بوابة الصحراء: حكيم بلمداحي تجمع الآلاف من سكان مخيمات تيندوف، يوم الجمعة الماضي، أمام ما يسمى مقر وزارة الداخلية للجمهورية الوهمية، يجمعهم شعار واحد هو الحرية. احتجاج المعنيين يأتي رفضا لوضع الاحتجاز الذي يعيشونه في مخيماتهم، بعدما قررت قيادة البوليساريو الزيادة في التضييق على تحركاتهم. القرار، الذي اتخذته قيادة الجبهة، ارتبط بالأحداث التي تشهدها الجزائر وهبة الجزائريين لإسقاط النظام الذي يعتبر الراعي الرسمي لجبهة البوليساريو. الجديد في احتجاجات سكان المخيمات هو الوعي بحالة الاحتجاز الذي يعيشونه، والذي دام لعقود تحت غلاف من الأكاذيب والتمويه والتلاعب بمصير الصحراويين. لقد تيقن سكان مخيمات تيندوف، أو الجزء منهم الذي انطلت عليه الكذبة الكبرى بقيام «الجمهورية الصحراوية»، بأنهم مجرد ضحايا يتم استغلالهم لأهداف جيواستراتيجية لحكام الجزائر، ومجرد رهائن تغتني بواسطتهم قيادة البوليساريو، من الموظفين عند المخابرات الجزائرية، وذلك من خلال السطو على المساعدات الإنسانية وبيعها في الأسواق السوداء، ومن خلال المتاجرة في كل شيء بما في ذلك التجارة في البشر. صفة المحتجزين، التي كان يرفضها جزء من سكان المخيمات، انكشفت في الأخير، وتيقن الصحراويون من سكان تيندوف في الأخير أنها ليست للمزايدة والتهويل الإعلامي، وإنما هي حقيقة كانت غشاوة كذب القيادة قد خدعتهم بها. لقد حاولت الجزائر منذ بداية اختلاق النزاع في المنطقة الترويج لفكرة الانفصال، وأن جبهة البوليساريو هي الممثل الرسمي والوحيد للصحراويين. واليوم يتيقن الصحراويون في المخيمات أن الوعود السابقة ليست سوى أكاذيب، وأنهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى رهائن في يد حكام الجزائر ومخابراتها لأهداف لا مصلحة للصحراويين فيها على الإطلاق. الحيز هنا ليس للتذكير بالكيفية التي استغل فيها حكام الجزائر، أيام هواري بومدين وليبيا القدافي، مجموعة من الشبان الصحراويين المغاربة الحالمين بشيء آخر في القضية غير الانفصال، وكيف مدوهم بالأسلحة والعساكر للدخول في حرب ضد بلادهم. كما أن هذه الورقة لا يسعها أن تتحدث عن كيفية التخلص من الصحراويين الذين لم يكونوا ليقبلوا بمخططات بومدين والقدافي، وتمت تصفيتهم جسديا، على رأسهم الوالي مصطفى السيد. لكن لابد من التذكير بأن الذين خرجوا للاحتجاج ضد احتجازهم هم في معظمهم مغاربة صحراويون وجدوا أنفسم في وضع لم يختاروه، وأصبحوا يتحملون إرثا تركه آباؤهم لهم من استغلال وتلاعب بهم في وقت عاطفي وحماسي غير محسوب العواقب. احتجاج محتجزي تيندوف يتزامن مع اجتماع مجلس الأمن الدولي حول موضوع الصحراء المغربية، ومع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في الموضوع، والذي أكدت مسودته الأولية على أن قضية الصحراء لا تعني الأطراف والدول المجاورة فقط، بل هي أيضا شأن دولي. هذا الشأن الدولي الذي يجب أن ينصب على الجانب الإنساني من أجل تخليص سكان مخيمات تيندوف من وضع شاذ تتقاسمه أكاذيب سواء في وضعية اللجوء، أو في وضعية الانفصال وخلق جرثومة خبيثة في جنوب المغرب. على المنتظم الدولي أن يعي جيدا أن المنطقة لا تستحمل وضعا شاذا يجمع كل الانحراف من إرهاب ومتاجرة في الممنوعات وفي البشر. وعلى المنتظم الدولي أن يعي حجم المعاناة التي يعيشها الصحراويون في تيندوف نتيجة حسابات لأنظمة عسكرية من بقايا الحرب الباردة. وعلى المنتظم الدولي ثالثا أن يعي بأن المغرب بوحدته، وبكامل ترابه هو الأصل، والباقي مجرد مزايدات وحسابات يغلب عليها الوهم والتوهم. الأصل يتمثل في نهاية مخيمات تيندوف ومنح السكان بها حرية التصرف والتحرك. وفي مقترح الحكم الذاتي مخرجا مشرفا يحفظ كرامة الصحراويين بشكل كبير وينهي مأساتهم في التشرد والتفكك والتشردم