لا يخفى على سكان مدينة أيت ملول أن “ملّول” كلمة أمازيغية تعني “البياض” وأن كلمة “أيت” تعني أهل؛ أي أن كلمة “أيت ملول” تعني “أهل البياض”. والبياض في هذا السياق لا يعني بياض البشرة، لإن من يعرف أهل المدينة وتاريخها جيدا يعلم أن من سكانها من سمي ب'أُمليل' و'تُمليلت' من أصحاب البشرة البنية أوالسوداء، ومدينة “أيت ملول” عرفت بهذا الإسم لصفاء أهلها وابيضاض قلوبهم ، إذ أن البياض رمز الصفاء والطهر ونقاء السريرة، وإن كنت لا أعلم حقيقة أصلَ هذه التسمية إلا أن معناها يحيل على ما ذكرت، فكما يقال “لكلّ من اسمه نصيب”. ويكفي المدينة فخرا أن حمامة السلام بيضاء، وراية قبول السلام في الحرب كذلك بيضاء، وأن الثلوج والغيوم من المشاهد التي تترك في الصدور الانشراح وتدخل على النفوس السرور، وأن الحيوانات البيضاء نادرة الوجود وتعيش بعيدة عن ازدحام العالم كدببة القطب الشمالي، وإذا عاشت بين الإنسان ارتفع قدرها وغلا سعرها كالفيل التايلاندي الأبيض الذي يعد من أغلى الفيلة في العالم، وأن السكر والملح والحليب من أساسيات الحياة التي لا يستطيع كثير منا العيش بدونها، وأن القرءان الكريم وصف انبثاق الفجر بالخيط الأبيض،(فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر..) وهو بداية النهار والصيام، ووصف المفلحين في الآخرة بأصحاب الوجوه البيضاء (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه..) وهم أصحاب الجنة. وعلميا فإن اللون الأبيض ليس لونا مستقلا بذاته، إذ هو مزيج من ألوان الطيف الأخرى؛ وللتوضيح أكثر، فإنه إن سُلط الضوء على جسم معين، يمتصّ ذلك الجسمُ جزءا من الأشعة ويعكس الباقي، واللون المرئي الذي ينعكس يُنسب إلى الجسم لونا له، ويسمى أزرقا أو أخضرا أو أحمرا، أما في حالة البياض، فإن الجسم الذي يُسلَّط عليه الضوء لا يمتص أي أشعة ضوئية، فتنعكس جميع الألوان وتُرى لنا لوناً واحدا فيسمى أبيضا. وخلاصة القول، إن هذه التسمية “أيت ملول” شرفٌ لهذه المدينة ولأهلها؛ وما بياضها إلا انعكاسٌ لجميع أصناف سُكّانها كألوان الطيف المختلفة، فلنكن على قدر المسؤولية ولنحافظ على بياضها وبيضتها بتطهير صدورنا وأفكارنا من جميع أنواع الأمراض الأخلاقية والفكرية.