في سابقة، امتنع أطباء بالمركز الاستشفائي الإقليمي لخنيفرة عن تتبع الوضع الصحي لعشرات المرضى كانوا قد استفادوا من خدمات قافلة طبية متعددة الاختصاصات، بدعوى أنهم لم يشاركوا في القافلة و لم يقوموا بالعمليات الجراحية للمرضى المعنيين ب"الكونترول". الامتناع عن إجراء الفحوصات للمرضى، و غالبيتهم من المسنين و المعوزين، تم أمام أنظار إدارة المستشفى و مسؤولي السلطة المحلية الذين اكتفوا بمعاينة طرد المرضى من "السبيطار" العمومي و تنظيمهم مسيرة احتجاجية جرّوا فيها بؤسهم و آلامهم نحو مقر المندوبية الإقليمية للصحة التي تنصلت بدورها من مسؤوليتها و لم تتدخل لإرغام الأطباء على القيام بواجبهم المهني. الأطباء "المضربين" عن المشاركة في تتبع الوضع الصحي للمرضى المستفيدين من القافلة، برّروا موقفهم هذا بأنهم يرفضون تحمل مسؤولية العمليات الجراحية التي لم يُجْرُوها للمرضى.. كلام حق أريد به باطل بدليل أن بعض المرضى المحظوظين خضعوا "للكونترول" بعد تدخلات تمت لفائدتهم، في وقت كان فيه مصير البقية هو الطرد من السبيطار بعدما تشبث الأطباء بمبدأ "اللي فتح لشي واحد يقابلو"، رافضين كل محاولات التدخل لحثهم على نعل الشيطان و التراجع عن القرار الذي شكّل إهانة و تهديدا لصحة مرضى لا حول لهم و لا قوة. المنزلق الخطير الذي شهده مستشفى خنيفرة، يوم الجمعة الماضي، من شأنه أن يضع مستقبل القوافل الطبية بالإقليم على كف عفريت كما ستكون له بالتأكيد عواقب وخيمة على هذا النوع من العمليات التضامنية، بالمقابل فإن أكبر المستفيدين من هذا "الصابوطاج" هو العيادات الخاصة التي تستفيد من قوائم الانتظار الطويلة بالمركز الاستشفائي الإقليمي لتنقض على المرضى بتنسيق مع بعض أطباء القطاع العام الذين يقومون بتهريب المرضى إلى "الكلينيكات". من أجل ذلك كله، و حيث أن كل النواميس و القوانين قد أجمعت على أن واجب الطبيب يحتم عليه معالجة المرضى الذين يتقدمون إليه دون تمييز بينهم، و حيث أن تتبع الوضع الصحي للمرضى الخاضعين لعمليات جراحية يعد شرطا أساسيا للاستشفاء و من شأن الإخلال به أن يشكل تهديدا لحياة المرضى، فإنه من الممكن توصيف ما اقترفه أطباء المستشفى العمومي لخنيفرة بأنه تقصير جسيم في أداء الواجب المهني و جريمة قائمة الأركان تستدعي تحريك النيابة العامة للمتابعة في حق كل من ثبت امتناعه عن تقديم مساعدة لأشخاص في حالة خطر.