفرص المتاحة فتتجلى في المنافسة الدولية (فرصة لحماية البيئة)، ووجود ترسانة قانونية، ومكاسب الدستور الجديد، ومناخ دولي لمناقشة قضايا البيئة، وتطوير البحث العلمي والدرايات المنجمية، وتعريف المناطق النائية ودراستها، وفتح نقاش عمومي لتفعيل بنود ميثاق البيئة الوطني. وبعد التشخيص الدقيق لعناصر المحور الأول اقترح أعضاء الورشة مخطط عمل لائق ببيان أهم الأنشطة الممكن إنجازها لتحقيق المراد، والأمد الزماني الذي يستغرقه إعداد النشاط وإنجازه، وذكر أهم الشركاء: - إنجاز دراسة هيدرولوجية في محيط المناجم في أمد قصير بمشاركة شركة الاستغلال، وإدارة الحوض المائي، والجماعة المحلية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. - تحديد وسائل علمية موضوعاتية لقياس مستوى التلوث، في أمد قصير، بمشاركة شركة الاستغلال، وإدارة الحوض المائي، والجماعة المحلية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. - الحد من تناثر الغبار بالمواقع المنجمية في أمد متوسط بالاستعانة بالشركاء، شركة الاستغلال، والوزارة الوصية، والجماعة المحلية، والقطاع الخاص. - رصد مصادر الضجيج والاهتزاز والبحث عن سبل التخفيف منها بمساهمة المستغلين، والشركات، والمناولين، والسلطات المحلية، والساكنة، في أمد قصير. - عقد لقاءات وتنظيم ندوات للتحسيس بأهمية تطبيق القوانين المنظمة للبيئة بمشاركة المستثمر، والمجتمع المدني، والسلطات المحلية، والقضاء، ووزارة البيئة، والإعلام، والجماعات المحلية، وذلك في أمد قصير. - وضع مخطط للتواصل والحوار وتقويته بين الشركة المستغلة ومحيطها بمساهمة الشركة المنجمية، والمجتمع المدني، والجماعات المحلية، والإدارة الوصية، في أمد قصير. - دعم شركات الاستغلال ومساهمتها في تطوير المنتزهات وحمايتهما، بتعاون مع الشركة المستغلة، والمياه والغابات، والجماعات المحلية، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية، في بضع سنين (أمد بعيد). - تكوين قدرات المناولين في المجال ودعمها بمساهمة الشركة المستغلة، والمناولين، والمجتمع المدني، ومعاهد التكوين، في أمد متوسط من حيث الالتزام، وأمد بعيد من الإنجازُ. - وضع مخطط للتواصل مع الشركة المستغلة في أمد قصير. - تحديد وسائل علمية موضوعاتية لقياس مستوى التلوث في أمد متوسط. المحور الثاني انتظمت فيه الورشة في مجموعتين فكان التشخيص أولا والتخطيط ثانيا. تناولت المجموعة الأولى في تشخيصها العناصر التالية، التمثلات الثقافية، والتنشيط الثقافي (الاستراتيجية)، وحفظ المواقع الآثارية، والتكوين المهني والتكوين المستمر. وتبين أن التمثلات الثقافية تشكل فرصة للتعريف أكثر بالمنجم، ولتحسين الوضعية. لكن يقابلها تمثل سلبي- يتجلى في الفقر والتهميش- للعمل المنجمي، والإحساس بالتهميش والعزلة، ليشكل واحدا من عناصر الضعف. وتبين كذلك تنظيم مواسم ومهرجانات يصاحبها التنشيط الثقافي في غياب الاستمرارية، والتمويل والتأطير، وعدم إشراك الساكنة، وغياب أنظمة خاصة للأطفال. وثبت لدى المجموعة الأولى حفظ المواقع الآثارية مادام علم الأركيولوجيا – وتلك واحدة من نقط القوة- مرتبطا بالجيولوجيا، مما قد يفتح أفق دعم الآثار المحيطة بالمنجم، لاسيما وأن المحيطات المنجمية غنية آثارها. لكن تلك القوة غير صامدة أمام نسف التاريخ الوارد أو المحتمل بتخريب الآثار في حال توسع المنجم في البساط. ووقفت المجموعة