بعد الحرب التجارية الأميركية الصينية، بدأت ملامح حرب تجارية جديدة تلوح في الأفق، وهذه المرة عبر المحيط الأطلسي، أي بين أوروبا والولاياتالمتحدة. فقد كشف الاتحاد الأوروبي، أمس الأربعاء، عن قائمة واسعة من المنتجات الأميركية، التي قد تخضع للرسوم ردا على الدعم المالي الذي تتلقاه شركة "بوينغ". وتتضمن القائمة مجموعة كبيرة وواسعة من المنتجات الأميركية، بدءا من "الكاتشاب" وانتهاء بقطع السيارات، وفقا لوكالة فرانس برس. وقالت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم، في بيان، إنه "يجب أن يكون بمقدور الشركات الأوروبية أن تنافس بشروط منصفة ومتساوية.. علينا مواصلة الدفاع عن التكافؤ في صناعتنا". وتقدر قيمة التدابير التي قد يلجأ إليها الاتحاد الاوروبي بحوالي 12 مليار دولار ضد بوينغ. ويأتي التحرك الأوروبي هذا في أعقاب مطلب أميركي مشابه بفرض رسوم جمركية على بضائع أوروبية بقيمة 11 مليار دولار، كتعويض على الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لشركة "إيرباص". غير أن هذه المبالغ من الطرفين، ستخضع لتقييم منظمة التجارة العالمية، وهي المسؤولة عن تحديد القيمة النهائية للرسوم التي سيكون بإمكان الطرفين فرضها. ومن المتوقع أن يكون المبلغ الذي تقرره المنظمة أقل بكثير من تلك التي يطالب بها الجانبان. ويعد النزاع الأميركي الأوروبي حول بوينغ وإيرباص من بين أطول النزاعات التجارية أمام منظمة التجارة العالمية، إذ يتواصل منذ نحو 14 عاما. ويتهم الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة كل منهما الآخر أمام المنظمة الدولية بتقديم مساعدات مالية غير قانونية منذ التسعينات إلى أكبر شركتين عالميتين لصناعة الطائرات. وتفاعلت الأزمة مؤخرا، عندما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقت سابق الشهر الجاري بفرض رسوم ردا على الدعم المالي الذي تتلقاه إيرباص. ففي التاسع من نيسان الجاري، كتب ترامب في تغريدة على حسابه بتويتر قائلا إن "الاتحاد الأوروبي استغل الولاياتالمتحدة في مجال التجارة لسنوات.. سيتوقف ذلك قريبا". وبحسب تقارير فإن الرسوم، التي يهدد ترامب بفرضها، تطال سلسلة منتجات، من بينها طائرات مروحية وقطع الطائرات وجبنة "غاودا". وأصرت مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي على أن المنظمة الإقليمية تريد فض النزاع وديا، وقالت "بينما نحتاج إلى أن نكون على استعداد لاتخاذ اجراءات مضادة في حال عدم وجود حل آخر، لا أزال أعتقد أن الحوار هو ما يجب أن يسود بين شريكين كبيرين على غرار الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة"، بحسب فرانس برس. يشار إلى أن ترامب كان قد أطلق موجة حمائية ضد أوروبا والصين، بالإضافة إلى أن واشنطن ما زالت تهدد بفرض رسوم على واردات السيارات، الأمر الذي أدى إلى توتر في العلاقات بين الطرفين. والاثنين الماضي، وفي محاولة لتجنب حرب تجارية عبر الأطلسي، وافق الاتحاد الأوروبي على البدء بمفاوضات للتوصل إلى اتفاق تجاري محدود مع واشنطن. وكانت بوادر الحرب التجارية بين بروكسلوواشنطن بدأت في يوليو الماضي عندما فرضت الولاياتالمتحدة رسوما جمركية على واردات الحديد الصلب والألمنيوم، وهي ما زالت مطبقة حتى الآن. غير أنه ثمة شكوك بشأن إمكانية نجاح هذه المحادثات، إذ يصر الاتحاد الأوروبي على إبقاء المنتجات الزراعية خارج أي اتفاق، وهو موقف يثير حفيظة ترامب.