يواجه مواطن مغربي، يدعى عمر شملال، عقوبة سجنية قد تصل مدتها إلى ست سنوات، ولن تعرف المدة بدقة إلا بعد حكم الإدانة المرتقب النطق به من طرف قاض بمحكمة مدينة مليلية، كما ينتظر أن يتم الحكم على عمر بغرامةً مالية كبيرة تتناسب مع ال120 كيلوغراما من الشيرا التي ضبطت مخبأة بعناية داخل سيارة "المرسديس" التي كان يقودها في اتجاه مليلية قبل أيام. قضية عمر، الذي لم يتجاوز ال24 ربيعا، قد تبدو من القضايا العادية في ملف تهريب المخدرات، كما قد تصنف من لدن البعض في إطار المغامرات التي لا تلقى نجاحا والتي يعول أصحابها على جني الملايين لقاء تمرير شحنات الشيرا من الناظور إلى مليلية السليبة.. إذ قد يرى البعض أن الظنين غامر بست سنوات من عمره وآلاف الأوروهات من حسابات أفراد أسرته من أجل ربح مبلغ مالي محترم لقاء عملية "محظورة" قانونا.. إلا أن أقوال عمر أمام النيابة العامة تحور القضية بأكملها، لتسلط الضوء على "التحايل" الذي يقع فريسته عشرات الشباب المغاربة سنويا، ويجز بهم في السجون ويكبدهم غرامات مالية ثقيلة. عمر شملال شاب مغربي ريفي ترعرع بكاتالونيا، قبل أن يقرر أبواه الاستقرار بمليلية قبل سنوات، وقد اشتهر طيلة مقامه بمليلية وكاتالونيا بطيبوبة اقتربت من السذاجة في كثير من المواقف، ويوم اعتقاله في الجانب الإسباني بمعبر بني انصار الحدودي، وقف أمام المحققين بمصالح الشرطة بمليلية محاولا استجماع قواه، ليصرح لهم: "لا علاقة لي بأي عملية لتهريب الشيرا.. أنا ضحية شبكة متخصصة في تهريب المخدرات.. كل ما يربطني بالأمر أنني وافقت على تسجيل العربة المصادرة باسمي ضمن السجلات الرسمية.. فقد وافقت بحسن نية على مقترح بهذا الشأن قدمته إحدى بنات خالي، وكنت أظن أنني سأحصل على قسط من ثمن بيع السيارة نفسها، التي ما فتئت أعبر بها بين ترابي مليلية والناظور.. أنا ضحية مؤامرة زجت بي في زنازينكم.." أُسرة شملال، التي تستقر بين بني انصار والناظور ومليلية، أخذت تلملم ذكرياتها بعد تطبيق مسطرة الاعتقال الاحتياطي على ابنها عمر، إذ صرح ابن عمه حكيم ل"أخبار اليوم" بالقول: "تعاملنا مع قضية السيارات هذه بحسن نية منذ البداية.. تخيلوا معي شخصا قريبا يعرض عليكم ربحا قد يصل إلى آلاف الأوروهات بمجرد الموافقة على تسجيل العربة المستقدمة من أوربا باسمكم.. لن تدفعوا أي مقابل مادي أثناء عملية الشراء، إلا أنكم ستحظون بنصف الأرباح بعد البيع.. العرض كان مغريا إلى درجة أن أفرادا عدة من الأسرة وافقوا عليه قبل أن تفجر قضية عمر، ويلجأ البقية إلى إنجاز محاضر متنصلة من المسؤولية ".. ويضيف حكيم: "نعلم جيدا صعوبة إخراج عمر من الورطة التي وجد نفسه فيها.. إلا أننا نطمع في تساعده سذاجته وحسن نيته على استصدار حكم مخفف". قضية عمر مشهد تراجيدي لمغامرات راح ضحيتها آلاف الأشخاص الذين عمدوا إلى قطع الحدود "البرية" والبحرية شمال المغرب بعربات، تم فيما بعد اكتشاف أنها محملة بشحنات مخدرات متفاوتة الكميات والقيمات. وكما أن قصة عمر ليست بالتأكيد هي البداية، فهناك يقين بأنها لن تكون النهاية، في مسار عمليات تقوم بها عصابات منظمة تتقن رسم الأحلام لشباب يجمعون بين السذاجة والطموح في تحسين الوضع المالي الخاص بهم وبأسرهم.. وإذا كانت أسرة شملال قد فضحت التحايل الذي تعرضت له، بالحديث عن تسجيلها لعربات مجهولة باسمها، فإن آخرين اشتكوا من تعرض مفاتيح عرباتهم للنسخ، فيما يقر البعض الآخر بأنهم كانوا ضحية حسن نياتهم بعد أن قاموا بإعارة مركباتهم لصديق أو قريب.. في حين تجمع زنازين الاعتقال الجميع.