شهدت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة حركية سياسية وصفها المراقبون بانقلاب أبيض، سمته الأبرز إعادة تقاسم المناصب في دائرة العائلة الحاكمة، تقوية لما يُعرف بالجناح "السديري" في الأسرة الملكية، والذي يضم الإخوة الأكثر نفوذًا من أبناء الملك المؤسس «عبد العزيز آل سعود»، وهم أبناؤه من زوجته «حصة بنت أحمد السديري»، الذين ضعف نفوذهم بشكل غير مسبوق في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز. الإنقلاب الأبيض أو انقلاب القصر الناعم بدأ حتى قبل مبايعة الملك سلمان، أصدر هذا الأخير في 23 يناير الماضي ست مراسيم ملكية قضت بتعيين الأمير محمد بن نايف وليا ل«ولي العهد» ووزيرا للداخلية، وتعييّن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع، ورئيسا للديوان الملكي، وإعفاء الرجل القوي خالد التويجري رئيس الديوان الملكي من مهامه، كما قضت بتعيين اللواء حمد العهولى رئيسا للحرس الملكى الخاص. مسار سيتواصل في 29 يناير الماضي أي بفارق أسبوع عن سابقه، بما وُصف بأكبر تعديل وزاري تشهده السعودية، حيث أصدر الملك سلمان ثلاثين أمرا ملكيا، تضمنت تعديلات وزارية والغاء لمجالس ومهام وتشكيلا لمجالس جديدة، ودمجا لوزارات عديدة. الأمور لن تقف هنا، ففي نهاية أبريل الذي ودعنا، سيواصل الملك سلمان إعاذة هيكلة دائرة حكمه، وهكذا إعفاء أخيه ولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز من منصبه، وتعيين الأمير محمد بن نايف بدلاً منه، فيما تم تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً لولي العهد مع احتفاظه بمنصب وزير الدفاع، كما شمل التعديل السعودي، إعفاء أقدم وزير للخارجية في العالم، سعود الفيصل من منصبه، وتعيين عادل الجبير سفير المملكة بواشنطن كأول وزير للخارجية من خارج الأسرة المالكة. ولي العهد المعزول، سيتم تعيين ابنه منصور بن مقرن مستشاراً للعاهل السعودي بمرتبة وزير، في صيغة وصفها البعض بالترضية، كما ستشمل التعديلات العديد من الوزراء والمسؤولين. التعديلات الواسعة والمتكررة والتي كما سبق وقلنا لتقوية جناح الملك سلمان وإخوانه الأشقاء في مواجهة باقي الجهات بالعائلة الملكية السعودية، فهو نتيجة أيضا لعدد من الخلافات التي طفت على السطح وهمت ملفات أمنية إضافة لملف الحرب باليمن.