البارانويا هي مرض عقلي، حيث يعاني المريض من الهذيان الواضح والمستمر ومجموعة من المعتقدات الثابتة. يتركز الهذيان على مشاعر العظمة والاضطهاد ويعيش أفكاراً متسلطة. والغريب أنّ كلام المريض يبدو منطقياً، لأنّ البارانويا عبارة عن اعتقاد جازم بفكرة خاطئة. تتشكّل وتتطور الإعتقادات ببطء شديد وعلى مرّ زمن طويل، حتّى تصبح مع الأيام منظّمة للغاية. الأسباب
أولاً، أسباب وراثية، أي نلاحظ وجود اضطرابات عقلية لدى أغلبية أفراد أسرة المرضى. إلى جانب اضطراب الجو الاسري، التسلط في الاسرة والتوترات الزائدة، ما يجعل الشخصية مهيأة لبناء منظومة هذائية.
ثانياً، قد يتناول المريض عقاقير تسبّب أعراض شبيهة بالبرانويا، مثل الأمفيتامين وبعض أقراص الهلوسة. وقد تنشأ أيضاً بسبب إعاقة بدنية مثل كف البصر أو شلل الاطفال أو الصمم.
ثالثاً، تعرض الفرد لصدمة، إحباط، مواقف فشل وصراع نفسي بين رغبات الفرد في إشباع رغباته وخوفه من عدم القدرة على إشباعها.
الأعراض
شخصية المريض تبدو منتظمة نسبياً وسلوكه العام يبدو عادياً. لكنّه يشعر بأنّه عظيم وعبقري، لذلك يطلق عليه جنون العظمة. يكره الآخرين ويكون متقلب المزاج، سريع الغضب وعدواني. ينعزل المريض ويملؤه الخوف، ويغلب عليه الاكتئاب والحزن. كما لديه القدرة على المناقشة لساعات طويلة، وتبدو مناقشته منطقية غير أنها مبنية على أساس فكري خاطئ.
العلاج
يستخدم العلاج الطبي فقط لجعل المريض أكثر استجابة للعلاج النفسي، ولكنه لا يحل محله. أما العلاج النفسي، فيخفف من حدة قلق المريض وتجديد قدرته على الاتصال مع الآخرين. مريض الهذاء لا يستجيب للتأثر بالإقناع المنطقي، لذا لا يجب أن نضيّع الوقت في مناقشات منطقية معه. قد يجر المعالج إلى موضوع يجهله ليثبت قصوره فتزداد مشاعر العظمة لديه. فيستغرق التحليل النفسي لمريض البارانويا وقتاً طويلاً، لأنّه يغرق عادة في التفاصيل.
يهدف العلاج السلوكي تخفيف الهذيان وتعزيز السلوك التوافقي. هنا يحدث اهتزاز في تماسك الشخصية في بداية العلاج، ويستخدم في هذه الحالة بعض الفنيات مثل التعزيز الموجب. كما يفيد العلاج بالعمل، الاجتماعي، الاسري وبتعديل البيئة المحيطة.