قررت مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش، التي كانت سباقة للقيام بهذه المبادرة العلمية القيمة والرصينة بمعية شركائها، تنظيم ندوة وطنية سنوية تنطلق من هذه الشخصية العظيمة المتعددة الأبعاد لتجسد الخصوصية التاريخية المغربية، تلتقي فيها مكونات الدولة بالثقافة والتاريخ والتراث ورهانات التنمية، اعتبارا بأن الحاضر وليدا للماضي يتغير في علاقة وثيقة، ترتكز على أسس وقواعد دينية وأخلاقية واجتماعية وحضارية، مما يتطلب منا مقاربته مقاربة أصيلة ومتجددة دون تعسف أو اجترار والتفكير فيه كمشروع علمي حداثي مجتمعي. لقد عرف المغرب في النصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي صراعات وانقسامات، هيأت البلاد لميلاد حكم جديد مع الشرفاء العلويين، والتي ظهرت بوادره مع مولاي علي الشريف دفين مراكش بعد سقوط الحكم السعدي وإجماع الأمة على أن تولي أمرها لفروع الذرية النبوية والدوحة العلوية الشريفة في بلاد المغرب،فتزعم ابنه مولاي الشريف منطقة تافيلالت حيث دخل في صراع مع القوى السياسية النافذة الأخرى خاصة الدلائيين بالأطلس المتوسط ومنطقة الغرب والسملاليين بسوس والجنوب الغربي. كما برز ابنه مولاي امحمد على الساحة السياسية بعد إخضاعه لشرق وجنوب شرق البلاد ونافس القوى الأخرى على الحكم، لكن أخاه المولى الرشيد استطاع القضاء على هذه القوى والزعامات السياسية واستكمل توحيد المجال المغربي تحت سلطة الشرفاء العلويين بعد دخوله فاس ووصوله إلى مراكش ومنطقة سوس. وشكلت فترة حكم المولى إسماعيل (1672-1727م) فترة فاصلة في بناء الدولة الفتية واستطاع بدهائه وحنكته أن يبوئها مكانة مركزية في الحوض الغربي للبحر المتوسط. وتروم هذه الندوة دراسة مختلف مظاهر الأزمة السياسية التي أعقبت وفاة أحمد المنصور وأدت إلى تفكك البلاد بين قوى متنافسة ومتناحرة حول السلطة كان من أبرز تبعاتها المباشرةنهاية حكم السعديين وبداية دولة جديدة مع الشرفاء العلويين. كما نسعى أيضا إلى تناول أهم المحطات السياسية التي طبعت المغرب زمن المؤسسين الأوائل للدولة العلوية، مع محاولة الكشف عن بعض مؤشرات واقع الحاضرة المراكشية واستجلاء أدوارها وإسهاماتها في هذه المرحلة ا المؤسِّسة من تاريخ الدولة العلوية. كما سيكون موضوع هذه الدورة مدخلا عاما ومنطلقا منهجيا نؤسس عليه مشروعا ثقافيا متكاملا وغنيا نعمل على بلورته في قادم الدورات، وهي الغاية الأسمى التي تتشوف مؤسسة مولاي علي الشريف دفين مراكش إلى تحقيقها بمساهمة شركائها من المؤسسات و المصالح الخارجية المعنية و من الباحثين والفاعلين في شتى الحقول المعرفية.