كن أربع نساء بصمن مسارهن بالتفاني والعمل الدؤوب والمستمر لأجل الدفاع عن قضية . نساء اخترن المرأة أو الفرد الهش في المجتمع محور وجود لهن يدافعن عن تمكينه ورفع الحيف عنه . عائشة الشنا، أيقونة العمل الجمعوي المغربي، وفاطمة المريني الوهابي، وفاطمة شقيري، وفاطمة صديقي، نساء على ناصية التطوع ونكران الذات لأجل قضايا آمن بها وكرسن الجهد للدفاع عنها. ولذلك، استحقن التكريم من قبل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في اليوم الأممي للدفاع عن حقوق المرأة، 8 مارس. في حفل، شعاره :"التغيير الاجتماعي بالمرأة ومعها"، و ملؤه الامتنان والاعتراف والتقدير والاحترام، احتفى المعهد الجمعة ثامن مارس 2019بالجمعويات الأربع . الحفل كان فرصة لقاء الجمعويتا المحتفى بهن بجمهور متنوع شاب في أغلبه . وكانت لحظة أساسية لربط الوصل بين هذا الجمهور وبين هؤلاء النساء ليتحقق لهن تقديم ولو بشكل وجيز يحكمه الوقت بعضا من مناحي عملهن واشتغالهن على مدى سنوات كل واحدة من موقعها و بحسب مجالها المهني. وفي هذا السياق، يؤكد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أحمد بوكوس، للجريدة، أهمية هذا التكريم، الذي يعكس انخراط المعهد في قضايا المجتمع وانفتاحه على مكوناته وعلى ما يعتمل به من تحولات . وأوضح بوكوس أن اختيار المكرمات جاء بناء على اقتراح من فريق الباحثين داخ المعهد، الذين ينتمون إلى مركز الدراسات السوسولوجية والانثروبولجية، الذي يشتغل ضمن المحاور، التي يشتغل عليها، على محور التحولات الاجتماعيةً والثقافية وبالذات موقع المرأة فضلا عن محور يهم العمل النساء في مجال التعاونيات . عائشة الشنا : أنا هنا حيث عاهدت الله "أنا هنا لأني أوفي عهدا عاهدت به الله" هكذا تقول عائشة الشنا، التي كانت تغالب ثقل السنوات وتأثير المرض على جسم بالكاد أصبح يقوى على حَمْل ِ حِمْل ولا أثقل ظلت هذه السيدة تحمله وحدها سنوات دون كلل ولا ملل وإنما باستماثة منقطعة النظير. عائشة الشنا، وهي تعلل وجودها واستجابتها المستمرة للدعوات، التي تتلقاها للتواصل مع الجمهور أو حضور مناسبات مختلفة، حكت للحاضرين كيف أنها وفي عز المرض بالسرطان ناشدت الله أن يزيل عنها البأس ويمنحها مزيدا من الحياة . ووعدته وهي تطلب شفاءه أن تكرس ما بقي لها من عمر، إن كُتب لها الشفاء، في تمرير مشعل قضيتها للخلف . لذلك، هي تكرس الوقت كله لمزيد مت التحسيس بقضية الأمهات العازبات . وتشدد في كل مرة، تُسنح لها فرصة لقاء الجمهور التشديد على أن الأطفال نتاج العلاقات خارج إطار الزواج وغير المعترف بهم قانونيا يشكلون "قنبلة موقوتة" تهدد باستمرار الاستقرار والأمن الاجتماعيين بالمغرب. وتُحذر من أن "الحقد"، الذي يكبر عند هؤلاء الأطفال ضد مجتمع يلفظهم ويرفض تمكينهم من حقوقهم . فاطمة المريني : امرأة تنقل صرخة ذوي الاحتياجات الخاصة فاطمة المريني الوهابي، طبيبة عيون في خدمة الأشخاص ذوي الإعاقة، حسرتها هي الأخرى لا تقل عن حسرة عائشة الشنا. الجمعوية، التي تجر وراءها عقودا من الاشتغال في مجال الإعاقة تحمل هم هذه الفئة التي ما تزال تعاني التهميش. وما تزال تؤكد فاطمة المريني، صاحبة مؤلفي " مغرب المعاقين بين المعاناة والطموح" (أول دراسة شاملة حول وضعية الإعاقة بالمغرب وهو مؤلف مشترك مع الباحث