على مدى ثلاثة أيام، ناقش نحو 50 مفكرا وكاتبا عربيا من أقطار مختلفة ببيروت إشكالية المعرفي والإيديولوجي في الفكر العربي المعاصر ما بين مؤلفين للأبحاث، ومعقبين عليها، ومساهمين في النقاش، ورؤساء للجلسات. وشارك في هذه الندوة العلمية من المغرب كل من: سعيد بنسعيد العلوي وكمال عبد اللطيف وعلي أومليل (سفير المغرب ببيروت) وعبد الإله بلقزيز. وخلال افتتاحه للندوة، كان حيى مدير عام المركز، خير الدين حسيب، المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري، الذي قال عنه إنه: "واحد من منارات العقل والاجتهاد والإبداع كنا بها نهتدي في الظلمة الظلماء". وأضاف قائلا: "إذ نشعر بثقل ووطأة الفراغ الذي سيخلفه رحيله في الساحة الفكرية العربية والعالمية وبشعور الرزء والفقدان لصديق عزيز نادر السجايا والخصال، الكريم نفسا والسخي عقلا والعفيف لسانا والمتواضع مسلكا، فإن العزاء في أن الفقيد الكبير ترك فينا مدرسة وميراثا عظيمين سيظلان معينا للمعرفة لا ينضب لأجيال اليوم والغد، كما لم ينضب حتى اليوم معين نظرائه من الكبار السابقين أمثال ابن رشد وابن خلدون". وبمناسبة انعقاد هذه الندوة، أعلن حسيب أن المركز سيقيم احتفالية تكريمية للمفكر المغربي الراحل، وسيتم الإعلان عن تفاصيلها في المستقبل القريب. وأشار، من جهة أخرى، إلى أهمية موضوع الندوة، وقال إنها ندوة فكرية بامتياز، ليس لأن موضوعها هو الفكر العربي فقط، بل لأنها تقارب مسألة هامة وهي مسألة الصلة بين الإيديولوجيا والمعرفة في هذا الفكر، حيث الاتصال والانفصال.. الوضوح والالتباس. وأشار إلى أن الندوة يريدها المركز أن تكون مناسبة لتفكير هادئ وعميق في جدلية عاشها الوعي العربي منذ ميلاده الحديث، ولم تفارقه حتى اليوم. وهكذا، فقد قارب المشاركون: "المعرفي والإيديولوجي في الفكر العربي المعاصر من خلال عشرة أبحاث، حيث تناول البحث الأول موضوع "الإيديولوجيا والمعرفة: تحديدات نظرية"، قدمه كمال عبد اللطيف، وعقب عليه مطاع صفدي. أما الأبحاث التسعة الأخرى، فلامست المجالات العلمية المتعددة لجدلية "المعرفي والإيديولوجي"، وقد عالج البحث الثاني موضوع: "التأليف الفلسفي العربي"، وقدمه سعيد بنسعيد العلوي، وعقب عليه كميل الحاج، وركز البحث الثالث على "التأليف السوسيولوجي العربي"، وقدمه السيد يسين، وكان التعقيب لفالح عبد الجبار. أما البحث الرابع، فقدمه خليل العناني حول "العلوم السياسية"، وعقب عليه نديم نجده. وقدم منير الحمش البحث الخامس حول "الدراسات الاقتصادية العربية"، وعقب عليه محمود عبد الفضيل ومحمد عبد الشفيع عيسى، بينما قدم وجيه كوثراني البحث السادس حول "الدراسات التاريخية"، وعقب عليه عزيز العظمة. أما البحث السابع، فقد كان حول دراسات التراث، وقدمه رضوان السيد، وعقب عليه كل من حسن حنفي وعبد المجيد الشرفي. وتناول البحث الثامن، لعبد الإله بلقزيز، موضوع "دراسات الفكر النهضوي"، وعقب عليه فيصل دراج. وعالج البحث التاسع، لعبد العزيز لبيب، موضوع "دراسات الفكر الغربي"، وكان التعقيب فيه لكل من ناصيف نصار ومحمد الشيخ. أما البحث العاشر، والأخير، فقد تناول فيه حسن حنفي موضوع: "الدراسات العربية للاستشراق"، وعقب عليه كل من عبد المجيد الشرفي ورضوان السيد. وإلى جانب الطابع الفكري والعلمي الذي رسمته الندوة، فمركز دراسات الوحدة العربية يتطلع، من خلالها، إلى إتاحة إنتاجها للجمهور المثقف في الوطن العربي، ولقادة الرأي من النخب الفكرية والسياسية، على أمل أن يساعد كل ذلك على إنضاج وترشيد الوعي الثقافي العربي.