بعد مرور حوالي السنة على آخر قرار لمجلس الأمن بتمديد ولاية بعثة المينورسو في الصحراء المغربية، يعقد المجلس الأممي اجتماعات مغلقة طيلة شهر أكتوبر المقبل لبحث تطور النزاع المفتعل وتحديد مصير البعثة الأممية.وفي انتظار الكشف عن برمجة اجتماعات المجلس، فان هذا الاخير ينتظر ان يصدر قرارا نهاية الشهر بشأن تمديد مهمة البعثة الاممية لسنة اضافية وذلك في غياب مبعوث جديد للأمين العام الأممي بعد الفشل في إيجاد خلف للالماني هورست كولر المستقيل منذ أشهر. وتعقد الجلسات المقبلة، في ظل حالة الجمود الذي دخله الملف وعاد به إلى نقطة الصفر، و بعد مائدتين مستديرتين بجنيف جمعت كل من المغرب وموريتانيا والجزائر وجبهة "البوليساريو"، وذلك بعد ان قدّم كولر هورست، في ماي 2019، استقالته من مهامه الأممية لدواعٍ صحية كما قيل؛ لكن رغم مضي حوالي سنة لم تنجح الأممالمتحدة في إيجاد شخصية جديدة قادرة على إدارة الملف المعقد. وكان آخر اسم جرى تداولها لخلافة كولر هو قرب تعيين السلوفيني ميروسلاف لايتشاك في منصب مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء؛ لكن غوتيريس تراجع عن ذلك بعد معارضة أطراف لهذه الشخصية. و لا يزال منصب المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي شاغرا منذ استقالة الرئيس الألماني السابق هورست كوهلر منه في ماي 2019 لأسباب صحية. ونجح كوهلر في جمع المغرب والجزائر وموريتانيا والبوليساريو على طاولة المفاوضات في سويسرا في دجنبر عام 2018، وأيضا في مارس 2019، لكنه فشل في تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع الرئيسية وهما المغرب والجزائر. وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر القرار رقم 2494 بشأن الصحراء يوم الأربعاء 30 أكتوبر الماضي صوتت 13 دولة لصالحه مع امتناع كل من روسيا وجنوب إفريقيا عن التصويت، وتضمن القرار 16 توصية اهمها تمديد بعثة المينورسو لمدة سنة، وذلك بالعكس القرارات الثلاثة الأخيرة-ما قبل هذا القرار- التي نصت على التمديد لمدة ستة أشهر. كما نص القرار على ضرورة أو الحاجة إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم لمسألة الصحراء ، وهي إشارة مهمة وجوهرية، خاصة وأن المرجعية الأساسية لمقولة "الواقعية والعملية " موجودة ضمن قرارات مجلس الأمن، وبالتحديد القرار رقم 1813 إذ سبق وأن تبنى مجلس الأمن توصيات الأمين العام للأمم المتحدة، التي تعزز الخلاصات التي أدلى بها المبعوث الشخصي بيتر فان والسوم أمام مجلس الأمن في 21 أبريل 2008، حيث توصل هذا المبعوث بعد إشرافه على أربعة جولات من المفاوضات إلى خلاصة مفادها أن " كيانا مستقلا في الصحراء، ليس ولن يكون خيارا واقعيا". وكما أكد ذلك الباحث محمد الزهراوي في تصريح سابق لموقع أحداث أنفو ، ياتي ذلك في وقت شدد فيه المغرب على الالتزام بإيجاد حل نهائي للخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية، في إطار وحدته الترابية وسيادته الوطنية. وقال رئيس حكومة المملكة المغربية، سعد الدين العثماني، في خطابه المسجل أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة ، إن المغرب يلتزم بالمبادئ المكرّسة في ميثاق الأممالمتحدة المتعلقة بمبدأ التسوية السلمية للنزاعات، واحترام السيادة الوطنية للدول ووحدتها الترابية. وشدد العثماني على أن البحث عن حل سياسي نهائي ينبغي أن يندرج في إطار معايير أربعة أساسية: "أولا السيادة الكاملة للمغرب على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع المفتعل. وثانيا، المشاركة الكاملة لجميع الأطراف في البحث عن حل نهائي لهذا النزاع المفتعل. وثالثا، الاحترام التام للمبادئ والمعايير التي كرّسها مجلس الأمن في جميع قراراته منذ 2007، والمتمثلة في أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما ومبنيا على أساس التوافق. ورابعا، رفض أي اقتراح متجاوَز والذي أكد الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن منذ أكثر من عشرين سنة بطلانه وعدم قابليته للتطبيق والهادف إلى إخراج المسلسل السياسي الحالي عن المعايير المرجعية التي حددها مجلس الأمن". وأضاف العثماني أن "المسلسل السياسي تحت الولاية الحصرية