أيضا عند فرص التكوين المهني والتكوين المستمر ولمس توافر فرص لتلك الغاية في مختلف المهن ، لكنها تتاح للمستخدمين وحدهم مما يضعف من وقعها. وتناولت المجموعة الثانية في تشخيصها باقي العناصر، نقل الخبرات، واعتبار المنجم رمز الفقر والتهميش والمستقبل الغامض، وهو- المناجم- منطلق مقاومة الاستعمار والتنظيم النقابي والسياسي. فإذا كان نقل الخبرات يروم – أو يستصحب- تنمية الموارد البشرية للمنطقة، وتحسين المستوى الاجتماعي والاقتصادي للساكنة، فإنه يصطدم بضعف عدم إقبال الشباب على المهن الاقتصادية. وإذا كان المنجم رمز التهميش فإن لذلك ارتباطا بضعف الاستفادة المباشرة من عائدات الجبايات المعدنية الجهوية . نقص في الاهتمام في ما بعد الاستغلال. وبالمقابل فالمنجم موروث ثقافي غني لذلك انطلقت منه المقاومة وشكل لبنة أساسية لتأسيس العمل النقابي لكنه، للأسف، لم يستفد من هذا الموروث التاريخي والرمزي. وبعد ذلك طفقت الورشة أفرادها تفكر مليا في الإكراهات المرتبطة بالمحور الثقافي، فتبين لدى المجموعة الأولى ملامسة عناصر، فقدان الهوية بفعل العولمة المفرطة، وطمس المعالم التاريخية، والهجرة، والعزوف عن العمل المنجمي، والهذر المدرسي، لأن طموحات شباب المنطقة مرتبطة، في الغالب، بالاستغلال المنجمي. وترى المجموعة الثانية الإكراهات في ارتفاع نسبة الأمية، وعدم مسايرة التعليم والتكوين، وارتفاع هجرة الشباب. ومن الفرص المتاحة في رأي المجموعة الأولى التنمية البشرية للمنطقة، والسياحة الدولية، والتعريف بالمنطقة، ومساهمة النشاط المنجمي في ترسيم المآثر التاريخية والمواقع الآثرية، والتبادل الثقافي، والتعديل الدستوري، والجهوية والمخططات الجهوية. وأما الفرص المتاحة في نظر المجموعة الثانية الاستفادة من مقتضيات الدستور، وتضامن الجهات، والجهوية الموسعة، وانفتاح الشركات على القطاع الخاص، وتوافر مخططات التنمية الترابية(PCD- PPDR). الخطوة الثانية من العمل في المحور الثقافي، إعداد مقترح المخطط العملي يحوي، ما اقترحته المجموعة الأولى من، الأنشطة التالية، بمشاركة الوزارة الوصية، والشراكات، والجماعات المحلية، والمجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية الساكنة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، واليونسكو: - تقوية القدرات في المدى المتوسط والبعيد. - حماية مواقع النقوش الصخرية وتهيئتها في المدى المتوسط والبعيد. - الحد من الهذر المدرسي في المدى القريب والمتوسط. ويحوي ما اقترحته المجموعة الثانية من الأنشطة: - وضع مخطط للتكوين (تنظيم دورات تكوينية) في الأمد المتوسط والبعيد، بمشاركة وزارة التربية الوطنية، والتكوين المهني، والتعاون الوطني، والجمعيات، والقطاع الخاص، والجماعات المحلية، والمنظمات الدولية. - إعادة التأهيل وإعداد المناجم المهجورة بمشاركة الوزارة الوصية، ووزارة الثقافة، ووزارة السياحة، ووزارة المياه والغابات، والقطاع الخاص، والجماعات المحلية، والمجتمع المدني في أمد قصير. - تنظيم يوم دراسي حول كيفية استفادة المحيط المنجمي من عائدات الجبايات المنجمية، بمشاركة وزارة الداخلية، ووزارة المالية، والمجالس الجهوية، والجماعات المحلية، والمجتمع المدني. وعالجت الورشة الثالثة، التي حضرها 51 شخصا، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعد تسطيرها هدفين اثنين، تشخيض الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق المنجمية، والشروع في بناء مخطط عمل في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وانتظمت الورشة في مجموعتين إحداهما تناولت المحور الاقتصادي والثانية تناولت المحور الاجتماعي. فالمحور الاقتصادي انقطع له الأستاذ الثقي السيد لكبير أوحجو، فقسمه بغية تيسير التشخيص، بمساهمة المشاركين، إلى محاور فرعية وعناصر. - فمن نقط القوة في محور التشغيل أن الأنشطة المنجمية تساهم في خلق أنشطة مدرة للدخل، والشركات المنجمية تساهم في توفير مناصب شغل، وأن فرص الشغل كثيرة لا تتطلب كفاءات عالية، ومن المناصب ما يخلق إبان فترة البحث والتنقيب. ويساهم المنجم فضلا عن ذلك في خلق رواج تجاري، وتطوير الكفاءات بالممارسة والتكوين. ومن نقط ضعفه محدودية مناصب الشغل، وضعف كل من استثمار الدولة في المناطق المنجمية، ونسبة الترسيم السنوية للشركات المنجمية، والاقتصار على النشاط المنجمي باعتباره المشغل الوحيد، فضلا عن كون الشركات المناولة لا تحترم القوانين المنظمة للشغل، ووجود بروتوكولات بين الشركات والنقابات لإعطاء الأولوية لأبناء العمال في التشغيل. - تنشيط الدورة الاقتصادية المحلية (المقاولات المحلية، استغلال المنتوجات المحلية) يشكل عنصرا أساسيا في التشخيص. فمن نقط قوته تشجيع الشركات المناولة، وتنمية الموارد الاقتصادية المحلية، وتنشيط الحركة الاقتصادية المحلية، وخلق تجمعات سكنية تساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية، واستفادة الجماعات السلالية من كراء العقار، ومعالجة النفايات الصلبة ساهم في استمرارية النشاط المنجمي، واعتبار النشاط المنجمي يجلب للعملة الصعبة، ويساهم في تنمية المدخرات البنكية المحلية، وينمي ويخلق خبرات محلية. ومن نقط ضعفه إهمال الحرف المحلية واندثارها، وعدم تسويق المنتوجات المعدنية محليا (الذهب والفضة)، وتراجع الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وتفويت بعض الأنشطة لمقاولات غير محلية، وعدم تكافؤ الفرص بين الشركات المناولة، ومنح رخص البحث والتنقيب لشركات لا تفعلها في الغالب. - عنصر البنية التحتية مقوى بمساهمة الاستثمار في المجال المنجمي في تطوير البنية التحتية، والمساهمة في فك العزلة عن المناطق المحيطة بالمنجم، وتسهيل الربط بالشبكة الكهربائية، ومساهمة الشركات المستغلة في تزويج المناطق المنجمية بالماء الصالح للشرب. ويضعف بعوامل استحضرها أعضاء المجموعة، كوجود صعوبات في تصنيف الطرق المؤدية للمناطق المنجمية، والضغط على البنية التحتية الموجودة، وعدم استمرار عملية الصيانة بعد إقفال المناجم، وعدم ملاءمة وسائل النقل المستعملة لنقل المعدات، وعدم مساهمة الفاعلين الاخرين في تأهيل البنيات التحتية بالمناطق المنجمية، وعدم وجود مخطط مديري لتطوير الطرق، وغياب الماء الصالح للشرب وشبكة التطهير، وعدم إشراك الشركات المنجمية أثناء إعداد المخطط الجماعي. - دراسة الآثار والتتبع الاقتصادي وحقوق الأجيال القادمة قوي باستحضار دراسة الآثار الاقتصادي تحفظ حقوق الأجيال القادمة، واستمرار الأبحاث طيلة هذا الاستغلال مما يزيد في عمر المنجم. وضعيف بعدم الأخذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال القادمة أثناء إنجاز دراسة الآثار عند افتتاح المنجم، وعدم مساهمة الفاعلين في التهيؤ لما بعد المنجم، وعدم وجود دراسات حول الآثار