نشر الرسوم المسيئة للرسول (ص) في صالح المتطرفين من الجانبين هل تتوقع أن يكون لإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول (ص) من طرف بعض الصحف السويدية رد الفعل العنيف ذاته الذي كان في صيف 2007؟ في اعتقادي، لا أتوقع أن يكون رد الفعل بنفس الحدة، لسبب بسيط هو أنه عادة لما تتكرر بعض الأفعال لا تكون ردود الفعل عليها بنفس الحدة. وأذكر هنا بأن الأحداث التي تسببت فيها نشر الرسومات المسيئة للرسول (ص) في الدانمارك في 2005 كانت أكثر حدة بكثير... ولكن يبقى أن إعادة نشر تلك الرسوم، في هذا الوقت بالذات، عمل غير ملائم أبدا... هذا صحيح، بل إن نشرها لا مبرر له أبدا، وهذا يعاكس، للأسف، التوجه الذي تسير فيه كل من أوروبا والغرب عموما من جهة، والعالم الإسلامي من جهة أخرى، فالطرفان منخرطان في حوار للأديان، وما أقدمت عليه الصحف السويدية يعتبر ضربا لهذا الحوار وضربا لقيم التسامح. كما أن هذا العمل يستفز المسلمين ويعطي مبررا قويا للإرهابيين والمتطرفين لنشر قيم الكراهية والتحريض على مزيد من الأعمال الإرهابية التي لا علاقة لها بالإسلام السمح. هل تتوقع أن يزيد مثل هذا العمل من وتيرة الأعمال الإرهابية؟
أود أن أوضح أولا أن الحركات الإرهابية لا تنتظر عملا مثل هذا لتقوم بأعمالها، فهي لها عقائدها التي تبني عليها استراتيجيتها. ولكن نشر الرسوم المسيئة للرسول وما شابهها من الأعمال التي تستفز الإسلاميين يمنحهم ذريعة قوية لإقناع المترددين، حيث يستغلون مثل هذه الأفعال ليظهروا أن الأوروبيين ليس دعاة للحرية والتسامح كما يدعون، بل هم يحاربون الإسلام كإسلام أولا وقبل كل شيء، كما أنهم يحاولون استغلال مثل هذه الأعمال ليضفوا على أنفسهم صفة حماة الإسلام والمسلمين. هل يمكن للحوار بين الأديان أن يصمد أمام مثل هذه الاستفزازات؟ أتمنى ذلك على كل حال، فهذا الحوار قائم، ولكن يجب توسيعه لكي تكون له امتدادات في المجتمع حتى لا يبقى حبيس الدوائر الضيقة للمتخصصين. كيف يمكن لهذه الرسوم أن تفيد التيارات العنصرية في أوروبا؟ إن أي رد فعل غير عاقل سيكون فرصة سانحة لتلك الحركات العنصرية كي تقوي إشعاعها في المجتمع. لذا، فأنا أحث على الهدوء والتعقل بين صفوف المسلمين في البلدان الأوروبية، الذين عليهم أن يفهموا أن الأطراف العنصرية تتربص بهم، ولن تتردد في انتهاز أي فرصة للترويج لخطابها العنصري، وتقوية تأثيرها على المجتمع الأوروبي.