للأمم المتحدة" حقق زخما جديدا بعقد مائدتين مستديرتين في جنيف في دجنبر 2018 ومارس2019 التأمت حولها جميع الأطراف لأول مرة. وقال: "من المشجع بشكل خاص أن مجلس الأمن قد كرّس هذه العملية باعتبارها الطريق الوحيد لحل سياسي واقعي وعملي ودائم وقائم على أساس التوافق لإيجاد حل لهذا النزاع الإقليمي". يشار أنه في غياب مبعوث أممي حول الصحراء المغربية, قدم أنطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة تقرير له حول النزاع المفتعل الى مجلس الأمن الدولي أملا في الخروج من المأزق وحالة الجمود الذي دخله بعد استقالة مبعوثه الشخصي الألماني هورست كوهلر منذ أشهر. التقرير , حسب وكالة الانباء الفرنسية, أعرب فيه الأمين العام للهيئة الأممية عن "أمله في الحفاظ على "الزخم" السياسي الذي تمّ التعهّد به العام الماضي لإيجاد حلّ للنزاع في الصحراء المغربيّة". وأضاف المصدر ذاته أن غوتيريس قال في التقرير الذي سلّمه إلى مجلس الأمن الدولي تحت الرئاسة الدورية بجنوب افريقيا, إنّ "المبعوث السابق للأمم المتّحدة هورست كوهلر الذي قدم استقالته في ماي الماضي لأسباب صحّية "تمكّن من إعادة ديناميّة وزخم إلى العمليّة السياسيّة، من خلال طاولاتٍ مستديرة جمعت كلاً من المغرب وجبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا"، وشدد على أنه "من الضرورة عدم إضاعة هذا الزخم". وابرز تقرير الامين العام الاممي, حسب نفس المصدر, ان "الوضع على الأرض في الصحراء المغربية ظل هادئًا نسبيًا وتم احترام وقف إطلاق النار بين الطرفين"., كما كشف انطونيو غوتيريس عن خطة لعقد اجتماعات شهرية لتجنب اندلاع أزمة جديدة مثل التي وقعت في منطقة الكركرات. ومؤخرا اكد عمر زنيبر السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدة في جنيف بقوله ان " مبدأ تقرير المصير على النحو المنصوص عليه في القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة في عام 1960 يرتبط بشكل أساسي وكنتيجة طبيعية بمبدأ السلامة والوحدة الترابية للدول والتي هي الأساس الذي بنت عليه المملكة موقفها بشأن استرجاع والمحافظة على أقاليمها الجنوبية " . وأكد في نفس السياق أن " الاستناد على قرار الجمعية العامة 1514 تنم عن الجهل الكبير بتاريخ المغرب والمعارك التي خاضها السكان من الأقاليم الشمالية للمملكة إلى جنوبها من أجل استقلال المغرب طيلة فترة الاستعمار هؤلاء السكان الذين يعيشون اليوم معتزين بمغربيتهم الكاملة كما يتمتعون بجميع الحقوق المكفولة لهم على كامل التراب الوطني ". وأضاف " أن من بين أغلبية الدول المسجلة في هذه المجموعة الصغيرة تلك التي استفادت من الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي المغربي من أجل استقلالها وخاصة الجزائر وجنوب إفريقيا وناميبيا وأنغولا " . ودعا السفير في هذا الصدد " أعضاء هذه المجموعة إلى قراءة تاريخ المغرب باهتمام وتمعن قبل الادعاء على نحو متناقض بأنهم يحترمون سلامة ووحدته الترابية " . وذكر زنيبر أن قضية الصحراء المغربية قد أدرجت في الأممالمتحدة منذ عام 1963 بمبادرة من المغرب في إطار استكمال وحدته الترابية في الوقت الذي لم يكن فيه الكيان الانفصالي موجود أصلا . وقال " نحن إذن أمام قراءة مبتورة ومضللة لعناصر ومقتضيات القانون الدولي لصالح حركة انفصالية يتم التلاعب بها لأكثر من 40 عاما ضد المغرب من قبل خصوم المملكة وخاصة الجزائر " . وشدد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدة في جنيف على أن " الجزائر كما يعلم الجميع وعلى الرغم من نفيها تشارك كطرف معني في النزاع. ولقي القرار السابق لمجلس الأمن ترحيبا من المغرب، عكس جبهة البوليساريو والجهات المناوئة للوحدة الترابية للمملكة التي أصيبت بخيبة تلو الخيبة، أكد رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، أن القرار الأخير رقم 2494 الصادر عن مجلس الأمن الأربعاء 30 أكتوبر 2019 حول قضية الصحراء المغربية كرس ما يدعو إليه المغرب في أفق حل النزاع المفتعل حول الصحراء. واعتبر رئيس الحكومة، خلال افتتاحه الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس 31 أكتوبر 2019، أن القرار الجديد لمجلس الأمن رقم 2494 "يكرس