حزب الأصالة والمعاصرة، الذي لم يكمل بعد سنته الثانية، يريد أن يجرب "ريجيما" قاسيا لتخفيض الوزن الزائد الذي يجعل منه حزبا مصابا بالسمنة جراء الحجم الكبير من الشحوم الانتخابية التي ابتلعها في وقت وجيز.عندما تحدثت الصحافة المستقلة عن ظاهرة الهجرة الجماعية للأعيان تجار الانتخابات وأصحاب المصالح نحو حزب الجرار، غضب الهمة وخرج يدافع عن "الأعيان"، ويقول إن حزبه سيهضم هذه الكائنات الانتخابية التي نبتت على ضفاف الفراغ الحزبي. الآن، يستعد المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة لطرد عدد قليل جدا من أعضاء الحزب المشتبه في كون سلوكهم السياسي والانتخابي والمالي تحوم حوله أكثر من علامة استفهام. هل هي حركة "مسرحية" لإبعاد شبهة "إيواء ذوي الأيادي القذرة"؟ هل هي حركة تسويق سياسي جديدة من تلك التي يتقنها الحزب لإظهار ضعف وهشاشة الأحزاب الأخرى التي لا تملك شجاعة فتح ملف الفساد السياسي وسط مؤسساتها؟ هل هي إرادة صادقة للتخلص من جزء من "الأعيان الانتخابيين"، بعد أن قضى الحزب وطره منهم، تماما مثل ذكر النحل الذي تنتهي حياته مباشرة بعد تلقيح ملكة النحل؟ هل الحزب الذي وصل إلى المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية، وصار القوة الانتخابية الأولى بفضل نفوذ الهمة الرمزي والسياسي وقوة الأعيان المادية والرمزية، يتجه إلى الاستغناء عن هذا الذراع القوي الذي صعد به إلى ما هو عليه الآن؟ أسئلة وأخرى ستبقى معلقة فوق رأس قيادة الحزب الجديد، الذي وعد بخلخلة المشهد الحزبي وتطوير الأداء الحزبي ومواكبة الإيقاع الملكي، فيما هو اليوم خليط غير متجانس ما بين وزير داخلية سابق مقرب من القصر، وأمين عام اشتغل مع إدريس البصري ونشط في حزب طيب الذكر أرسلان الجديدي، ومجموعة من رموز اليسار الجديد الذين انكسرت أحلامهم بالثورة على نظام الحسن الثاني، واتجهوا، في ما يشبه طلب المغفرة، إلى حزب يعتبر نفسه مكلفا بالدفاع عن مشروع الملك. الحزب يحتاج إلى أكثر من حملة لمطاردة الأيادي غير النظيفة.. يحتاج إلى ولادة ثانية من رحم طبيعي، وفوق سرير له جذور في الأرض وليس نبتة حائطية معلقة في الهواء. الأحزاب ضعيفة نعم.. تقليدية وغارقة في ممارسات جلها انتهازي نعم.. حزب العدالة والتنمية يخيف جزءا من النخبة "العصرية" نعم.. 80% من المغاربة قاطعوا الانتخابات التشريعية ولا يعرف أحد مخاطر عزوفهم، نعم... لكن الديمقراطية لا تحتاج فقط إلى لاعبين محترفين.. تحتاج إلى قوانين لعبة حديثة ومتطورة، وإلى حكم يقف على مسافة بين كل الفرق.. إذاك سيدخل الجمهور إلى المدرجات ليتابع اللعب، لأن هناك مباراة حقيقية تغري بالفرجة.