العربية للطيران تدشن خطا جويا جديدا بين الرباط والصويرة    المنتخب الإيفواري يظفر بالمركز الثالث بتغلبه على نظيره البوركينابي بركلات الترجيح (4-1)    توقعات أحوال الطقس ليوم السبت    المحكمة تدين المتورطة في الاعتداء على سلمى بتسعة أشهر نافذة    الإفراج عن 10 آلاف صفحة من سجلات اغتيال روبرت كينيدي عام 1968    وداعا للورق.. المغرب يدخل عصر رقمنة وثائق الحالة المدنية    تونس تصدر أحكاما بالسجن تتراوح بين 13 و66 عاما على معارضين    تونس تُصدر أحكاما ثقيلة على معارضين    الدار البيضاء.. توقيف مواطن نرويجي بتهمة الاستيلاء على 500 مليون كرونة من أموال الضرائب    اعترافات قضائية خطيرة.. هشام جيراندو "مسخوط الوالدين" وعائلته تتبرأ من جرائمه    هل يفوز برشلونة بدوري أبطال أوروبا؟ .. الذكاء الاصطناعي يجيب    بالأرقام.. وزير الفلاحة يفند مزاعم "المعارضة" بشأن استنزاف الفلاحة السقوية للثروة المائية    "كان" الفتيان.. كوت ديفوار ثالثا    القنصل العام الفرنسي يزور مركز التقاء الشباب بحي القصبة بطنجة ويؤكد استعداده لدعم التعاون الثقافي والاجتماعي    تكريم عمر أمرير بمعرض الكتاب.. رائدٌ صان الآداب الأمازيغيّة المغربية    مستشار الرئيس الأمريكي: واشنطن تتحرك لإغلاق ملف الصحراء وإعادة العلاقات بين المغرب والجزائر    مغربية الصحراء تكتسب زخما دوليا غير مسبوق    الشارقة تضيء سماء الرباط: احتفاء ثقافي إماراتي مغربي في معرض الكتاب الدولي 2025    المغرب يسير نحو طفرة عسكرية نوعية عبر اقتناء دبابات K2 الكورية    احتفالية "رمز الثقافة العربية ل2025" تكرم الشاعر بنيس والفنان الفخراني    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    هل يقود مغربي سفينة "الملكي"؟ أنس لغراري الرجل الخفي الذي قد يرأس ريال مدريد سنة 2029    الناصري ينفي التهم الموجهة إليه في قضية "إسكوبار الصحراء" ويكشف تفاصيل عن لطيفة رأفت وتاجر المخدرات "المالي"    احوال الطقس .. امطار وثلوج مرتقبة بمنطقة الريف    عمر مورو: مشاريع البنيات التحتية لكأس إفريقيا 2025 تسير بوتيرة متقدمة بمدن الشمال    الأبيض والأسود من تقرير دي ميستورا: إن موعدهم نونبر؟ -3-    عمر هلال: العودة إلى الصحراء المغربية مشروطة بالإحصاء الإسباني لعام 1974    حين تصبح معلوماتك سلعة .. من يحمي المغاربة من تسريبات البيانات؟    وفد رفيع من سفارة رومانيا بالمغرب يزور ENCG طنجة ويوقع بروتوكول تعاون أكاديمي    الحوامض المغربية تلج السوق اليابانية    شرطة البيضاء توقف مواطنا نرويجيا    مقتل صحراويين في مخيمات تندوف : ائتلاف حقوقي يطالب بتحقيق دولي ضد الجيش الجزائري    خلال 2024.. المركز الجهوي للاستثمار بجهة الشمال وافق على مشاريع استثمارية بقيمة 85 مليار درهم قد تخلق حوالي 70 ألف فرصة شغل    من الرباط.. السفير الصيني بالمغرب لي تشانغ لين : الصين تعتزم عقد مؤتمر عالمي جديد للمرأة خلال هذا العام    وفاة الفنان المصري سليمان عيد    تزايد حالات السل اللمفاوي يسائل ضعف مراقبة سلاسل توزيع الحليب    مهرجان "جازابلانكا".. 26 حفلا موسيقيا يحييها 180 فنانا    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    "حماس" تدعو إلى إنهاء حصار غزة    دعم إنتاج الأعمال السينمائية.. الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة برسم الدورة الأولى من 2025    بيانات تكشف ارتفاع الإصابة بالتوحد وكذلك زيادة معدلات تشخيصه    واشنطن بوست تدق ناقوس الخطر: البوليساريو شريك لإرهاب إيران في إفريقيا    أكادير يحتضن مؤتمر التنظير عنق الرحم وجوف الرحم والجهاز التناسلي    شي جين بينغ وهون مانيت يتفقان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وكمبوديا    الارتفاع العالمي لسعر الذهب ينعكس على محلات المجوهرات في المغرب    شركة للطيران تمتنع عن نقل ثلاثة جثامين لمغاربة مقيمين بهولندا    الدورة التاسعة إياب من بطولة القسم الوطني الممتاز لكرة السلة : .