في مسابقات الثقافة العامة التي كانت تنظم ما بين المدارس والثانويات والإعداديات، في ذلك الماضي القريب الجميل، هناك أسئلة كانت دائما فاصلة في فوز مدرسة على أخرى من قبيل: «من هو مخترع التليفون؟»، ونحن بعقولنا الصغيرة المبرمجة كنا نرد بسرعة البرق: «ألكسندر غراهام بل»، وتستمر المسابقة: «من هو مخترع الراديو؟»، ويكون الجواب هو «جويلمور ماركوني».. و«من هو مخترع التلكراف؟»: صمويل موريس.. و«من هو مخترع الطباعة؟»: يوحنا كوتنبرغ.. وتستمر الأسئلة وفي النهاية تفوز المدرسة التي يعرف تلامذتها النجباء أكثر المخترعين ويجيبون عن أكبر عدد من الأسئلة الثقافية الأخرى، لكن في كل هذه المسابقات الجميلة، والتي تكاد تختفي اليوم، لم يسألونا أبدا عمن هو مخترع «بيت الما»؟ أو بالأحرى من هو مخترع المرحاض المائي؟ ربما لأن السؤال عن مثل هذا الأمر يدفع إلى تذكر روائح غير طيبة إطلاقا، لكن المهم هو أن هناك مخترعا ل«الطواليط»، ولمن لا يعرفه فهو البريطاني «جوزيف براماه». لماذا بداية هذا الصباح بكلام عن «الطواليط»؟ ببساطة لأن هناك حدثا مغربيا مثيرا انطلق في المملكة لإعادة الاعتبار إلى أماكن الراحة هاته.. فقد أقدم شباب مغاربة على إنشاء موقع اجتماعي على الإنترنت يحمل اسم «بيت الما»، لفضح الحالة المتردية التي أصبحت عليها «الكابينات» المغربية. الموقع يقوم على مبدأ بسيط، كل مواطنة مغربية أو مواطن مغربي دخل إلى مرحاض مقهى أو سينما أو مسرح أو أي مرحاض عمومي آخر، ووجده في أسوأ حالات النتانة البشرية، يمكن أن يخرج هاتفه النقال ويلتقط الوضع على ما هو عليه، ويرسل الصورة إلى موقع «www.bitelma.co.cc» مذيلة بمكان وزمان ومدينة التقاط صورة المرحاض الكريه، والباقي سيتكفل به أصحاب الموقع الذين سيعملون على نشر الفضيحة، دون روائح طبعا. «الفكرة مجنونة، لكن الهدف نبيل، وهو حقنا في بيوت راحة نظيفة»، يقول فيصل فرتاخ، صاحب الموقع، والذي أعطى انطلاقته منذ أسبوعين فقط، لكن الهدف بالنسبة إلى فرتاخ وأصدقائه ليس فقط فضح مخلفات البشر في «بيت الما» وإنما أصحاب الفكرة يوجهون نقدا موضوعيا إلى مفهوم «الكابينة» المغربية، بحيث يعتبرون أن تصميم الطواليط في المغرب هو متخلف، ما دام يتمسك باللون الأبيض كلون رسمي لكل مرحاض مغربي والمصباح الأصفر المائل إلى البرتقالي كلون إضاءة رسمي أيضا، مما يوفر ظروفا مواتية لبروز الأوساخ بشكل واضح، كما يقول صاحب الفكرة دائما، وهكذا فالمشرفون على الموقع سيشتغلون مع العديد من الفنانين الشباب المعاصرين من أجل تقديم اقتراحات لطواليطات بألوان أخرى وإضاءات أخرى وتصميمات أخرى، كل ذلك من أجل «راحة حقيقية كاملة». ومن المتوقع أن يلقى هذا الموقع الاجتماعي المغربي نجاحا كبيرا، بالنظر إلى عدد الطواليطات «الخانزة» على التراب الوطني، ونظرا إلى أن الموقع ليس مقتصرا على مراحيض بعينها، فهو ملتزم بفضح أي «بيت الما» كيفما كان وأينما كان، وهكذا سيكون بإمكان المسؤولين والشخصيات العامة والوزراء المشاركة بصورهم والانخراط في هذه القضية، كما يمكن للبرلمانيين رصد حالة مراحيض قبة البرلمان وللسياسيين رصد حالة مراحيض مقراتهم الحزبية، والجمعويين التقاط صور مراحيض دور الشباب، وأيضا الرياضيين الذين سيصير بإمكانهم فضح حالة كابينات مستودعات الملابس في الملاعب... تحت شعار: «يدا في يد من أجل طواليط الغد».