أود أن أعرف ماهي أصول الحوار وآدابه في الإسلام؟ وكيف لنا أن نتعامل مع اختلاف وجهات النظر برؤية شرعية، وجزاكم الله كل خير. إن الله جل في علاه - كما أوضحت في سؤال سابق - قد تحاور مع ملائكته، الله الملك الذي لا يسأل عما يفعل - والملائكة الذي لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. والله سبحانه جعلنا نتعبد بتلاوة قرآن، ذكر الله فيه حوارا من النمرود لإبراهيم عليه السلام يقول فيه: أنا أحيي وأميت - وقولا من فرعون لموسى عليه السلام بقوله: أنا ربكم الأعلى.وهي أشد الأقوال كفرا ومروقا .. والله أثبتها نصا في كتابه فلم يقل مثلا: وقال فرعون كلمة الكفر .. لكن الله نقلها نصا ولم يحظرها في كتابه .. ثم أورد الله تفنيدا حاسما لكل أقوال الكفر. والقرآن الكريم فيه من هذه الحوارات عبرة ودرسا لكل متحاور، وقد سمع النبي حوارا من عتبة بن ربيعة (أبو الوليد) يحوي مساومة رخيصة للنبي فاستمع لكلمته حتى فرغ منها، بل سأله أو قد فرغت يا أبا الوليد، هكذا بالكنية التي يحبها العربي، فلم يثر ولم ينفعل عليه بل رد ردا مفحما عاد به عتبه لبقية المشركين بغير الوجه الذي ذهب به. وهكذا فإن الحوار سيكون مفيدا إما في نقل رؤية الحق أو تفنيدا لرؤية الباطل أو كسبا لبعض الناس في صف الحق ومنهم طرف الحوار الآخر نفسه وإما تحييده أو كسر عداوته على الأقل. ولذلك أعتب على بعض المتحاورين من الإسلاميين الذين يخرجون من حواراتهم مع بعض الناس بعداوة أشد في صدور غيرهم من أطراف الحوار، وشرودا أبعد ونفورا أكثر. إن الحوار فرصة ذهبية لتوضيح المواقف وإبراز صورة الإسلام المضيئة وأخلاقه الراقية. ولذا أرى أن يتأدب المحاور بالثقة في النفس والهدوء والثقافة وحسن الإطلاع والصبر على الطرح المخالف وحسن توضيح رؤياه .. ولعل الكتب والمقالات التي تتعلق بأدب الحوار والخلاف تكون معينة لك في هذا الصدد.