ديربي محلية بالعاصمة بين الفتح والجيش    أولمبيك خريبكة يوضّح واقعة محاولة انتحار أحد لاعبيه    مهرجان "تيم آرتي" يختار مواهب الراب الشابة في دورة جديدة    رغم التأهل.. فليك غاضب من أداء لاعبي برشلونة أمام دورتموند ويطالب بمزيد من الانضباط    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    توظيف مالي لأزيد من 46 مليار درهم من فائض الخزينة    وزارة الصحة تخلّد اليوم العالمي للهيموفيليا وتطلق حملة تحسيسية وطنية لمكافحة هذا المرض    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يونس دافقير يكتب: هيلاري والإخوان والبام وG8

قدرنا في «الأحداث المغربية» أن ينصفنا التاريخ باستمرار. لم ننسق في 2011 وراء مشاعر جماهير «الربيع العربي» وطرحنا علامات استفهام حول الذي يجري ومن يمسك بخيوطه، وحتى حين قيل لنا إن المخابرات الأمريكية فوجئت بانفجار الأحداث في تونس وبعدها مصر، كنا نقول تلك فرية كبرى. وحين قدمت لنا وقائع سياسية في بلدنا على أنها نكوص وعودة إلى الوراء، قلنا إن رؤية الواقع تحتاج لنظارات جيدة وليس لعواطف جياشة.
كانت الجماهير وقودا في حروب حسابات ليست حساباتها، ومفعولا بها في لعبة هي أكبر من أن تسمح لها بأن تكون فاعلا فيها، قلنا إن «الربيع العربي» نسخة منقحة من «الفوضى الخلاقة» التي سبق ونظرت لها سوزان رايس في عهد جورج بوش الابن، وقلنا أيضا إن ما يقدم لنا على أنه ثورة شعبية تم طبخها في مراكز ومختبرات أمريكية ولحسابات أمريكية أوروبية.
لم نفعل شيئا سوى أن تقاسمنا نفس الشكوك التي ساورت الجميع، ومنهم نبيل فهمي، سفير مصر السابق في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي بدا مندهشا وهو يتساءل قائلا: «منذ 38 عاما لم يدخل أي وزير خارجية مصري منفردا إلى البيت الأبيض لمقابلة رئيس أمريكي، وكان آخر من فعل ذلك هو الوزير اسماعيل فهمي في زمن السادات»، مضيفا: «كنا نحاول أن نرتب زيارات لوزراء خارجية مصريين على التوالي لمقابلة الرؤساء الأمريكيين لكننا لم نتمكن من ذلك».
وينقل الدكتوران إياد العبد الله وحمود حمود في مؤلفهما «أمريكا والإخوان: الحج إلى واشنطن» أن كلام نبيل فهمي جاء «في مقابلة مع المذيعة المصرية لميس الحديدي، التي واكبت اندهاشه، وهما يتساءلان، عن سر استقبال الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقيادي الإخواني البارز مساعد الرئيس للشؤون الخارجية عصام الحداد في البيت الأبيض، في شهر أكتوبر من 2012 واستقر رأي المتحاورين على القول إن زيارة كهذه إنما هي حدث لافت، له بالتأكيد دلالات معينة».
ونقرأ في رسائل وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي رفع عنها البيت الأبيض السرية هذه الأيام، أن هيلاري قامت بزيارة قناة الجزيرة في الدوحة في ماي 2010، واجتمعت مع مدير الشبكة وضاح خنفر. وفي لقاء آخر في نفس الشهر اجتمعت هيلاري مع أعضاء مجلس إدارة القناة وجرت مناقشة زيارة وفد من القناة إلى واشنطن من نفس العام، كما التقت برئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم آل ثاني. وأظهرت رسالة أخرى مطالبة هيلاري لقطر بتمويل ما يسمى بثورات الربيع العربي عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون.
