فجأة وجد قاض مكلف بحوادث السير بابتدائية أكادير نفسه، محاصرا وسط مكتبه من قبل أربعة من عناصر الشرطة القضائية، جاؤوا لاعتقاله متلبسا بتسلم رشوة مليوني سنتيم. العملية قادت كذلك إلى اعتقال وسيطين، كاتبة القاضي ومنتدب قضائي. هذه الوقائع أشرف عليها الوكيل العام للملك باستئنافية أكادير مباشرة بعد توصل النيابة العامة عبر رقمها الأخضر بشكاية من طبيبة تشتغل بمصحة خاصة على مستوى مدينة إنزكان، قررت التبليغ ضد المرتشين ولم تتوان النيابة العامة في التعامل مع قضيتها بما تتطلبه من حزم. الطبيبة المبلغة أفادت عبر شكايتها أنها تعرضت للابتزاز مقابل استرجاعها لرخصة سياقتها في عملية ارتشاء ساهمت فيها كاتبة القاضي، ومنتدب قضائي يشتغل بنفس الهيئة. ووفق خطة محبوكة، اتفقت المشتكية مع الكاتبة بأنها مستعدة لأداء مبلغ الرشوة، ثم حددت معها الموعد بمكتبها وهو بعد زوال يوم أول أمس، وكانت تنتظرها في حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال بمكتبها، حيث سلمتها المبلغ المتفق عليه بعدما قامت الشرطة بتصوير أرقام أوراقه التسلسلية. فور تسلم الكاتبة للمبلغ، دخلت مكتب القاضي المتصل مع مكتبها لإيصال «الأمانة»، ثم عادت إلى مكتبها، وفي رمش البصر أحاطت بها عناصر الشرطة القضائية من كل جانب، فلم تتردد في الاعتراف بأنها سلمت المبلغ المالي للقاضي. وقبل أن يقبضوا عليه توجه إلى النافذة مندفعا وفتحها بسرعة. اعتقدت العناصر الأمنية أنه يهم بإلقاء نفسه منها، لكنهم اكتشفوا بعد حين بأن ذلك المسعى لم يراوده.. أطلوا من النافذة ليكتشفوا المفاجأة: امتلأت الأرض بالأوراق المالية. الطبيبة تفيد مصادر مطلعة سحبت منها رخصة سياقتها بسبب حادثة سير مميتة، وكانت تسعى لاستعادة رخصتها لتعود إلى قيادة سيارتها المركونة، غير أنها قوبلت بما أسمته مصادر «تلكؤا ومساومة من قبل القاضي». وتبين لها ذلك من قبل مساعديه اللذين اقترحا عليها «تلك الهدية» مقابل أن يجد لها القاضي «التخريجة» المناسبة لحل مشكلتها، فلم تستسغ ذلك وقررت أن تركب الرقم الأخضر المؤدي إلى الاعتقال.