كوم – عبد المنعم شوقي – التصوير للزميل أحمد خالدي تزامنا مع حلول الذكرى الأربعينية لوفاة أحد الرجال الأفذاذ الذين كافحوا وقاوموا من أجل الحرية والاستقلال، المقاوم المرحوم مزيان بن محمد أشيشا الذي ودعته مدينة الناظور قبل أسابيع في أجواء مهيبة خاشعة مؤلمة إلى مثواه الأخير بعد حياة تميزت بمواقف بطولية جعلت من الراحل رمزا من رموز المقاومة وجيش التحرير ،نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير حفلا تأبينيا للراحل بقاعة غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالناظور بحضور الدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي للمقاومة والسيد الكاتب العام لعمالة إقليمالناظور والسيد النائب الإقليمي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والسيد رئيس جمعية أبناء قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالناظور الحاج محمد بيجو وشخصيات أخرى من عالم السياسة والثقافة، وممثلين عن المجتمع المدني بالإضافة إلى أسرة الفقيد الراحل . بعد تلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ألقى الدكتور مصطفى الكثيري المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير كلمة مؤثرة في حق المقاوم الراحل مزيان بن محمد أشيشا استهلها بحمد الله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ، وجعل لكل نفس أجلا تنتهي إليه من غير زيادة ولا نقصان . وأكد الدكتور الكثير بأن الراحل العزيز مزيان بن محمد أشيشا رحل عنا إلى دار البقاء بجوار ربه بعد حياة مليئة بالعطاء والجهاد الوطني الصادق والسلوك النضالي الملتزم القويم ، تاركا في نفوس ذويه وأصدقائه ومجابليه من رفاق المقاومة والكفاح الوطني وفي قلوب كل من عرفه في مختلف أنحاء وطننا العزيز، ذكريات وطنية ماجدة راسخة في سجل الأداء الوطني الجاد والهادف ،ومخلفا وراءه مواقف مشهودة ستظل منقوشة في قلب كل وطني مخلص وفي. وأضاف السيد المندوب السامي قائلا "نجتمع في هذا اليوم الأغر في رحاب هذا الفضاء الذي تحفه الأنوار الربانية لتأبين حبيبنا في الله فقيد المقاومة والتحرير أخونا المقاوم مزيان بن محمد أشيشا ، ذلكم الصرح الشامخ في الوفاء للمبادئ والقيم النبيلة والخصال الحميدة وهي في عمقها ودلالاتها سجايا قلما تتجسد وتتوحد إلا في من أتاهم الله من فضله وكرمه وحباهم الله بشمائل الجود والعطاء. إن فقدان المبرور سي مزيان بن محمد أشيشا – يقول الدكتور مصطفى الكثيري – مكرمنا والمحتفى به اليوم في أربعينيته إن هو إلا مصاب جلل، ورزء يحل بالعائلة الوطنية وحركة المقاومة والتحرير من رفاقه من الرعيل الأول الماهدين للعمل الوطني والمكافحين في سبيل الحرية والكرامة والاستقلال ، ولا يسعنا أمام هذا المصاب الجلل وهذا الخطب العظيم إلا الإيمان بالله والرضا بقضائه وقدره مصداقا لقوله جلت قدرته "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ". إننا ونحن نستحضر ذكرى مكرمنا والمحتفى به اليوم – يضيف السيد المندوب السامي – في أربعينية المرحوم مزيان بن محمد أشيشا ، نسجل في ذات الحين باعتزاز وفخر عمق مشاعر البرور والوفاء والاعتراف بالفضل الجميل والتقدير الوفير لفقيدنا العزيز لما كان ، نور الله مثواه ، يتحلى به من الصفات النادرة التي شب وترعرع على قيمها وشيمها العميقة ،فقد أدرك مبكرا ومنذ انطلاق الشرارة الأولى لحركة المقاومة والفداء أهمية العمل التطوعي الثوري ، في سياق تلك الظروف الشاقة والمريرة التي ذاق فيها المغاربة مرارة الحماية وقساوة الاحتلال ،والتي كانت فيها الهيمنة الاستعمارية هي سيدة الموقف ضد كل من سولت له نفسه الجهر بالحق والعيش في بحبوحة الحرية والكرامة وعزة النفس ،والحال أن الشعب المغربي على مر التاريخ وتعاقب الأزمان لم يخضع في يوم من الأيام لمستعمر أجنبي، ولم يعرف الاستكانة ولا الاستسلام لغاز دخيل قديما أو حديثا. وفي هذه الظروف التاريخية العصيبة الصعبة – يؤكد الدكتور الكثيري – انخرط المرحوم السي مزيان بن محمد أشيشا إلى جانب صفوة من الوطنيين الأوفياء المتميزين بالجرأة والإقدام ، واستطاعوا تجاوز حدود الفعل السياسي ليختاروا