كانت حسناء في حاجة إلى قرض شخصي أسقطها في شراك شبكة «قارئة الفنجان» التي أذاقتها مرارة الفلوس، من شدة أثر حبال شيكات الضمان الجاثمة على أنفاسها مقابل مبلغ بسيط قدرته صانعة الحلوى في عشرة آلاف درهم، تحول تحت الابتزاز والتهديد إلى 300 ألف درهم. بحي النرجس بفاس، أكبر تجمع سكاني بالمدينة، ظلت تنشط في صمت وبعيدا عن رادارات بعض أجهزة السلطة الإدارية والأمنية والقضائية شبكة تعرف في الأوساط الفاسية بشبكة «قارئة فنجان جيوب النساء»، نسبة إلى متزعمتها وهي مصرية تدعى «إيمان»، تبلغ من العمر 53 سنة، دأبت على قراءة فناجين وأكف النساء، ولكن ليس بهدف رسم البسمة على ملامح حزينة، رغبة منها في إسعاد نساء المغرب، بل لإفقارهن وسلبهن أموالهن. كانت تساعدها في تدبير أمور الشبكة امرأة مغربية متزوجة من رئيس وحدة عسكرية بمدينة العيون، ورجل ملتح مشهور بتقديمه للقروض بالفائدة والتوسط في معاملات تجارية. تصيد الضحايا اختارت «شبكة قارئة الفنجان»، المكونة في غالبيتها من النساء، النصب على النساء النشيطات اقتصاديا. حيث تمكنت من إنجاز العديد من العمليات التي استهدفت موظفات وعاملات ومتقاعدات، إلى أن ساقت الأقدار صانعة للحلوى الفاسية التقليدية تدعى حسناء شفيق (أم لأربع بنات والمعيلة الوحيدة لأسرتها بعد إصابة زوجها بمرض عضال أقعده الفراش)، بين براثن الشبكة. كانت حسناء في حاجة إلى قرض شخصي أسقطها في شراك شبكة «قارئة الفنجان»، التي أذاقتها مرارة الفلوس من شدة أثر حبال شيكات الضمان الجاثمة على أنفاسها، مقابل مبلغ بسيط قدرته صانعة الحلوى بعشرة آلاف درهم، تحول تحت الابتزاز والتهديد إلى ثلاثمائة ألف درهم. وهو المبلغ الضخم الذي ظل أفراد «شبكة قارئة الفنجان»، كل حسب اختصاصه، يطالبون صانعة الحلوى بأدائه عبر شيكات باسمها كانت بين أيديهم. مما دفع صانعة الحلوى إلى إعلان ثورتها ضد الشبكة بعد أن ضاقت بها كل السبل للإفلات من بين براثن عناصرها الذين كانوا يتوالدون كالفطر، حسب تعبير صانعة الحلوى، يوما بعد يوم. اختارت فضح أمر الشبكة في شكاية تقدمت بها إلى ولاية أمن فاس، وعلى إثرها قام أفراد الشرطة القضائية بأمر من النيابة العامة بإخضاع مقرات إقامة الأظناء للتفتيش، وعلى رأسها منزل زوجة القائد العسكري ومساعدتها، بالإضافة إلى منزل المصرية التي كشفت مصادرنا أنها عوملت معاملة خاصة من قبل بعض رجال الأمن، الشيء الذي أربك مجريات البحث وضيع العديد من التفاصيل، بالرغم من وصول الشرطة إلى وضع يدها على محجوزات تدين أفراد الشبكة من قبيل الكمبيالات والأوراق والشيكات البنكية الموقعة على بياض والحاملة للمبالغ المالية، والتي ضمنها شيك مزور بمبلغ 600 ألف درهم في اسم أحد الضحايا، واعتراف بدين في اسم المواطنة المصرية، ووصل يخص مؤسسة لتحويل الأموال ومذكرة جيبية تحمل أرقام هواتف نقالة لأصحاب الشيكات المحجوزة، ضحايا القروض المالية، وعددهم أربعة استمعت إليهم عناصر المجموعة الأولى للأبحاث بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بفاس. غير