قال عبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية في هذا الحوار، إن المغرب تقدم بمشروع يهدف إلى إرساء اتفاق تفضيلي في المجال التجاري مع دول إفريقيا الوسطى، ويرى أن هذا الاتفاق سيمكن هذه الدول من الانفتاح على جار له تجربة شمولية وقريبة من الواقع الإفريقي، وأضاف أن هذا المشروع ينبني على تبادل لوائح مجموعة من المنتوجات التجارية التي يمكن أن تستفيد من إطار تفضيلي، وسجل أن حجم مبادلات المغرب مع القارة الإفريقية تطور خلال السنوات الأخيرة، إذ انتقل خلال الأعوام الستة الأخيرة من 5 إلى 10 في المائة من حجم المبادلات التجارية الإجمالية للمغرب. حطت قافلة التصدير بإفريقيا في مرحلتها الثانية بدولة الكامرون أولى محطات هذه الجولة. ما هو تقييمك المبدئي لنتائج هذه المحطة؟ وما هي الأهداف التي سعت الوزارة إلى تحقيقها من وراء اللقاءات البينية للمهنيين خلال أيام انعقادها؟ بداية أود التأكيد على أن النتائج والأهداف أكبر من سردها في هذا الجواب، لكن الأكيد أن هذه المحطة الأولى، وقافلة التصدير على وجه العموم، تميزت بالعدد الكبير للمشاركين والاهتمام المشترك من كلا الطرفين، الأمر الذي قادنا إلى بلوغ نتائج جيدة من خلال المباحثات الفردية بين المهنيين والمستثمرين، والتي يمكنني وصفها بالبناءة، إذ تمكنا خلال اليوم الأول من هذه المحطة من عقد 340 لقاء بينيا بين المقاولات المغربية والكامرونية. وفي هذا الصدد يتمثل هدفنا النهائي في إيجاد إطار قانوني جديد للعلاقات البينية بين المغرب والكامرون، خاصة في المجال التجاري، وتجديد الاتفاق الإطار لسنة سنة 1974، والذي أصبح متجاوزا ولا يتناسب مع المعطيات الجديدة للمحيط الاقتصادي والجهوي والعالمي. فدولة الكامرون تعد أكبر عضو داخل مجموعة "سيماك"، التجمع الاقتصادي والنقدي لدول إفريقيا الوسطى، سواء من ناحية السكان أو الناتج الداخلي الخام، وفي هذا الصدد عملنا على استغلال الدور الاستراتيجي لهذا البلد داخل هذا التجمع، واتفقنا على بحث مشروع يهدف إلى إرساء اتفاق تفضيلي في المجال التجاري بين المغرب والدول المنتمية إلى هذا التجمع النقدي والاقتصادي. - دعوت ليك ماغلوار، وزير التجارة الكامروني، إلى دعم هذا المشروع من أجل التوصل إلى إرساء إطار قانوني جديد يحكم العلاقات التجارية بين المغرب ودول هذا التجمع النقدي والاقتصادي. هل هناك عراقيل تقف في وجه إخراج هذا الاتفاق إلى حيز الوجود؟ مسألة العراقيل لا تتعلق بالمغرب، فالاتفاقيات كما يعلم الجميع هي اقتراحات يتم التفاوض بشأنها بين دولة وأخرى بهدف التوصل في الأخير إلى إطار توافقي، أما في حالة تجمع اقتصادي كما هو الأمر في "سيماك"، فالأمر يرجع في الأخير إلى الدولة المعنية بالاتفاق، إذ تكون هناك أهداف متباينة ومنظور فردي، وكذا تخوف من القوة الاقتصادية للمغرب، لذلك سنعمل من خلال اللقاءات التي ستجمعنا بالمسؤولين في دول الكامرون وغينيا الاستوائية والغابون، البلدان المشكلة لهذا التجمع، على إيضاح أنه لا داعي إلى هذه التخوفات ومحاولة تبديدها، والتركيز على أن هذا الاتفاق هو انفتاح على جار له تجربة شمولية وفتية وقريبة من الواقع الإفريقي، الشيء الذي سيمكنها، عبر انفتاحها على المغرب، من الاستفادة من بوابة جديدة نحو أسواق أخرى كأوربا والولايات المتحدةالأمريكية والدول العربية الجارة، زيادة على الاستفادة من التجربة المغربية في مجالات التصنيع والتكوين والحلول التمويلية وغيرها. - ما هو الجديد الذي سيحمله مشروع الاتفاق التجاري التفضيلي مع دول "سيماك"، وما هي الاقتراحات التي تقدمتم بها من أجل إخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود؟ الوقت مازال مبكرا للحديث عن تفاصيل هذا المشروع، فهو ما زال مشروعا كما تدل على ذلك تسميته، لكن ما يمكن قوله أن الأمر يتعلق بإرساء إطار تجاري تفضيلي بين دول إفريقيا الوسطى والمغرب، مبني على تبادل لوائح مجموعة من المنتوجات التجارية التي يمكن أن تستفيد من إطار تفضيلي، ونحن بصدد وضع هذه القوائم، وننتظر ما ستسفر عنه الأيام المقبلة. كما سيتيح هذا الاتفاق الاستفادة من تجربة مغربية أقل تكلفة مقارنة مع التجارب الأخرى. - ما هي القطاعات التي تنوون استغلالها في شراكاتكم المستقبلية مع هذه الدول، علما بأن القافلة الحالية تضم العديد من المجالات الإنتاجية، من الصناعات الغذائية إلى الصناعات الثقيلة والتكنولوجيات الحديثة للاتصال؟ حاولنا خلال هذه القافلة تقسيم المقاولات حسب حجمها، فهناك المقاولات الكبرى التي تهتم بالسوق الإفريقية، كمقاولات الأوراش الكبرى التي تتوفر على تجربة داخل هذه السوق، ومقاولات متوسطة تهتم بميادين الصناعات الغذائية والأدوية، والتكنولوجيات الحديثة والاستشارات المالية والهندسة، وهذه المقاولات لها موقعها داخل السوق الإفريقية وكذلك خصوصياتها بكونها أكثر تنافسية من غيرها. زيادة على ذلك، يعطي تواجد القطاع البنكي داخل هذه الأسواق جاذبية أكبر لهذه المقاولات من أجل دعم استثماراتها داخل القارة الإفريقية، والربط الجوي عبر الخطوط الملكية المغربية التي تقرب المقاولات من هذه الأسواق بتكلفة أقل، الأمر الذي سيمكننا من رفع صادراتنا إلى هذه الأسواق بكيفية جد مهمة، وتغذية شبكة التوزيع بهذه البلدان بالمنتوج المغربي. من جانب آخر، مكنتنا اللقاءات الثنائية، خاصة في قطاع الماء والكهرباء، من تقريب المقاولات المغربية والمجهزين من المقاولات العمومية ووضعهم في الإطار العام وكيفية الاستفادة من طلبات العروض. - كيف تقيم حجم التجارة البينية بين المغرب والقارة الإفريقية خلال السنوات الأخيرة، وتأثير الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية على قيمتها؟ يمكن القول إن حجم مبادلاتنا مع القارة الإفريقية انتقل خلال السنوات الست الأخيرة من 5 في المائة من حجم مبادلاتنا الإجمالية إلى 10 في المائة، الأمر الذي يعني أن مبادلاتنا مع هذه السوق ارتفعت خلال السنتين أو ثلاث سنوات الأخيرة، في حين كانت 2009 سنة صعبة. لكن ما يجب التأكيد عليه أن القارة الإفريقية كانت أقل تضررا مقارنة مع غيرها من الأسواق، ومع ذلك هناك العديد من القطاعات التي يمكن للمغرب استغلالها داخل القارة الإفريقية. وفي هذا الصدد، تبين لنا من خلال النقاشات مع المستثمرين المغاربة، خاصة في مجال التجهيزات الكهربائية، أن هناك اتجاها نحو نقل التجربة المغربية في مجال الكهربة القروية لهذه البلدان ليس كمقاولات مصدرة فقط، بل كمستثمرين في هذه البلدان، الأمر الذي سيمكننا من رفع قوتنا التصديرية تجاه هذه البلدان الإفريقية.