عن قناعة وطواعية ويقين العمل الفدائي الملموس ، بعد أن امتدت واشتدت وطأة الحصار على الحركة الوطنية والوطنيين الأحرار ، حيث بادر من جهته إلى الالتحاق بصفوف جيش التحرير بشمال المملكة بمركز اسومار تحت المسؤولية المباشرة للمقاوم المرحوم عبد العزيز المس ، وخاض في ريعان شبابه غمار المواجهة والتصدي لقوات المستعمر الغاشم ،وشارك في مجموعة من المعارك دارت رحاها بالمنطقة وعلى الخصوص بأجدير وازكريتا وهيبل . وأوضح السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، بأن الفقيد الراحل المقوم مزيان بن محمد أشيشا أبان رحمة الله عليه عن طاقات هائلة وكفاءات متميزة في الجهاد الوطني التحرري الصادق في مواجهة المستعمر ومناهضة أذنابه من الخونة والمتخاذلين ،يجهر بالحق ولا يخشى في الله لومة لائم، وكان فعلا صرحا شامخا في الوطنية والمقاومة والتحرير ،يشهد له عدد من مسؤولي المقاومة بصولاته وجولاته في التضحية والإيثار ومقاومته الصامدة للاستعمار وأذنابه من العملاء وضعاف النفوس. لقد وفى المقوم الراحل السي مزيان بن محمد أشيشا، وأسدى بسخاء وضحى وأفنى شبابه وزهرة عمره في الدفاع عن الحرية والكرامة، وكان دوما متميزا بدماثة الأخلاق، وصفاء السريرة، وصدق الطوية والجود والكرم ولطف المعشر وسمو المقاصد ومكارم الأخلاق. وأكد الدكتور مصطفى الكثيري بأنه وكعربون وفاء والبرور بأعماله في حقل المقاومة والتحرير ،أبت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير إلا أن تقوم بتكريمه ضمن صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة والتحرير بمدينة الناظور في 14 نونبر 2006 ، والعزم موصول من أجل إطلاق اسمه ليبقى منارة مشعة في أذهان الأجيال الحاضرة ،على إحدى الشوارع أو الساحات العمومية بمدينة الناظور ،هذه المدينة المجاهدة التي ظل الفقيد وفيا لها معتزا بانتمائه إليها، وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية والمجالس المنتخبة ،وبتوافق طبعا مع عائلته الموقرة ،كما ستسعى المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير كعادتها على إطلاق اسمه على إحدى المؤسسات التعليمية بالمنطقة تخليدا لاسمه الكريم ،تطبيقا لبنود اتفاقية الشراكة والتعاون الموقعة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي. وختم السيد المندوب السامي كلمته المؤثرة بالتأكيد مرة أخرى بأن الفاجعة في فقدان المرحوم مزيان بن محمد أشيشا تغمده الله بواسع رحمته، ليست لأهله وعائلته وذوي القربى وحدهم بل عم وقعها وأثرها على قلوب وأفئدة العائلة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير التي ظل يدافع عن حقوقها ومكانتها ومبادئها بصدق إلى آخر حياته المليئة بصفات الجدية والنزاهة والاستقامة والوفاء ، وإن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، وهي تحيي الذكرى الأربعينية للفقيد العزيز ، اعتبارا لشمائل ومكارم الوفاء والبرور لرجالات الوطنية والمقاومة والتحرير، لتسعى بهذه السنة المحمودة والتقليد الموصول الذي التزمت به المندوبية السامية للتنويه بنضالات الوطنيين المجاهدين والإشادة بإنجازات المقاومين الأماجد الميامين الذين يرحلون عنا إلى دار البقاء، وهم جديرون بأن ينالوا كل ثناء وتقدير ويستحقون كل تكريم وتشريف وفاء لأرواحهم الطيبة الطاهرة . داعيا الله العلي القدير أن يبارك فيما قدمه المقاوم الراحل السي مزيان بن محمد أشيشا من أجل خدمة الوطن والدين ، وأن يجزل له المثوبة، وأن يغفر له ويزيد في أجره، وأن يجعله في رياض الجنة ويؤنسه في وحدته في قبره ، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يبعثه مبعثا كريما يرضى عنه إن شاء الله في معية المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي معية الصالحين من الذين تركوا آثارا إيجابية في هذه الحياة ، وعزاء الجميع والمواساة مجددا إلى رفيقتي حياته الفاضلتين السيدتين فطومة حاجي وتلايماس البشير اللذين كانتا له على الدوام السند والعضد، وإلى الأسرة الصغيرة من أنجال والأبناء والأصهار والأحفاد البررة متعهم الله بالصبر والسلوان وإلى الأسرة الكبيرة في التحرير