أن مصادر مطلعة كشفت ل«أخبار اليوم» أن ضحايا آخرين أبعدوا من دائرة البحث ويتقدمهم عسكري متقاعد، كان قد تقدم إلى الشرطة فور علمه بأمر توقيف أفراد الشبكة لأجل فك لغز قصة زوجته، التي كانت قد سقطت ضحية الشبكة بعد عجزها عن أداء فوائد قرض حصلت عليه من الشبكة التي كلفت بعض الأشخاص بتعذيبها وإرغامها على القيام بعمليات تهريب لمواد ممنوعة بواسطة سيارة تم كراؤها باسمها، حيث تمكنت من الهروب نحو وجهة مجهولة تاركة خلفها زوجها و3 من أبنائها. ابتزاز وتهديدات بداية هذه الحكاية كما روتها صانعة الحلوى الفاسية حسناء ب»ذلك اليوم المشؤوم»، تقول حسناء شفيق، الذي اتجهت فيه إلى وكالة بنكية بحي ليراك لسحب مبلغ ثمانية آلاف درهم لتغطية مصاريف علاج زوجها المصاب بمرض عضال والراقد بإحدى المصحات الخاصة بمدينة فاس. وعند عودتها باغتها أحد اللصوص الذي يبدو أنه كان يتعقب خطواتها فسرق منها المبلغ. ارتبكت حسناء وبكت كثيرا قبل أن ترشدها امرأة من معارفها إلى الظنينة (لطيفة- ل، 42 سنة) المعتقلة حاليا بسجن عين قادوس، حيث وافقت على إقراضها مبلغ عشرة آلاف درهم مقابل شيك بنكي من أجل الضمان بمبلغ خمسة عشر ألف درهم، يسدد عبر دفوعات بمبلغ ألفي درهم نهاية كل شهر. وبعد مرور خمسة أشهر فوجئت حسناء بأن لطيفة اعتبرت المبالغ المدفوعة فوائد عن المبلغ المالي المقترض. وبعدما شعرت المتهمة بأن حسناء لم يعد بمقدورها دفع مزيد من الأموال، تدخل زوجها «نور الدين. ع» الذي أقرضها مبلغا ماليا لتدبير ضائقتها المالية مقابل تسلمه شيكين بمبلغ عشرة آلاف درهم لكل واحد منهما، موقعين باسم صانعة الحلوى حسناء شفيق، وبعد ابتزازها على مدى 3 أشهر عمد الزوجان (لطيفة ونور الدين) إلى تخيير حسناء بين أداء المبالغ المثبتة في الشيكات الثلاثة التي يتوفران عليها وبين الزج بها في السجن. وتحت طائلة التهديد بالسجن، اقتاد الزوجان صانعة الحلوى إلى العنصر الثالث بالشبكة، التي تدعى «زهور. ع» وهي زوجة قائد وحدة عسكرية بالعيون، فتدخلت هذه الأخيرة التي قدمت نفسها لحسناء شفيق على أنها قائمة بأعمال مواطنة مصرية تقيم بمدينة فاس. وسلمتها بطاقة إقامة المواطنة المصرية صاحبة «مشروع القروض الشخصية»، وطلبت من حسناء التوجه إلى إحدى المقاطعات الإدارية لتصديق إمضائها على وثيقة اعتراف بدين بذمتها بقيمة ثلاثين ألف درهم لفائدة المواطنة المصرية «إيمان»، وتوقيع شيك على بياض من أجل الضمان مع تسديد مبلغ 3500 درهم على رأس كل شهر لفائدة زهور مقابل وساطتها في حصول صانعة الحلوى الفاسية على هذا القرض الشخصي من المواطنة المصرية. حسناء وسط الوحوش أرغمت حسناء تحت التهديد على قبول عرض «زهور» لتسوية الشيكات البنكية الثلاثة، والتي هي تحت يد الزوجين «نور الدين ولطيفة»، اللذين عادا بعد أيام من توريط الضحية حسناء في اقتراض رابع إلى تهديدها بدفع كل الشيكات الصادرة باسمها إلى النيابة العامة. ليتم هذه المرة اصطحابها، دائما تحت التهديد، إلى أحد التجار بحي الرصيف «عبد