يبدو أن الكولونيل قدور الطرزاز سيظل، إلى إشعار آخر، في زنزانته في سجن سلا، بعد أن كان على وشك الاستفادة من عفو ملكي بمناسبة عيد ميلاد ولي العهد الأسبوع الماضي. بلاغ الحكومة الناري أعاد عقارب مساعي الإفراج عنه إلى مكانها. ماذا حدث؟ مسؤول مطلع قال ل"أخبار اليوم": "إن الرباط انزعجت كثيرا من أسلوب الحملة الذي نهجته عائلة الكولونيل في أوربا ضد المغرب، وإن انضمام برلمانيين أوربيين إلى كوكبة الضغط على المغرب للإفراج عن الكولونيل المحكوم عليه ب12 سنة سجنا بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، بدعوى حمل هذا الأخير للجنسية الفرنسية، أغضب المسؤولين المغاربة، ولهذا كان هذا البلاغ شديد اللهجة". ابنة الكولونيل سونيا لم تنف، في اتصال هاتفي مع "أخبار اليوم" من العاصمة الفرنسية باريس، أن "حملتها في الصحافة الأجنبية كانت وراء صدور بيان وزارة الاتصال، الذي أعاد التذكير بمشاكل عدة كانت للكولونيل مع مؤسسة الجيش، لكنها استدركت قائلة: "ماذا يريدون من عائلة الكولونيل السجين؟ أن تتركه يموت في زنزانته؟ نعم لقد أرسنا عدة طلبات عفو إلى جلالة الملك منذ 2008، أما ما قمنا به في الإعلام فهو عملة تواصل لإظهار الحقيقة، وليس حملة دنيئة في الإعلام الفرنسي، كما وصفها بلاغ وزارة الناصري". بلاغ الدولة المغربية، الذي جاء بعد صمت طويل، منذ أن حكم على هذا الكولونيل السابق ب12 سنة سجنا، رجع إلى تاريخ هذا الضابط في سلاح الجو، وأعطى معطيات كثيرة حول مشاكله مع مؤسسة الجيش، أولاها: توقيفه عن العمل سنة 1988، وإحالته على التقاعد بسبب خطأ مهني جسيم دون إحالته على المحاكم المختصة. عائلة الكولونيل تنفي هذا الأمر، وتقول إنه لم يحصل على التقاعد سوى سنة 1995، وتنفي ارتكابه خطأ مهنيا جسيما، وإلا لكان عرض على المحكمة. ثم يرجع بلاغ الحكومة إلى استفادة الكولونيل من عفو سام عندما قام بتخريب ممتلكات عمومية قبل مغادرته للسكن الوظيفي الذي وضعته الدولة رهن إشارته، وصولا إلى إدانة الطرزاز في نونبر 2008 بتهمة إفشاء أسرار عسكرية إثر محاكمة عادلة. عن هذه الحادثة قالت ابنته سونيا: "لو كانت المحاكمة عادلة لما أصدرت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومان رايتس ووتش والجمعية المغربية لحقوق الإنسان بلاغات تندد بهذه المحاكمة، وتصفها بأنها ظالمة. وعن أسباب محاكمة الطرزاز، قال بيان الحكومة: "إن إدانة الكولونيل لم تأت بسبب رسالة مزعومة رفعها إلى العناية السامية حول ظروف اعتقال أسرى حرب مغاربة، بل لأن السيد الطرزاز أخل بواجباته المهنية، وخرق واجب التحفظ والسرية التامة". هذا، وكان الكولونيل المتقاعد قد بعث رسالة إلى الملك محمد السادس، يطلب فيها إنصاف أسرى الحرب الذين قضوا سنوات طويلة لدى جبهة البوليساريو ولم يُنصفوا لما عادوا إلى المغرب. وقال في معرض رسالته، التي جاءت بطلب من بعض أسرى الحرب: "إن الطائرات لم تكن مزودة بمضادات الطائرات، مما جعل طائرات جنوده معرضة للسقوط بسرعة". هذه المعلومة التي جاءت في رسالة الطرزاز إلى الملك، وتسربت إلى الإعلام في ظروف غامضة، أغضبت قادة الجيش الذين اعتبروها "خرقا لأسرار عسكرية"، وهو ما دفع إلى تحريك المتابعة، والحكم على الشيخ العسكري ب12 سنة سجنا، في حين اعتبر آخرون أن هذه المعلومة لم تعد سرا من الأسرار الحربية، بسبب مرور أكثر من 40 سنة على هذه الوقائع.