السوسيواقتصادية بالمناطق المنجمية - الاستغلال الخام للمعادن وعدم التحويل قوي بتوافر إمكانية استغلال المناجم الصغيرة، وخلق نشاط موازي، وضعيف بعدم تجميع الدولة المناجم الصغرى، وارتفاع تكلفة الإنتاج، و توقف مساهمة الدولة في جهود البحث في المجال المعدني. - المضاربة وتتمين قيمة العقار أو تدهوره، قوي برفع قيمة العقار، ومداخيل جديدة للجماعات المحلية، وضعيف بعرقلة توسيع المناجم، وجمود قيمة العقار في المناطق القريبة من المنجم. - العائدات الضريبية تشكل وقوة بوجود قانون يخول للجماعات التي توجد بها مناجم للاستفادة من ثلث الضريبة على القيمة المضافة لكنه غير مفعل مما يشكل مصدر ضعف هذا العنصر الذي يدعمه أيضا عدم استفادة المناطق المحيطة بالمناجم من عائدات الضرائب التي تؤديها الشركات المستغلة للمناجم، وحذف التشجيعات الضريبية للشركات، وتعقيد المساطر القانونية لاسترجاع الجماعة الضرائب التي تؤديها الشركات، وحذف الامتياز الضريبي المتعلق بمساهمة الدولة، وتشجيع البحث والتنمية المنجمية. - استثمار جزء من فائض القيمة محليا قوي بالاستثمار في البحث والتنقيب، والاستثمار في التوسيع، واستخدام مقاولات مناولة محلية، والاستثمار في المجال الاجتماعي، واستعداد بعض المستغلين للمساهمة في التنمية المجالية عبر جزء من فائض الإنتاج، وتفويت المرافق الاجتماعية للجماعات المحلية، واستمرار التنقيب والبحث بعد الإغلاق. وضعفه في عدم كفاية الاستثمارات في المجالات الاقتصادية في محيط المناجم، وضعف الحكامة في المجالات الاقتصادية في محيط المناجم، وضعف الحكامة في مجال الاستثمار في مجال التنمية الاقتصادية، وعدم ترميم المواقع المنجمية، وعدم تهيئ الساكنة لما بعد المنجم، وتفكك البنية الاجتماعية لمحيط المنجم، والهجرة. - الوضعية الاقتصادية للشركة المنجمية قوي بمصداقية بعض الشركات أثناء تعبئة الموارد المالية، وضعيف بتنوع المنتوج المعدني والقدرة على التوازنات، والقدرة المالية للشركة متدبدبة، وتأثر الشركة بالتغيرات الاجتماعية بمحيط الشركة، واتساع هامش المخاطرة في القطاع المنجمي طول مدة الاستثمار قبل بداية الاستغلال، وخصوصية الأنشطة المنجمية بالنظر لارتفاع تكلفة الاستثمار. المحور الاجتماعي تناولته المجموعة الثانية وانقطع لتأطيره السيد عبد اللطيف قاسم. قسم المشاركون المجال الاجتماعي إلى مجال الإكراهات الخارجية ومجال الفرص المتاحة. وكان حصاد الإكراهات الخارجية مكونا من عناصر كثيرة، منها أن القانون التنظيمي للمناجم يعود إلى فترة 1947، ولم يصدر للآن القانون المنجمي. وكل ما هنالك أن الدولة تراجعت عن تسهيل تمويل البحث المنجمي. وضمن الحصاد ضعف تأهيل القطاع المنجمي في المقاولة المتوسطة والصغرى، ونقص في تأطير الحركات الاحتجاجية. وكُرٍّه وجود المقر الاجتماعي للشركة خارج المحيط المنجمي، ورغب في تفعيل المقتضيات الدستورية والقوانين التنظيمية والجهوية الموسعة في أرض الواقع. وبموازاة الإكراهات المدرجة في الخانة اليمنى من الجدول المعد للغاية سجل في خانته اليمنى الفرص المتاحة. ذلك أن الدستور الجديد يحوي مجموعة من بنود متعلقة بالوضع الاجتماعي، والخطاب السياسي بات يطبعه الانفتاح، والوضع الاجتماعي أضحى من أولويات السياسة العمومية، والديموقراطية تُفعّل هي ومبدأ الحكامة. وفي الأمد القريب المنظور ستتاح فرصة الجهوية المتقدمة. ويأتي كل ذلك في ظرف