قال تقرير جديد ل"المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية والاستخبارية والأمنية"، المثير للجدل، إن جبهة البوليساريو تنزلق أكثر فأكثر صوب مستنقع النشاط الإرهابي للجماعات الإسلامية المتطرفة. وأضاف التقرير، الذي أنجز تحت إدارة رئيس المركز، كلود مونيكي الذي أثار بدوره الكثير من الجدل قبل سنوات بسبب رفعه لدعوى ضد مجلة "لوجورنال"، أن استمرار نزاع الصحراء وغياب أيّ أفق أفضيا إلى إصابة البوليساريو بمزيد من الضعف. وتابعت الوثيقة الجديدة، التي صدرت أمس الجمعة، أن الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات والسلاح، التي تطورت بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة، بدت للكثير من الصحراويين المخرج الوحيد من المأزق الذي يحيون فيه، وقد سمح هذا الانزلاق المطرد صوب مستنقع الجريمة بالانتقال إلى النشاطات الإرهابية، خاصة أن الحدود بين المجالين في منطقة الساحل باهتة جدا. ولكن ليس العامل المادي فقط هو الذي دفع الصحراويين صوب النشاطات الإجرامية والإرهابية المحتملة، حسب تقرير مركز مونيكي، بل هناك عامل إيديولوجي يتجلى في فشل الإيديولوجيا الماركسية اللنينية التي اعتمدت عليها البوليساريو، وأدى هذا الفراغ الإيديولوجي إلى اعتناق البعض لأفكار الإسلام المتطرف. وأشار مونيكي في التقرير إلى أن "هذا التواطؤ بين الإرهابيين وتجار المخدرات والسلاح، الذي لا يسمح برسم حدود بين هذين النشاطين، يعتبر إشارة ملموسة على تدهور الوضع الأمن بمنطقة الساحل، التي تتحول تدريجيا إلى (منطقة رمادية)". وأوضح أن "التوتر" بين الرباط والجزائر، الذي يعيق كل تعاون إقليمي حول المسائل الأمنية، يعتبر أحد أهم الأسباب التي تفسر تنامي الإرهاب في الساحل منذ بضع سنوات. وأبرزت الوثيقة أنه بعد إعلان "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الولاء لأسامة بن لادن في سنة 2007 وتحول اسمها إلى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، ظهرت على هامش هذا التنظيم جماعة سلفية تحمل اسم "إمارة الصحراء". ونقل "المركز الأوربي للدراسات الاستراتيجية والاستخبارية والأمنية" عن ما أسماه "مصادر أمنية واستخبارية" قولها إن هذه الجماعة خضعت لتداريب أشرف عليها "مقاتلون قادمون من مخيمات البوليساريو". ويقول كلود مونيكي إن هناك "مؤشرات" على وجود روابط بين الجبهة والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تعود إلى سنة 2003. ففي تلك السنة اعتقلت مصالح الأمن الموريتاني بابا ولد محمد بخيلي، وهو من أطر البوليساريو، وعددا من مساعديه لتورطهم في سرقة متفجرات من الشركة الموريتانية للصناعة المعدنية، وهي متفجرات لا تستعملها عادة الحركات المتمردة بل تستخدم، حسب التقرير، من طرف المنظمات الإرهابية. كما تبين أن الجماعة السلفية للدعوة والقتال، بقيادة مختار بالمختار، استعملت في هجومها على ثكنة عسكرية موريتانية في يونيو 2005 (خلف مقتل 15 عنصرا وجرح 17 آخرين) سيارات في ملكية البوليساريو. ويضيف التقرير أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أخذت تهتم كثيرا، خلال السنوات الأخيرة، بجبهة البوليساريو "التي أصبحت أحد أهم أحواض التجنيد للمنظمة الإرهابية" حسب تعبير كلود مونيكي. ولكن أهم رابط بين الجبهة والقاعدة، إلى حد الآن، هو "عمر الصحراوي" الذي تتهمه السلطات الموريتانية بأنه ضليع في عملية اختطاف الإسبان الثلاثة في نونبر الماضي بشمال موريتانيا غير بعيد عن الحدود المغربية. وعمر الصحراوي هذا هو أحد الأطر السابقة في البوليساريو، وساهم في تكوين جزء من أطره القيادية حسب صحيفة "أ بي سي" الإسبانية.