الثوابت التي تتجلى في الحل السياسي والتي يدافع عنها المغرب، ويدفعنا إلى أن نهنئ أنفسنا والدبلوماسية المغربية سواء الرسمية أو البرلمانية أو المدنية أو المجتمع المدني المغربي لمغاربة العالم الذين يدافعون بوطنية وبغيرة عن بلدهم ونحن متفائلون حالا ومستقبلا وسيبقى بلدنا شامخا تحت قيادة جلالة الملك حفظه الله". فهذا القرار، يضيف رئيس الحكومة يكرس أولوية مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لحل نزاع مفتعل طال لسنوات، ويدعو للتوصل لحل سياسي واقعي وعملي ودائم قائم على التوافق، وهو الأمر الذي ما فتئ المغرب يطالب به. وهذا القرار، شأنه شأن قرارات أخرى صدرت منذ 2011، يضيف رئيس الحكومة، يدعو إلى إحصاء وتسجيل ساكنة مخيمات تندوف، "وهو أيضا مطلب مغربي لأنه مدخل أساسي لإنصاف عدد من ساكنة تلك المخيمات"، يوضح رئيس الحكومة الذي شدد على ضرورة إحصاء هؤلاء السكان "إذا كانوا لاجئين وفق معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمعرفة عددهم وحتى لا يتجار بهم ومعرفة من أين أتوا". وأشار رئيس الحكومة إلى إشادة مجلس الأمن بالإجراءات والمبادرات التي قام بها المغرب في مجال حقوق الإنسان وتفاعله مع الآليات المرتبطة بالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، والإشادة بعمل لجنتي مجلس حقوق الانسان في الداخلة وفي العيون ودورهما في التعريف بحقوق الانسان والدفاع عنها بالأقاليم الجنوبية. وذكر رئيس الحكومة بموقف المغرب الدائم والمتحمس لحل سياسي وفاعل في إطار ثوابت المغرب وسيادته وسيادة أراضيه، مستشهدا بمقولة جلالة الملك نصره الله "المغرب في صحراءه والصحراء في مغربها". وبعد أن وصف بيان الانفصاليين الذي تحدث عن منعطف خطير وانتكاسة، قال رئيس الحكومة إن ردة فعل هؤلاء تبين مدى خيبة أملهم في القرار، والمغرب "مستمر في الدفاع عن حقه بكل ما أوتي من قوة ولن يتوانى أو يتساهل في ذلك، وسيدافع عن وحدته بقيادة جلالة الملك حفظه الله ووراءه الشعب المغربي بإجماعه، ويتفاعل إيجابيا مع مجلس الأمن ومع الجهود التي يقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة لحل هذا النزاع المفتعل". في نفس السياق ، أكد رئيس المركز الأمريكي اللاتيني للدراسات من أجل الديمقراطية، أنطونيو يلبي أغيلار، وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل واقعي لقضية الصحراء المغربية، وباعتبارها الحل الدائم الوحيد لهذا النزاع المفتعل. وقال يلبي، في تصريح لوكالة المغرب للأنباء، إن "الحكم الذاتي هو السبيل الوحيد الممكن لتسوية النزاع، في إطار الاحترام الكامل للوحدة الترابية للمملكة، والقواعد الأساسية للقانون الدولي، مع ضمان السلام والتنمية في المنطقة". وتابع المستشار في مؤسسة "أفريكا لاتينا" أن "الحكم الذاتي، الذي اقترحته الرباط كتجسيد لحق تقرير للمصير عادل يوافق الشرعية الدولية، يشكل الإطار السياسي الكفيل بالتوصل إلى حل واقعي دون رابح أو خاسر". وأشار رئيس المركز الأمريكي اللاتيني للدراسات من أجل الديمقراطية إلى أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي استلهمت من مقترحات الأممالمتحدة ذات الصلة ومن المقتضيات الدستورية المعمول بها في بلدان قريبة جغرافيا وثقافيا من المغرب، كما تستند إلى القواعد والمعايير المعترف بها دوليا. وأوضح أن سكان الصحراء، وبموجب المقترح المغربي للحكم الذاتي، سيديرون شؤونهم بأنفسهم بطريقة ديمقراطية من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، مشيرا إلى أنه سيكون لديهم الموارد المالية اللازمة لتنمية المنطقة في جميع المجالات وسيشاركون بشكل فعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة. وبعدما سلط الضوء على الجهود الكبيرة التي بذلها المغرب على مدى أزيد من أربعة عقود لتعزيز تنمية المنطقة، أشار السيد يلبي أغيلار إلى أن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية مكن هذا الجزء من المملكة من تعزيز مسيرته التحديثية. وخلص إلى أن المملكة عملت في السنوات الأخيرة على تسريع مسلسل تحديث وتنمية أقاليمها الجنوبية، وجسدت بذلك مقترحها للحكم الذاتي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة.