مند أكثر من عشر سنوات تقريبا بدأت تتناسل في أشباه مدن المملكة السعيدة اقامات سكنية أطلق عليها اسم السكن الاقتصادي لأنها اقتصادية جدا في تكلفتها بالنسبة للمنهشين العقاريين و ليس بالنسبة للمواطن المغلوب على أمره الذي يضطر إلى دفع 25 مليون سنتيم على شكل أقساط تثقل كاهله لمدد قد تصل إلى 25 سنة "و شوف واش اعيش تال داك الوقت" للحصول على شقة شبيهة بقفص حيوانات السرك تتراوح مساحتها بين 36 و 60 مترا مربعا في أحسن الحالات في عمارات تشبه إلى حد ما أبنية السجون الأمريكية ,إن لم نقل أبشع من ذلك و التي تفتقد لأي لمسة جمالية و كأن المسئولين عن هندسة هذه البنايات يتعمدون بناءها على هذه الأشكال المستفزة لكي تحسس ساكنيها بالطبقة التي ينتمون اليها,أي طبقة الشعب المسحوقة و التي يجب أن تظل على حالها و عزلها في بنايات تفتقد إلى جل الشروط الضرورية لحفظ كرامة الآدميين. بالإضافة إلى أن هذه البنايات يتم إنشاؤها في مناطق معزولة و بعيدة عن مساكن الأغنياء و علية القوم لكي لا تفسد عليهم حياتهم ,فلا يجب أن يختلط المواطن البسيط بالمواطنين من الدرجة الأولى, فعندما يخرج ساكنو الفيلات و الإقامات الفاخرة يجب أن يجدوا الشوارع نظيفة و واسعة و المناطق الخضراء منتشرة في كل مكان و كل المرافق الاجتماعية متوفرة و لا يجب أن يصطدموا "ببوزبال" و بعربات الباعة المتجولين و الفراشة "الحاصول خاص كلشي اكون زوين". بينما في الجهة الأخرى غياب شبه تام للخدمات الصحية و الاجتماعية و المناطق الخضراء و انتشار كبير للأزبال و لجميع أشكال الانحراف و الإجرام. و في الأخير يتساءلون لماذا كثرت الجريمة و غاب الأمن. أنكم يا سادة المسئولون عن كل هذا , انتم بصدد أقامة بنايات فصل عنصري ومدن شبيهة بسجون كبيرة تزيد من الصراع الطبقي و تغدي الحقد بين الأغنياء و الفقراء في مملكتنا السعيدة و هو ما قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه في المستقبل.