في الفترة الأخيرة، عبر وسائل الإعلام المكتوبة أو المسموعة أو المرئية أو العنكبوتية...تتفاعل الآراء حول موضوعات مختلفة، -ومنها الإجهاض على سبيل المثال فقط- لكن ما يحز في نفسي هي الطريقة التي يتم من خلالها النقاش والحوار...حيث يظن البعض أنه يمتلك الحقيقة لوحده، ويظن البعض الآخر أن عدم الاصطفاف وراء قيم الغرب هو تخلف وجمود، ويظن البعض الآخر أن الاجتهاد فيما هو قابل للاجتهاد مروق من الدين...إلخ من المواقف التي لا يمكنها إلا أن تشوش على مضمون الحوار والنقاش، وإن كانت بعض الآراء المعبر عنها، في مضمونها، مقبولة... وللذين يظنون أن أئمة المسلمين الأفذاذ لم يكونوا من المتحاورين بالتي هي أحسن، وأنهم كانوا يفرضون آراءهم بقوة "الدين"، أو قوة "المشيخة" أو...أسوق هذا المثال التاريخي الرائع للتأمل ولأخذ النموذج والقدوة...
ﻳﺮﻭﻯ ﺃﻥ ﻳﻮﻧﺲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﺍﺧﺘﻠﻒ ﻣﻊ أستاذه ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺇﻟﻘﺎء هذا الأخير لدرس ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ!!...ﻓغضب ... ﻭخرج من ﺍﻟﺪﺭﺱ صوب منزله!!... ﻓﻠﻤﺎ ﺃﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ، طرق ﺑﺎﺏ ﻣﻨﺰﻟﻪ!! فلما سأل عمن ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ؟..أجاب ﺍﻟﻄﺎﺭﻕ: ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺇﺩﺭﻳﺲ!!
هذه عشر وصايا، أوصي بها نفسي أولا، ثم أوصي بها جميع المتحاورين...الذين يريدون الخير لأنفسهم، ولبلدهم...هي جامعة لأسس الحوار والخلاف...هي مدرسة وجب علينا جميعا الجلوس بمقاعدها...والنهل من توجهاتها وتعليماتها.