من ضمن ما جاءت به المصطلحات الحديثة خلال الألفية الثالثة ، مصطلح الأمهات العازبات ، مصطلح يطلق على الأمهات اللاتي أنجبن أطفالا في وضعية أو أخرى خارج مؤسسة الزواج، ظاهرة عرفت انتشارا ملفتا للانتباه في المغرب كما في العالم ، تتطلب مراجعة واسعة للأوراق، لا من طرف الدولة ، ولا من طرف جمعيات المجتمع المدني، المعنيين أكثر ، بضرورة التحسيس والتوعية ، بخطر هذه الآفة التي تجلب لنا ، أطفالا في وضعية غير مستقرة أو متخلى عنهم . كثيرا ما تأخذ الانتقادات و الأحكام والتحليلات بعدا أخلاقيا و دينيا وحضاريا و ثقافيا ، وتعصبا للقيم والمبادئ العامة و السامية للبلد و المنبثقة من القيم الدينية ، ولا يناقش إطلاقا الطرف الثاني في القضية والفاعل الأساسي فيها ، طبقا للقاعدة « لا مفعول بدون فاعل » ، أي أن علاقة التزاوج الطبيعي ، أو العلاقة الحميمية تستلزم طرفين، أساسين الزوج و الزوجة ، علاقات تثمر في إطار مؤسسة الزواج ، أبناء « شرعيين » ، يأخذون نسب الأب ، في حين تثمر العلاقات الخارجة عن مؤسسات الزواج ، أطفال غير شرعيين وفي حالة عزوبية الأم تطلق عليها التسمية الحديثة ، « أم عازبة » . الأم العازبة وبمبدأ تماثل المصطلح ، هناك «أب عازب » ،« الفاعل» ، إلا أن منطق و لازمة « المجتمع المغربي ما كايرحمش »، تجعل من الأنظار تتجه صوب الأم التي تحمل في أحشائها سمة الذل و العار، تدفع بها إلى تحمل نتاج العلاقة التي أقامتها برغبة منها ، أو غصبا عنها ، المهم خارج إطار مؤسسة الزواج ، والتي تدفع ثمنها غاليا ، بتبعاتها مستقبلا خصوصا، بنظرة المجتمع ، الذي ينظر إليها بكونها «عاهرة»، الأمر الذي يدفعها ( تخرج ليها نيشان) ، بالإضافة إلى إثبات نسب الوليد ، والذي تضطر غالبية الأمهات إلى التخلي عنه ، لصالح إحدى المؤسسات الاجتماعية ، أو إحدى الأسر التي لم يمنن القدر عليها بأبناء ، لتضمن لوليدها عيشا كريما . من باب الوصف والعدل الإلهي جاءت في القرآن كلمة زانية مقترنة بالزاني ، لماذا إذن في قاموس ، المصطلحات المغربية لا نجد في مقابل الساقطة ، الساقط ، و بمقابل ، العاهرة ، العاهر ، وبمقابل الأم العازبة ، الأب العازب . بمقابل الثورة و الهيجان، و نداء الغريزة الحيوانية ، بمصطلح علم النفس (الهو)، على الأب العازب تحمل مسؤولياته أمام الله أولا ، وأمام القانون ثانيا ، الذي يعتبر العلاقة برغبة الطرفين فسادا ، يعاقب عليه ، و بعدم رضا أحد الأطراف اغتصابا ، علاقات تختلف أسبابها و مسبباتها ، تترتب عادة من العلاقات الغير الشرعية المتكررة واللقاءات الحميمية، و تبادل عواطف الحب و الغرام ، و الوعد بالزواج ، بالنسبة للذكور، أما الإناث فهناك من ترغب في الإمساك بعشيقها ليصبح زوج المستقبل ، خصوصا تلك التي لم تفلح معها قوى « الشيخ الصمدي الخارقة « ، لتضطر للحمل منه على أساس الزواج منه ، ليفاجئها بكلمتين لا غير سيري شوفي منين جبتيه ، وهناك أيضا حالات عديدة من الإغتصابات ، التي راحت ضحيتها فتيات في عمر الزهور ، وبمقتضيات أحكام المجتمع المغربي صرن «عاهرات« ، و المغتصب بطل. إن الأباء العزب مبحوث عنهم في العديد من القضايا ، قد يكونون من معارف الضحية، أو من الًأصول ، مطالبين بمراجعة ضمائرهم ، كما هو مطالب أيضا المجتمع المغربي، بمراجعة الأحكام المسبقة، فلا تجلدوا الزانية و تتركوا الزاني ، ولا تقدحوا الزانية و تمدحوا الزاني، وإذا حكمتم بين الناس ، فاحكموا بالعدل . ظهور الآباء العُزب ، و المتملصون من المسؤولية خصوصا ، بعد إشباع الرغبة الجنسية، قد يسهم و لو بالقليل ، و قد يساعد على احتواء الظاهرة ، بإثبات أنساب الأطفال الضحايا الذين لا ذنب لهم و لا يد لهم في ما يقع ، وقد يسهم أيضا في التخفيف من العبء على الدولة و جمعيات المجتمع المدني، التي تحاول إلى حد ما ، المساهمة في خلق مركز اجتماعية و تقديم الدعم النفسي و المادي ، لهذا الصنف من النساء . حتى نتخلص من الظاهرة ، لا بد من تطبيق القاعدة ، « لا تقتلوا الذباب، لكن جففوا المستنقعات »، تجريم الفساد، و الاغتصاب، والتحرش الجنسي، فرضيات تظل ناقصة، أمام غياب الوعي، وغياب الوازع الديني و الأخلاقي، ومن الجهة الأخرى نضال المدافعين عن الحرية الجنسية، التي تجعل من حجم معاناة الأمهات العازبات يتزايد ، وتتزايد أرقامهن، ويبقى الأباء العزب ، أحرار طلقاء بين أفراد الشعب المغربي البطل.