كوم - عبد المنعم شوقي - التصوير للزميل :أحمد خالدي.
عقد المجلس العلمي المحلي بالناظور مؤخرا وبتنسيق مع مندوبية الشؤون الإسلامية ، لقاء ثانيا موسعا مع الأئمة المؤطرين ومؤطري ميثاق العلماء، وخصص لموضوع قراءة الحزب الراتب في المساجد من أجل المساهمة في تعميق وعي الأئمة بأهمية هذا الموضوع.
اللقاء استهل بقراءة جماعية لسورة الفتح ، تلتها كلمة توجيهية في الموضوع للأستاذ ميمون بريسول رئيس المجلس العلمي المحلي بالناظور تناول فيها بالدرس والتحليل محور "الحزب الراتب ، المشروعية والتاريخ والآثار".
السيد رئيس المجلس العلمي أثار انتباه السادة الأئمة والوعاظ والمؤطرين إلى ما تكتسيه القراءة الجماعية للحزب الراتب في مساجد المملكة مدنها وقراها من أهمية في تعليم كتاب الله عز وجل لرواد المساجد المصلين وعموم الناس حفظا وتعلما وتصحيحا.
وأشار الأستاذ ميمون بريسول إلى" أنه حيث أن البادية كانت لها الصدارة في تخريج أفواج هائلة من حملة كتاب الله العزيز قديما وحديثا ، إلا أن ما سجل من تراجع ملحوظ في التزام أئمة المساجد في عدد من البوادي والقرى بسنة المواظبة على قراءة الحزب الراتب ، أدى إلى تخليهم عن القيام بالواجب في العناية بكتاب الله تعالى من هذه الناحية على الأقل ، وهو ما لا يجوز التغاضي عنه حاضرة وبادية، وبالتالي ينبغي المواظبة على قراءة الحزب الراتب في المساجد صباح مساء جريا على السنة المتبعة في ذلك في بلادنا خلفا عن سلف ، وعملا بمقتضيات دليل الإمام والخطيب الواعظ ( ص 174) .
وذكر الأستاذ ميمون بريسول بغايات وأهداف المواظبة على قراءة الحزب ، وأهمها وجوهرها هو تعهد المحفوظ من القرآن الكريم ثم تصحيح القراءة والاستماع المأجور عليه مع ما للنظر في المصحف الكريم من مضاعفة الأجر والثواب .
وأضاف السيد رئيس المجلس العلمي المحلي بأن قراءة الحزب الجماعي تعد من أكبر أسباب حفظ القرآن الكريم في الصدور وهو ما دلت عليه التجارب المتوارثة في بلادنا خلفا عن سلف ، وهي التجربة التي تتخذ منها اليوم ومنذ السنين الأخيرة بعض الدول المغاربية والإفريقية والمشرقية، النهج السليم لتعليم القرآن الكريم للناشئة والفتيان والفتيات وحتى الشيوخ ،موضحا بأنه إذا كان من حسنات لقراءة الحزب الراتب في المساجد بكرة وعشيا، إلا هذا التعهد حتى لا ينفلت من صاحبه ، وإلا هذا الاجتماع الذي يلم شعث المؤمنين المخلصين في هذه الاوقات الفاضلة.
وأكد الأستاذ ميمون بريسول، بأن قراءة الحزب الراتب كان دائم ا يحظى بعناية خاصة من لدن ملوك المغرب منذ العهد الموحدي إلى عهد الدولة العلوية الشريفة، التي ننعم فيها اليوم تحت ظل القيادة الرشيدة لأمير المومنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وبعد الكلمة القيمة والتوجيهية للسيد رئيس المجلس العلمي المحلي بالناظور ، تناول الكلمة الاستاذ أحمد بلحاج المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بالناظور والتي تطرق فيها إلى واجب العلماء والوعاظ في المحافظة على ثوابت المملكة وتفقيه الناس في أمور الدين ، حيث استحضر في مداخلته مزايا وثمار القراءة الجماعية لكتاب الله الحكيم والتذكير بجهود المغاربة ملوكا وشعبا في الحفاظ على هذا الإرث الديني الأصيل.
وأوضح الأستاذ بلحاج، مدى حرص وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على توجيه الأئمة والخطباء والوعاظ إلى مشروعية القراءة الجماعية للحزب الراتب، ففي ركن "نماذج من الشعائر الدينية التي جرى بها العمل: تأصيل وتخريج"من دليل الإمام والخطيب والواعظ، دافعت الوزارة عن هذه المشروعية بالقول"الأصل في مشروعية القراءة جماعة ما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن ما اأتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا".وزاد الدليل بالتوضيح:"والائتلاف على القرآن والاختلاف فيه، مما لا يتصور حدوثه في التلاوة الفردية، وجمهور العلماء على جوازها واستحبابها". وذكر الدليل بعد ذلك أن ترتيب هذا العملجرى به منذ عصور، وأن العلماء كانت لهم في ذلك مقاصد ثلاثة معتبرة: منها تعاهد القرآن حسبما جاء فيه من الترغيب في الأحاديث، ومنها تسميع كتاب الله لمن يريد سماعه من عوام المسلمين، إذ لا يقدر العامي على تلاوته فيجد بذلك سبيلا إلى سماعه، ومنها التماس الفضل المذكور في الحديث إذ لم يخصص وقتادون وقت. وبعذ ذلك التفت الدليل إلى بيان تأصيل المشروعية.
بعد الكلمتين القيمتين لكل من السيدين رئيس المجلس العلمي المحلي و مندوب الشؤون الإسلامية بالناظور ، فتح باب المناقشة لإغناء الموضوع بمجموعة من المداخلات، أشادت معظمها بالظروف الحسنة التي مر فيها اللقاء الثاني هذا وما لقيه من ترحيب من لدن السادة الأئمة معتبريه إياه مبادرة طيبة .
واغتنم السادة الأئمة، فرصة انعقاد هذا اللقاء لتأكيد تشبثهم بالمقدسات الدينية والوطنية والموروث الديني الأصيل الذي أخذوه عن شيوخهم وآبائهم وأجدادهم منذ قرون عديدة، والتزموا به في حياتهم اليومية والعلمية حتى صار شيئا لا يستغني عنه الإمام ومن معه من عمار المساجد، أو رواد الزوايا وطلبة المدارس القرآنية بالقرى والمدن .
واختتم اللقاء بدعوة الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ، وأن ينفع به البلاد والعباد وأن يوفقنا للعناية بكتابه عز وجل على الوجه الذي يرضيه ويرضي نبيه عليه الصلاة والسلام ويرضي الأمة المغربية والإسلامية وفي مقدمتها مولانا أمير المومنين حامي حمى الملة والدين، وأن يحفظه بما حفظ بهالذكر الحكيم، وأن يقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، وصنوه مولاي رشيد وسائر أفراد أسرته الملكية الشريفة وشعبه الوفي إنه سميع مجيب.
وبالمناسبة ، أقيم حفل غذاء على شرف السادة الأئمة والوعاظ.