في علم الاجتماع محمد حمادي بكوشي) و" احكي لي قصتك : الإعاقة، الشجاعة للحديث عنها"( مؤلف مشترك مع محمد حمادي بكوشي) ، ( تؤكد) على أن التطور الحاصل على مستوى التحسيس بقضايا الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مازال ضعيفا ولا يرقى إلى مستوى انتظارات واحتياجات هذه الشريحة من المجتمع. ومع ذلك، لا تستسلم هذه الطبيبة لليأس أو تترك الحسرة تنتقص حماستها وحيويتها وطاقتها الكبيرة، التي تكرسها لفئة المعاقين، فهي منهم ( تعرضت لشلل الأطفال)، وتعرف جيدا حقيقة معاناتهم خاصة حينما يقترن العجز العضوي بالفقر . ولأن طبيبة العيون حباها الله ب،عائلة متفهمة ومحتوية وأكثر من ذلك ميسورة، مكنتها من تجاوز الإعاقة العضوية، فإنها تسعى بكل الجهد الممكن أن تنقل الطاقة الإيجابية التي حظيت به في كنف عائلتها إلى محيطها الجمعوي ( رئيسة الجمعية المغربية للمعاقين جسديا منذ إحداثها 1988) وإلى المستفيدين من خدمات هذه الجمعية، وخاصة إلى أمهات الأشخاص ذوي الإعاقة، كي يواصلن احتواء فلذات الأكباد ويربين فيهم مقاومة الكليشيهات والتنميطات الثقافية ويكسرن حاجز التهميش والإقصاء المجتمعي. فاطمة شقيري : صوت المرأة الأمازيغية فاطمة شقيري، الطبيبة المختصة في طب النساء والولادة، والتي في عروقها يجري الدم الأمازيغي، كرست مهنتها كما عملها لأجل التوعية والتحسيس بقضايا المرأة . بكثير من العطاء والحس المواطناتي تشتغل فاطمة شقيري همها الأساس خلخلة الثقافة التنميطية وزعزعة المعتقدات المكرسة لوضع دوني للمرأة في مجتمع يحتاجها ويحتاج عطاءها كي يتوازن . ببساطتها وعفويتها، تلتقي هذه الطبيبة، التي تقدم برامج تحسيسية عبر التلفزيون والإذاعة الأمازيغيتين، متتبعيها لتنقل إليهم بعضا من قناعاتها حول ضرورة تكثيف الجهود لجعل المرأة في صلب التغيير وجعلها رائدته وقائدته إلى جانب الرجل في أفق بلوغ مجتمع المساواة والإنصاف والكرامة لأفراده . فاطمة صديقي : المرأة وقضايها في قلب البحث الأكاديمي فاطمة صديقي، الباحثة الأكاديمية وأستاذة اللغويات بجامعة فاس، من خلال مركزها للدراسات و البحث حول المرأة في جامعة فاس، وهو الأول من نوعه، تشتغل على الجندر، مما يجعل قضايا المرأة حاضرة على مستوى البحث العلمي. حضور يتمأسس خاصة بعد إحداث الباحثة اللغوية لأول برنامج دراسات عن النوع الإجتماعي في هذه الجامعة. البرنامج كان الأول من نوعه في المغرب و المغرب الكبير و أنتج أول موجة من برامج الماجستير و الدكتوراه في البلد. وتُشرف فاطمة صديقي على تنظيم، من خلال مركز ISIS للمرأة و التنمية، على تنظيم لقاءات دولية نصف سنوية حول النساء في البحر الأبيض المتوسط، بلغت دورتها الثامنة في ماي 2018. وتتناول هذه المنتديات قضايا المرأة وطنيا وإقليميا ودوليا. كما أن ذات المركز يُنظم أوراش العمل لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المحافل، والتي تهدف إلى تعزيز المساواة بين الجنسين. وتشتغل فاطمة صديقي على عقد عدة شراكات مع جامعات أوربية و أمريكية تركز على المساواة بين الجنسين. وفضلا عن ذلك، تشتغل صديقي أكاديميا على موضوعات النساء الأمازيغيات وخاصة منهن القرويات. ولها مجموعة من الإنتاجات الأكاديمية في المجال، أخرها مؤلف"الخطابات النسوية المغربية" تعالج هذا الموضوع.