صورة مصغرة لواقع كرة القدم المغربية، قدمتها أول أمس الخميس عصبة الجنوب، حين أحاط بمقرها بمراكش مجموعة من عناصر القوات العمومية، وبعض ممثلي السلطات القضائية، قصد السهر على تفعيل حكم إفراغ استصدره صاحب العقار لعدم توصله بمستحقاته الكرائية طيلة أشهر. وقد تطلب الأمر كثيرا من الأخذ والرد من طرف الجهاز المسير للعصبة،الذي سارعت عناصره لحماية المقر، ومن ثمة الرفض المطلق بالسماح لتفعيل حكم الإفراغ، بالنظر لكون المشكل قائم بين مصالح المجلس الجماعي وصاحب العقار، ولا دخل للعصبة في الأمر، والتي تعتبر هي نفسها ضحية لتنكر مسؤولي المجلس الجماعي لالتزاماتهم السابقة، وبالتالي رفضهم السماح بتحويل العصبة إلى كبش فداء، وتقديمها قربانا على مذبح هذا الخلاف بين الطرفين المومأ اليهما. وحسب مسؤولي العصبة، فقد كانت المصالح البلدية قد عمدت بطريقة مفاجئة الى هدم مقر العصبة القديم، الذي ظل طيلة عقود وسنوات يتواجد بجنان الحارثي،على مرمى حجر من ملعب الحارثي الشهير، حين استنفرت آليات الهدم التابعة لها ليلا وقامت باقتحام مقر العصبة وأعملت فيه هدما ودكا في غياب الجهاز المسير، ما أدى إلى إتلاف وضياع كل أرشيف ووثائق العصبة الخاصة برخص اللاعبين وكذا تلك الخاصة باجتماعات العصبة. ومباشرة بعد هذه العملية المثيرة عمد الجهاز المسير الى رفع دعوى قضائية ضد البلدية قبل أن تتدخل مصالح الولاية على الخط وتعقد صلحا بين الطرفين تعهد من خلاله ممثلو المجلس الجماعي بتوفير مقر جديد، حيث تم اكتراء مقر جديد بالمنطقة ذاتها، عبارة عن شقة ضيقة تنعدم فيها أبسط شروط العمل لمؤسسة في حجم عصبة الجنوب يمتد مجال تسييرها من مراكش إلى ورزازات مرورا بالصويرة وإقليم أزيلال دمنات وتشرف على أزيد من 60 فريقا من القسم الوطني الثالث ناهيك عن فئة الشبان والفتيان. غير أن الجهاز المسير لعصبة الجنوب سيفاجأ مؤخرا وبالرغم من كل هذه الظروف بتنكر المصالح الجماعية لالتزاماتها السابقة وتوقفها عن أداء مستحقات كراء المقر الجديد للعصبة، ما أدى بصاحب الملك إلى استصدار أمر قضائي بالإفراغ، الأمر الذي لم يستسغه مسؤولو العصبة، الذين اعتبروا أن المصالح الجماعية،قد تنكرت لالتزاماتها من جديد، ومن ثمة رفض الخضوع لهذا الحكم،على اعتبار أنه صادر ضد المصالح البلدية، وليس ضد العصبة. وأمام هذا المستجد، أصبحت عصبة الجنوب لكرة القدم المغربية، بما تمثله من إطار رياضي، مهددة بالتشرد، وطردها من مقرها، بعد أن ثم القضاء على ذاكرتها وأرشيفها وكذا مجموع الوثائق الخاصة برخص اللاعبين وبمحاضر الاجتماعات وكل الوثائق الرسمية التي تؤرخ لها، ما يعرضها للإصابة بخطر الشلل، بعد أن أصبحت كائنا معاقا بدون ذاكرة ولا تاريخ. وفي اتصال بمسؤولي المجلس الجماعي للتعليق على هذه المعطيات، كان الجواب أن الكاتب العام للمجلس في اجتماع طاريء، في حين أن العمدة ومسؤولي ديوانها يوجدون في مقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات، وبالتالي استحالة تقديم أي تفسير أو رأي في الموضوع، ليظل بذلك واقع حال عصبة الجنوب لكرة القدم، خير مؤشر على مدى الإكراهات والمشاكل التي تعيشها كرة القدم الوطنية.