أصبحت فيه مؤشرات الوضع المنجمي واعدة على المستوى العالمي، ونشأ القطاع المنجمي ينفتح على محيطه، يوازيه تنامي الحركات الاجتماعية بالمحيط المنجمي. ومن حيث النظم اعتمدت وثيقة البيئة وطنيا، والميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة بدأ يشكل مرجعا للتعاطي مع هذا الشأن، ونشأ اعتماد سمو المواثيق الدولية على المواثيق الوطنية. وأما الأنشطة المقترحة ضمن مشروع مخطط العمل، فيمكن سردها كالتالي: - تفعيل المدرسة الجماعاتية بشراكة مع المصالح الخارجية، والجماعة المحلية، والشركة المنجمية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في أمد قصير ومتوسط. - إحداث شعب وتخصصات في المجال المنجمي، وتشجيع البحث العلمي المنجمي بالشراكة مع المصالح الخارجية، والجماعة المحلية، والشركة المنجمية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في أمد متوسط وبعيد. - تحسين تمدرس الفتاة في المجال المنجمي، وتحفيزه، بمساهمة الوزارات الوصية، والفاعلين السياسيين، وجمعيات المجتمع المدني، والوزارات الوصية، والشركة المستغلة [بكسر الغين]، ينطلق في أمد ويمتد إلى أمد بعيد [نشاط مستمر في الزمان]. - إنشاء دور الولادة بالمحيط المنجمي، وتجهيز المرافق الصحية الموجودة، والقيام بدراسة حول ضحايا الاستغلال المنجمي بالمحيط، وتنظيم دورات تحسيسية في إطار المقاربة الوقائية ( الأمراض الناتجة عن النشاط المنجمي)، بمشاركة المتدخلين، الشركة المنجمية وزارة الصحة العمومية، والجماعات المحلية، والمجتمع المدني، والساكنة، ومنظمات دولية، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، كل ذلك سينجز في أمد قصير ومتوسط. - وضع رؤية محددة المعالم للعلاقة التشاركية في البنيات التحتية الاجتماعية نشاط ممتد في الزمان بشراكة المصالح الخارجية، والجماعات المحلية، والشركة، والمجتمع المدني. - وضع آلية للتواصل بين الشركة ومحيطها المنجمي بمشاركة الشركة والسلطات المحلية، والوزارة الوصية، والمجتمع المدني، في زمان قريب ومتوسط. - تفويت البنيات التحتية الاجتماعية بعد توقف المنجم إلى الجماعات المحلية بمساهمة الجماعة المحلية، في زمان غير محدد أو سقط سهوا في المسودة وكذلك شأن ما سيأتي من الأنشطة. - تغدية الفرشة المائية بالاعتماد على مرافعة المجتمع المدني. - معالجة المياه المستعملة اعتمادا على تدخل الوزارة الوصية. - تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة من لدن الشركة المستغلة. - خلق مشاريع مدرة للدخل اعتمادا على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. - إنجاز دراسة حول وضعية السكن بالمحيط من لدن الشركة المنجمية. - رصد القرى المنجمية وتقويتها بعد إغلاق المنجم من لدن الجماعة المحلية. - تنظيم لقاء موضوعاتي حول تأهيل المراكز الحضرية والقروية الناشئة بالمحيط المنجمي من لدن المجتمع المدني، والسكان المحليين والقطاعات الحكومية المعنية. - إنشاء مقاولات صغرى ومتوسطة وتعاونيات من لدن الشركة المنجمية. - تنظيم دورات تكوينية تحسيسية حول الزواج المبكر، وقضايا المرأة، والهجرة الجماعات المحلية، والمجتمع المدني. - إحداث مراكز لتسويق المنتوجات المحلية بالمحيط المنجمي من لدن المجتمع المدني والقطاعات الحكومية، والمؤسسات المعنية، والمنظمات الدولية. - وضع استراتيجية شمولية تحدد الرؤية والاختيارات والأهداف في