تؤكد هذه المعلومات ما ورد في مؤلف «أمريكا والإخوان» من أنه، وقبل لقاء باراك أوباما بالقيادي الإخواني عصام الحداد في خرق واضح للبروتوكول المتبع في استقبال وزراء الخارجية، «قام وفد إخواني بزيارة إلى كل مفاصل القوة والسيطرة في الولايات المتحدة، البيت الأبيض، الخارجية الأمريكية، الكونغرس، وزارة الدفاع، مقر المخابرات المركزية، بعض الصحف الأمريكية الذائعة الصيت (واشنطن بوست، نيويورك تايمز، هيرالد تريبون)، بعض المراكز البحثية المتخصصة مثل فريدوم هاوس، وكارنيجي. ذهبوا إلى كل هذه الأماكن وكانوا مرحبا بهم، وكانت رسالتهم واحدة للجميع وهي أن الإخوان لن يمسوا المصالح الأمريكية بسوء، بل «على العكس نحن منفتحون لتعظيم المصالح المشتركة».
ما وقع هو تتويج لسلسلة من المراسلات بين الأمريكيين وتنظيم الإخوان المسلمين منذ سنة 2005 حين كتب خيرت الشاطر، القيادي الكبير في تنظيم الإخوان، مقالا في صحيفة الغارديان البريطانية الرائدة في سياق صعود الإخوان السياسي واكتساحهم البرلمان المصري. في المقال يؤكد الكاتب «بأننا نؤمن بالعملية السياسية والتشارك الديمقراطي في الحكم»، وكما يلاحظ ذلك إياد العبد الله وحمود حمود «لم يكن هذا في الحقيقة مقالا بل كان بمثابة رسالة إلى الغرب».
عامان بعد ذلك، وفي غشت 2007 كشفت مجلة فورين بوليسي الأمريكية عن رسالة كانت موجهة بنحو مباشر إلى المرشد العام السابق للإخوان المسلمين في مصر، مهدي عاكف، وقد وقعت الرسالة بقلم مارك لينش، الأستاذ في قسم السياسة الدولية في كلية العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الأمريكية والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط، وهو من صلات الوصل المهمة بين الإدارة الأمريكية وبين الإخوان المسلمين في ذلك الوقت، وقد تصدرت الصفحة التي خصصت للرسالة بهذه الكلمات: «إن لدى الولايات المتحدة الأمريكية والإخوان المسلمين الكثير من القواسم المشتركة أكثر مما يعتقدون».
في هذه القصة تفاصيل كثيرة ومملة، وما تفعله مراسلات هيلاري كلينتون التي تم الكشف عنها هو تأكيد ما سبق وتم استنتاجه، بل ودعمه بالوقائع والتفاصيل والمعلومات الديبلوماسية السرية. وفي خلاصته: كان الإخوان المسلمون سلاحا في يد أمريكا، استعملته لتحقيق بعض أغراضها، وحين انتهت أحرقت هذه الورقة وعاد دونالد ترامب إلى التفكير في إدراج جماعة الإخوان في لائحة المنظمات الإرهابية.
ومنذ اللحظة التي نظمت فيها زيارات مماثلة لقادة حزب العدالة والتنمية المغربي إلى واشنطن ومؤسساتها، ثم منح سعد الدين العثماني جائزة المسلم الديمقراطي، كان واضحا أننا في المغرب لابد وأن نبلور عناصر جواب وطني على ما يجري طبخه في كواليس الآخرين خدمة لمصالحهم وليس لأوهام الدمقرطة وعدالة الشعوب.
أريد أن أنتهي إلى ما يلي: من يريد قراءة لماذا تأسس حزب الأصالة والمعاصرة لا له ينبغي أن يقرأ القصة من لحظة خروج فؤاد عالي الهمة من وزارة الداخلية لدخول المعترك الحزبي بل ومنذ تواريخ أمريكية بدأت في 2004 و2005. ومن يريد قراءة قصة تأسيس مجموعة الثمانية التي قادها البام بعد ذلك عليه قراءتها ليس من لحظة التحضير للانتخابات التشريعية التي كانت مبرمجة في 2012 بل من المواعيد الأولى لتاريخ طويل من تحضيرات الكواليس الدولية، بدا واضحا أن حزب العدالة والتنمية، من حيث يدري أو لا يدري، هو فيه عنصر من بين عناصر أخرى في لعبة جيوستراتيجية دولية كبرى.
هكذا تقرأ الأحداث والوقائع السياسية بسياقاتها وخلفياتها، وليس بنوايا إخوانية تريد النصب على الناس بلغة جون جاك روسو ومونتيسكيو. ومن هذه الزواية لم يكن البام وليد خطيئة النشأة، بل كان جوابا وطنيا على خطيئة نشأة سياق دولي مليء بالغدر والتآمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.