والفداء والمقاومة "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي "صدق الله العظيم. وعن أسرة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تقدم السيد خالد السعليتي اتروكشيي وهو ابن أحد المقاومين، بكلمة ضمنها الخسارة التي أصابت أسرة المقاومة برحيل المقاوم السي مزيان بن محمد أشيشا الذي كان مناضلا صادقا، مخلصا في الدفاع عن المقدسات الدينية والوطنية لبلاده ، ولم يبخل بكل غال ونفيس من أجل حرية وطنه، وعزة أبنائه، ومكانة العرش العلوي المجيد . وأكد خالد السعليتي بأن حفل تأبين رفيق الدرب الغالي، هو جزء من الاعتراف بالجميل ، ومحاولة طيبة لرد الاعتبار لهؤلاء المجاهدين الأبرار ، الذين ضحوا براحتهم وخاطروا بأرواحهم من أجل هذا الوطن وسعادة شعبه. وباسم جمعية أبناء قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالناظور، ألقى الأستاذ الحاج محمد بيجو، كلمة عدد فيها مناقب الفقيد الراحل السي مزيان بن محمد أشيشا الذي يعد من خيرة رجال جيش التحرير بمثلث الموت بمنطقة تيزي وسلي ، حيث شارك إلى جانب أفراد فرقته في عدد من المعارك البطولية أبان فيها عن روح قتالية عالية ونكران للذات ،وكان هدفه الاسمي هو إلحاق الهزيمة بقوات الاحتلال وتحقيق استقلال البلاد. وأكد رئيس الجمعية الحاج محمد بيجو بأن العمل الصالح الذي قام به الفقيد الراحل في درب الكفاح الوطني، سوف لن ينقطع بحول الله وقوته ، وكيف ذلك وقد ترك ذرية صالحة طيبة حرص على تربيتها على المواطنة الحقة وعلى التضحية من أجل رقي البلاد ،وستواصل جليل الأعمال التي قام بها إبان فترة الكفاح الوطني. وتحدث بتأثر كبير السيد رشيد أشيشا أحد أبناء الفقيد الراحل باسم أسرة مزيان بن محمد أشيشا حيث تقدم بالشكر الجزيل إلى السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وللسيد عامل الإقليم وللسادة الحضور على مبادرتهم القيمة المتمثلة في تنظيمهم لحفل تأبيني لعميد الأسرة الراحل تغمده الله بواسع الرحمة والمغفرة ، مشيرا بأن الراحل فارق أسرته الصغيرة بعد أن اختطفه الموت على حين غرة ولم يمهلها هنيهة لتوديعه والتبرك بدعواته ، فلقي ربه تعالى في أفضل الشهور وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وفي أبرك لياليه وأعزها، ليلة القدر المباركة . وخاطب رشيد والده المقاوم الفذ قائلا "إذا كان جسدك قد توارى عنا وغشيه التراب ، فإن روحك باقية بيننا ترفرف علينا في هذا المحفل الكريم ما بقي ذكرك متداولا بين أصدقائك وأقربائك ، بحيث ستظل صورتك حية نراها بين زملائك رفاق درب الكفاح المرير الطويل ، حيث كنت المثل الأعلى في التضحية بالغالي والنفيس ونكران الذات وبذل المال والممتلكات في سبيل المبدأ الخالد الله – الوطن – الملك ، كما نجدك بين ذويك وأسرتك الصغيرة تلك الشجرة الوارفة الظل الكثيرة العطاء تأخذ بيد الضعيف وتعطي السائل الحاجة ،كما كنت الأب العطوف الحنون الذي علمنا معاني الحياة وغرس فينا مبادئ الوفاء والإخلاص وحب الوطن من خلال رواياتك الشيقة ونحن أطفال ، عن تاريخك الحافل بالبطولات خلال مرحلة الكفاح الوطني من أجل الاستقلال والحرية وفداء للعرش العلوي المجيد ، فقد كنا نعيش بلهفة ولوعة مغامراتك مع المجاهدين في أدغال جبال الريف. فطب نفسا ، وقر عينا في مثواك الأخير، وعزاؤنا كبير في حضور هذه الوجوه المستبشرة والنفوس الزكية والأفئدة الطيبة التي أبت إلا أن تشارك في حفل تأبين وفاتك، والترحم على روحك مسترخصة كل شيء للحضور في هذا الحفل ،والذين تقاسموا معك الصبر والعزيمة والإيثار ونكران الذات وقساوة ومعاناة حمل السلاح إبان فترة الكفاح الوطني. وفي ختام هذا الحفل التأبيني ، توجه أحد أنجاله الكرام بالدعاء الخالص لوالده الكريم السي مزيان أشيشا وكل المقاومين الأبطال وعلى رأسهم جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه ، وفقيد الأمة جلالة الملك الراحل الحسن الثاني قدس الله روحه ، بالرحمة والمغفرة ولجلالة الملك محمد السادس بطول العمر وبالنصر والتمكين. ثم التقطت صور تذكارية للأسرة الكريمة للمقاوم الراحل مع السيد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.