بعد أيام قليلة على تخليد المغرب لليوم الوطني للشخص في وضعية إعاقة، ومع اقتراب إعلان التشكيلة الحكومية الجديدة، يقف الأشخاص في وضعية إعاقة وقفة تأمل في واقعهم اليومي ويسائلون البرامج الحكومية في هذا المجال. المغرب، وبعد مصادقته على الاتفاقية الدولية للحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، انبرى إلى محاولة ملاءمة تشريعاته الوطنية مع منطوق وروح المعاهدة الدولية. ورغم ما سجل من تأخر لمدة تجاوزت 3 سنوات منذ تاريخ التصديق سنة 2008، إلا أن ملف الإعاقة عرف نوعا من الدينامية في مجال بلورة السياسات العمومية الموجهة لهذه الشريحة، وكذا في ما يتعلق بالعمل الجمعوي الذي عرف ارتفاعا بنسبة كبيرة لعدد الجمعيات التي اختارت الإعاقة موضوعا لاشتغالها. ومع هذا التطور الحقوقي، لم يشهد مجال البحث العلمي المتخصص تطورا كميا في إنتاج بحوث ودراسات أكاديمية تجعل من تيمة الإعاقة موضوعا للبحث العلمي الدقيق..هذا النقص المسجل في البحث العلمي الموجه صوب قضايا الإعاقة يجعل المجتمع يستمر في تكريس الصور النمطية والتمثلات المغلوطة حول ذوي الإعاقات المختلفة. ولعل خصوصية الظاهرة جعلت اقتحامها غير يسير للباحثين، إلا أن هناك بعض الإصدارات التي وضعت قضية الإعاقة تحت مجهر البحث العلمي. ولتسليط الضوء أكثر على هذه المحاولات العلمية الكاشفة عن موضوع يؤرق بال أزيد من مليونين من المغاربة، ينفتح مركز هسبريس للدراسات والإعلام على إصدارين علميين في ندوة تنظم مساء يومه الاثنين ابتداء من الساعة الخامسة والنصف. ويتعلق الأمر بكتاب للدكتورة فاطمة المريني الوهابي، تحت عنوان "مغرب المعاقين بين المعاناة والطموح"؛ وهو إصدار مشترك بينها وبين السوسيولوجي الدكتور محمد حمادي بكوشي، حاولا من خلاله تطويق المشاكل الكبرى المتصلة بالصعوبات اليومية، وبالتمييز الذي يكون ضحاياها الأشخاص الذين يعانون من إعاقة، مع بيان وتبيين انتظاراتهم، وطموحاتهم إلى حياة كريمة تضع حدا للولبية الإقصاء. كما طرق المؤلفان موضوعات رئيسة: الأسرة، النظام التربوي، التكوين، المؤسسات الطبية – الاجتماعية، الولوجيات والنقل، الإدماج المهني، دور المجتمع المدني، والإعاقة بالمؤنث. أما الإصدار الثاني الذي سيكون موضوعا للمناقشة في ندوة اليوم فهو للدكتور رشيد الكنوني، مدير مديرية الإعاقة بوزارة التضامن وباحث في مجال الإعاقة، والذي اختار لمؤلفه عنوانا مزج فيه بين سلبية التمثلات الاجتماعية وضرورة تغييرها: "الإعاقة بالمغرب.. عنف التمثلات وممكنات التغيير". وذهب المؤلف في الفصول الأولى إلى عرض الإطار المفاهيمي والمقاربات المؤطرة لموضوع الإعاقة، قبل استعراض الاتفاقيات والمواثيق الدولية، بالإضافة إلى أهم النصوص القانونية والتنظيمية الوطنية ذات الصلة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. كما عزز الباحث كل ذلك بعرض لأهم المعطيات الإحصائية الكمية والنوعية التي تتوفر عليها بلادنا في مجال الإعاقة، مرتكزا بالأساس على نتائج البحث الوطني الثاني حول الإعاقة لسنة 2014. جدير بالذكر أن متابعة ندوة مركز هسبريس للدراسات والإعلام متاحة بالصوت والصورة على جريدة هسبريس الإلكترونيّة، كما سيتم نقل أطوار الموعد باعتماد "تقنيّة المباشر" على صفحة هسبريس بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، والقناة الرسمية لجريدة هسبريس الإلكترونية على "يوتيوب"،، ابتداء من الخامسة والنصف من مساء هذا اليوم.