المجال الاجتماعي بالمحيط المنجمي للجنوب الشرقي بشكل تشاركي مع تحديد الأولويات بالاعتماد على الشركاء، الشركة المنجمية، والمصالح الخارجية، والجماعات المحلية، والمجتمع المدني، والسكان، والنقابات، والعمال المنجمين، والأحزاب السياسية، والهيئات الحقوقية، وقطاع البحث العلمي - اعتماد المقاربة التشاركية في العمل الموسمي من لدن الشركة، والنقابات الجماعات المحلية، والمجتمع المدني المحلي. وكان تعقيب السيد لحبيب كمال على عمل اليومين الورشات كالتالي: «يستدعي عرض المجموعة الثانية المنقطعة للبيئة والتواصل بعض الإضافات من حيث ترتيب الأولويات. ويقتضي بيان بعض الإجراءات المستعجلة، وتحديد تكلفة الأنشطة. وستتكلف لجنة خاصة لإدراج بعض الاقتراحات، منها النظر في إشراك بعض الفاعلين دون الآخرين». وستنكب تلك اللجنة - وقد تبين أن تلك اللجنة تتكون من «مؤطري الورشات وهم السادة لكبير أوحجو، وأحمد توفيق الزينبي، ولحسن محداد»، على« تجميع التقاطعات بين المحاور والتركيب من أجل بلورة برنامج وخطة عمل لما يمكن إنجازه في المنطقة، مع مراعاة الاستعجال»، علما أنه «ترددت على ألسن المنظمين والمنظمات إعادة الثقة ما بين الأطراف، وفتح حوار بناء للدفع من أجل حل الإشكالات بما في ذلك إشكالات النزاعات والاحتجاجات المتواجدة بالمنطقة من أجل أن ينخرط الجميع، في تنمية المنطقة». ويضيف السيد لحبيب كمال أنه «لما نقف عند هذا التوجه نستحضر مسألة جوهرية ثانية، وتتعلق بآلية تتبع هذه الإشكالات. ذلك أن المنظمين قاموا باستطلاع أولي لهذه الآلية. ولقد جذلت بأن أقدم لكم اقتراحا في هذا المجال يتناسب وطبيعة المنظمين لهذا الملتقي. فالنسيج الجمعوي الديموقراطي للتنمية بزاكورة مدعو للعب دور أساسي لمتابعة ما نظمه في هذين اليومين. أظن أنه. وأظن أن بدائل المغرب على الرغم من بعدها من الاشتغال المباشر في المنطقة مستعدة، حسب تصريح السيدة رئيسة المنتدى، للاستمرار في تسهيل العلاقات مع الفاعلين بالمنطقة ولإعطاء المطالب بعدا وطنيا . وبحكم تواجد مجموعة مناجم بالمنطقة فإنها طرف ثالث في لجنة المتابعة. وإنه من الصعب ألا نضيف السلطات المحلية لهذه اللجنة لكي تكون، وأن نلقي على عاتقها تتبع هذا المسار ... وحسب علمي فقد تَبيَّنتْ ضرورة إشراك الأقاليم الأربعة والجماعات السلالية وعددها ست (06)[ذكرها]، والنسيج الجمعوي المذكور، وجمعيات البليدة وفيدراليات الجمعيات بتينغير، والمؤطرين الثلاثة ومساعديهم مولاي أحمد العمراني، عبد اللطيف قاسم، ومحمدا أولحسن، لتتبع أشغال هذين اليومين... ولتسهيل عملية حل النزاعات بالمنطقة ومتابعة التزام الأطراف كل حسب مسؤوليته... وستبدأ اللجنة أشغالها ابتداء من مساء يومه [يوم السبت 21 أبريل 2012]، ويمكن لها أن تحدد جدولا زمانيا لما يجب القيام به...»، وبعد نقاش دعمت اللجنة لتشمل كل الأطراف المعنية «الفضاء الجمعوي لمنطقة أوسلسال. وغير ذلك»، ورفعت توصية لانضمام كل من يعنيه الموضوع إلى لجنة المتابعة. لأن الهدف تأسيس حوار مفتوح على جميع الأطراف، لإعطاء الأولوية للسكان المتواجدين على أطراف المحيط المنجمي، ولهدف تنمية المنطقة. ولم ينف السيد كما لحبيب أن مقترح اللجنة يمكن أن يتطور إلى آلية تقريرية، لكن مهمة اللجنة الآن إعداد مطالب تضمن تنمية المنطقة، وقبل ذلك الوقوف على المشاكل المستعجلة لإعادة الثقة وإعادة إنتاج ما يخدم مصلحة المنطقة.