الله- ب»، الذي اقترح على الضحية حسناء أداء مبلغ 40000 درهم لفائدة الزوجين «نور الدين ولطيفة» مقابل تسليمه شيكا بنفس المبلغ أو الرسم العقاري الخاص بالمنزل الذي تقيم فيه رفقة أفراد عائلتها. رفضت حسناء رفضا تاما الإقدام على هذه الخطوة بدعوى أن الرسم العقاري لمنزلها هو في اسم زوجها، وأنها لن تقدم أي شيك جديد ما دامت لا تسترد الشيكات التي سويت مبالغها بقروض متتالية من أفراد عناصر الشبكة، الذين كانوا يهدفون إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من الشيكات في اسم حسناء ليتم تداولها ما بين أفراد الشبكة حتى يتسنى لهم مصادرة منزل صانعة الحلوى الفاسية وكل ما تملكه من أشياء نفيسة. بعد ذلك توالت الاتصالات الهاتفية لنساء أخريات بحسناء يطالبنها بتسديد مبالغ شيكات حصلن عليها موقعة باسمها وإلا سيتم جرها إلى السجن، لتجد حسناء نفسها في مواجهة مجموعة من النساء والرجال الأغراب لم يسبق لها التعامل معهم وعلى رأسهم أحد نزلاء سجن عين قادوس «محمد – ب»، الذي اتصل بها هاتفيا من السجن يطالبها بتسديد 50 ألف درهم لفائدة زوجته (الحسنية)، وإلا فإنه سوف يعرض عائلتها وبالتحديد ابنتها البكر، البالغة من العمر 16 ربيعا، ل«سلوكات عدوانية». الكمين أمام كل هذا، ومن أجل وضع اليد على عناصر الشبكة، وبعد أن تلقت حسناء وهي تقدم تصريحاتها لفرقة الأبحاث بولاية أمن فاس، مكالمة من القائمة بأعمال «قارئة الفنجان» المسماة «زهور» تطالبها بإحضار مبلغ ألفي درهم من عمولتها على تسوية خلافها مع الزوجين نور الذين ولطيفة (أعضاء الشبكة)، قررت النيابة العامة، بتنسيق مع الضحية، نصب كمين للظنينة من خلال إحضار مبلغ ألفي درهم مكون من أوراق بنكية من فئة مائتي درهم ونسخها على أن يصاحب أفراد الشرطة حسناء إلى مقر سكنى «زهور»، التي تسلمت المبلغ تحت أنظار رجال الأمن الذين تابعوا العملية عن بعد. بين يدي العدالة تم إيقاف «زهور» التي اعترفت بالمنسوب إليها وكشفت عن بقية أفراد الشبكة. فيما شرعت عناصر الشرطة القضائية بمباشرة عمليات التفتيش التي ساقت أفراد الشبكة، ومعظمهم من النساء، إلى العدالة بتهم تتعلق بتكوين شبكة تدير أعمالا بنكية دون ترخيص عبر تسليم قروض بالفائدة واستلام شيكات موقعة على بياض على سبيل الضمان وتزويرها واستعمالها مع النصب والاحتيال والابتزاز والتهديد. وقضت المحكمة الابتدائية في حق المواطنة المصرية، المتابعة في حالة سراح، ب10 أشهر حبسا نافذا، فيما حكمت على زهور، زوجة القائد العسكري، بسنة ونصف حبسا نافذا، ومساعدتها لطيفة بسنتين ونصف حبسا نافذا مع إيداعهما بسجن عين قادوس، إلى جانب المدعو بولحية الذي حكم عليه بسنتين حبسا نافذا، فيما يتابع زوج لطيفة (نور الدين) في حالة سراح بعد أن حكمت عليه ابتدائية فاس بسنة حبسا نافذا. وخلال جلسة يوم الخميس ما قبل الماضي، قررت محكمة الاستئناف بفاس، وهي تنظر في الأحكام المستأنفة من قبل النيابة العامة والتي تخص ملف هذه الشبكة المفككة، تأجيل القضية إلى جلسة 24 يونيو 2010.