غابت جريدة "أخبار اليوم" عن قرائها مجبرة لثلاثين يوما.. شهر كامل من المعاناة والظلم انطلق بهجوم أمني عنيف على مقر الجريدة وطرد طاقمها إلى الشارع وانتهى بثماني سنوات سجنا موقوف التنفيذ وغرامات خيالية ضد مديرها ورسامها الكاريكاتوري، وبين البداية والنهاية تسارعت الأحداث ما بين مخافر التحقيق ومقهى "الزجاج" والمحاكم والوقفات التضامنية والبلاغات والندوات الصحفية... إنها قصة 30 يوما من محاولة إعدام جريدة. أمهات ومتضامنون و"فايس بوك" الأمهات كائنات غريبة إلى أبعد الحدود: يبكين بسرعة، يضحكن بسرعة ويغضبن بأقصى سرعة، وفي الحالة الأخيرة تأخذ ملامح "الواليدة" نفس السمات عند معظم أمهات المملكة، خصوصا في لحظات الإحساس بالظلم.. ملامح شبيهة بتلك التي ظهرت على وجوه أمهات سيدي إفني أو أمهات الأراضي السلالية في القنيطرة أو أمهات المعتقلين السياسيين في مراكش.. فيصرخن ويصرخن، وفي النهاية يبدأن بالدعاء على الظالم، هكذا كان الأمر مع أمهات العديد من صحافيي يومية جريدة "أخبار اليوم"، عندما علمن بأن أبناءهن وبناتهن قد صاروا في الشارع بلا عمل، لتعود معالم الغضب إلى وجوههن وأصواتهن، وكعادتهن صرخن وصرخن وفي النهاية أطلقن دعوات "آيام ويذ يو.. غود لاك" (أنا معكم حظا موفقا)، هكذا قال متحدث من الصين الشعبية في مكالمة غير متوقعة، من مواطن بعيد جدا، "سوموس كون فوسوتروس" (نحن معكم) قالت الإسبانية "مونتسي" غير البعيدة عن رياح المغرب العاتية في وجه الصحافة، ومكالمات وإمايلات وتعليقات على "الفايس بوك" من كل بلدان العالم، تخطت كل الحدود، أناس لم يقرؤوا "أخبار اليوم"، ولا يعرفون العربية، ولا يهمهم ثمن المكالمة يتضامنون بكلمات مقتضبة لكنها تنسي الجميع وقع المقالات المسمومة لبعض "الزملاء" الذين شمتوا وفرحوا لما حدث، ومغاربة شرفاء من اليسار واليمين حضروا إلى مقهى "الزجاج" القريب من مقر الجريدة للتضامن والمساندة، ومن لم يستطع الحضور كان يتصل ويشارك الجميع لحظات الهم والحسرة لدقائق. أما أصحاب الحال فقد علموا أن كل ما يفعلونه بالجريدة وطاقمها يصل بسرعة البرق إلى الملايين عبر ربوع المملكة، ويتابعه أناس في الصين والولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا عبر موقعي "فايس بوك" و"تويتر"... ليكتشف كوادر البوليس البيضاوي أن العيون البشرية لن تفي بالغرض فقرروا أن يبدؤوا في إرسال دعوات استضافة مقر الجريدة، لكن الموقع الاجتماعي العالمي كان "رجلا" ولم يتردد في فضحهم مع كل اختراق.