يبتكرون خدع جديدة ويصرون على إخراج بضاعتهم نحو أوروبا "" الأمن ومهربو المخدرات في المغرب: لعبة قط وفأر لا تنتهي "القط والفار" أقدم لعبة بالتاريخ، ووصفها يختزل في كلمة "المطاردة" التي تستعمل فيها مختلف الحيل والتقنيات، دون كلل أو ملل، على الرغم من المخاطر الهائلة التي قد تحملها هذه العملية. وليست صور هذه المراوغات مجسدة فقط من قبل مشاهير السينما أو الأفلام الكارتونية، كما هو الحال بالنسبة إلى القط "طوم" والفأر "جيري"، بل إن لها "نجوما" آخرين على أرض الواقع في المغرب، حيث يدخل الأمن في معركة شرسة مع المهربي المخدرات الذين لم ييأسوا من تكرار محاولات تهريب بضاعتهم نحو أوروبا، رغم وجود كبار بارونات هذه السموم وراء القضبان، وتشديد السلطات المختصة المراقبة على مختلف المعابر، سواء البرية أو البحرية أو الجوية. إلا أن ما يثير الانتباه في هذه المحاولات المتكررة، حبك المهربين، في كل مرة، أفكارا جديدة وإبتكارهم تقنيات متطورة للإفلات بجلدهم من قبضة الأمن. ويبقى شمال المغرب أقوى ساحة شاهدة على عمليات الكر والفر التي لا تنتهي بين رجال الأمن والمهربين الذين تراجعت مداخيل تجارتهم بعد أن كانت تحقق رقم معاملات يتجاوز 25 مليون مليون أورو سنويا. ولم ينجح تجار المخدرات منذ فترة في إحباك خدعة تعد بمثابة "ضربة معلم"، إذ أحبط رجال الجمارك والدرك مجموعة من المحاولات المتفرقة التي كانت وراء دخول عدد من المهربين إلى السجن، فيما حجزت كميات ضخمة كانت في طريقها نحو أوروبا. وآخر سيناريو لهذه المحاولات دار في طنجة، حيث ضبطت عناصر الأمن بميناء المدينة، أمس السبت، وبتنسيق مع مصالح الجمارك، كمية تقدر ب 1.87 طن من مخدر الشيرا، كانت مخبأة في حافلة مسافرين مسجلة في فرنسا. واكتشف رجال الشرطة أن المخدرات مخبأة على شكل حزم ملفوفة في مستودع الأمتعة بحافلة المسافرين التي كانت متوقفة بمحطة للخدمات على الطريق المؤدية إلى مدينة الرباط، ليسلموا الكمية المحجوزة والحافلة المذكورة إلى مصالح الجمارك، فيما وضع السائق الحامل للجنسية الفرنسية رهن إشارة الشرطة القضائية للتحقيق معه. وقبلها بيومين، حجزت عناصر الدرك الملكي ببني حسان كمية مهمة من المخدرات خلال عملية تفتيش منزل بدوار لجميعان (إقليمتطوان). وتتكون الكمية، التي جرى حجزها من 12 طنا من القنب الهندي، و2.3 كلغ من مخدر الشيرا. وخلال هذه العملية أوقف رجال الدرك ثلاثة مهربين وشقيق أحدهم، الذي حاول تقديم رشاوى لرجال الدرك بقيمة 9800 درهم. تكرار المحاولة مهما كلف الثمن وفي حادثة تظهر مدى إصرار المهربين على إخراج بضاعتهم إلى أوروبا مهما كلفهم ذلك من ثمن، عمد مهاجر مغربي إلى تسريب 42.5 كلغ من الحشيش، إلا أن محاوته فشلت، فأعاد الكرة من جديد، إلا أن مصيرها كان كسابقتها، قبل يسقط في المرة الثالثة في قبضة مصالح الجمارك بولاية تطوان التي اكتشفت المخدرات مهيأة على شكل صفائح بخزان وقود سيارته المرقمة بهولندا، وهي من طراز "الفا روميو". وسبق لرجال الجمارك بالمركز نفسه أن إحبطوا، في الأسبوع الماضي، محاولة أخرى لدى توقيف مواطن فرنسي كان 23.5 كلغ من المخدرات بين مقاعد سيارته وهي من طراز "رونو ميغان". كما قاموا قبلها بثلاثة أيام، بتنسيق مع رجال الأمن، بضبط 16 كلغ من مخدر الشيرا كان يدسها بعناية مواطن مغربي في أماكن مختلفة في سيارته المرقمة بمدينة سبتة السليبة، إلى جانب حجز ست سيارات كانت محملة ببضائع مهربة تبلغ قيمتها حوالي 650 ألف درهم، وذلك خلال مداهمتها لمستودع بالمدينة. وفي الأسبوع نفسه، أوقفت مصالح الأمن في طنجة سيارتين كانتا في طريقهما إلى الضفة الشمالية لمضيق جبل طارق، وعلى متنهما كمية من المخدرات تفوق مائة كلغ. وجاء ذلك بعد أن اشتبهت عناصر الجمارك في سيارة من الحجم الكبير مرقمة بإسبانيا، فقررت إخضاعها لتفتيش دقيق، ما مكنها من العثور على عشرات الصفائح من المخدرات مخبأة بعناية على مستوى أرضية السيارة، يبلغ وزنها91 كلغ. ساعات بعد ذلك، تمكنت عناصر الجمارك، التي تعمل بتنسيق مع الشرطة الخاصة بالميناء، من ايقاف سيارة خفيفة كانت في طريقها نحو ميناء الجزيرة الخضراء، وأفضى التفتيش اليدوي للسيارة إلى العثور على 23 كلغ من زيت القنب الهندي مخبأة خلف لوحة القيادة. وتظهر هذه العمليات أن ميناء طنجة من الأكثر المنافذ التي يراهن عليها المهربون لتسريب بضاعتهم، وهو ما يفسر ضبط كمية قياسية من المخدرات، خلال السنة المنصرمة، بلغ مجموعها 34 طنا و915 كيلوغراما. وجاء حجز هذه المخدرات في 309 عملية أمنية، اعتقل على إثرها437 شخصا من جنسيات متعددة، فإلى جانب عدد من المغاربة المقيمين بالخارج، جرىاعتقال مجموعة من الأجانب حاولوا تهريب المخدرات عبر الميناء، إذ يأتي الإسبان على رأس قائمة المعتقلين الأجانب ب78 موقوفا، يليهم الفرنسيون (31 موقوفا) ثم البرتغاليون (22 موقوفا).