كشف تقرير صادر عن المنصة الوطنية لحماية المهاجرين، المعروفة اختصارا ب"PNPM"، أن نسبة تحديد هوية المهاجرين الذين يلقوا حتفهم في السواحل المغربية، تظل ضعيفة جدا مقارنة مع دول أخرى. وتهدف الدراسة، التي قدمت نتائجها في ندوة صحافية الأربعاء 06 مارس 2019 بالرباط، إلى محاولة إعمال مقاربة أولى للموضوع تتغيى فهم كيفية تحديد المهاجرين، الذين تلفظهم شواطئ السواحل المغربية، من منطق الواجب للدول، في إطار احترام الموتى. و ارتكزت الدراسة على جمع معطيات كمية عبر لقاءات ميدانية مع فاعلين رسميين وغير رسميين وجمعيات المجتمع المدني، في أربع مدن ساحلية (العرائش وطنجة وتطوان والناظور)، على أساس أن يتم توسيع الدراسة لتشمل جمع المعطيات عبر القنوات الرسمية. وأوضح المسؤول عن الترافع والتنسيق بمنصة "PNPM"، يونس عرباوي، في تقديمه للتقرير، أن ضعف المعرفة والموارد المالية الضرورية أو عدم اهتمام السلطات المسؤولة بمسألة تحديد هوية المهاجرين المتوفين في الحدود البحرية المغربية، هي مجمل الأسباب التي أنتجت وضعية أن غالبية الأشخاص الذين يتم العثور عليهم في عرض السواحل المغربية، لا يتم التعرف إليهم. وقال عرباوي إن "مسألة تحديد هويات المتوفين في السواحل المغربية، هو أمر بالغ الأهمية"، مشددا على أن القانون الدولي يؤكد على ضرورة احترام الدول للموتى وتحديد هوياتهم، مستشهدا بالهدف الثامن من الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامي، الذي أكد على هذه المسألة بشكل واضح. وأورد التقرير، أن 98 في المائة من الأشخاص، الذين تم انتشالهم من طرف السلطات بطنجة لم يتم التعرف إليهم، وتسجل نسبة أضعف في ساحل الناظور، حيث تم التعرف على 15 شخصا فقط، من ما مجموعه 81شخص متوفى في عرض الساحل. وأكد التقرير أن غالبية الضحايا، الذين تم التعرف إليهم، تم ذلك عبر شهادات لمهاجرين يعيشون في مجموعات، أو عبر ممثلين لجمعيات مدنية تعمل على تسهيل العملية؛ مضيفا أن هذه الوسيلة، أي التعرف بالشهادة، لا يمكنها تعويض الطرق العملية الرسمية في التعرف والتي تهم أساسا الوثائق التعريفية والتشريح الطبي، ومقارنة البصمات الرقمية وتحليل الحمض النووي. وأشار التقرير إلى أن عدم تحديد هويات المهاجرين الذين لقوا حتفهم في سواحل المغرب، ينتج عنه صعوبات إدارية حقيقية، تتعلق بعدم توصل عائلاتهم بإشعار الوفاة من السلطات، بعد فقدان فرد من الأسرة، ومن بينها تعقد الأمور القانونية المرتبطة بالإرث والزواج والتأمين. وفي السياق ذاته، أبرز التقرير أن من الصعوبات، التي تواجهها السلطات المغربية، هو عدم توفر مساحات وتسهيلات لأجل الاحتفاظ بالجثث التي يتم استخراجها من عرض السواحل، حيث يتم الاحتفاظ بجثتين في المكان نفسه المخصص لجثة واحدة، وفي درجة حرارة غير ملائمة، بالإضافة إلى أن الجثة يتم دفنها مباشرة إذا لم يتم التعرف إلى صاحبها بعد شهرين من تواجدها في المشرحة. ودعا الباحث في قضايا الهجرة والمهاجرين بالمغرب، يونس عرباوي، عبر التقرير ذاته، إلى توسيع مجال البحث لتشمل المعطيات التي هي في حوزة المفوضية العليا للاجئين، والتي تتعلق بالأشخاص المهاجرين المدرجين في قاعدة بياناتها، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين السلطات و الصليب الأحمر لأجل تطوير طرق تحديد الهوية وتفعيلها باحترافية، إلى جانب تحفيز الناجين من الغرق في عمليات تحديد الهوية لتسهيل العملية. وشددت توصيات الدراسة، على الاقتداء بتجربة القنصلية السنغالية في مجال تحديد هوية المهاجرين الذين توفوا في السواحل المغربية، والتعاون مع سلطات البلدان الباعثة،وتقوية نظام البحث عن بصمات الأصابع والاطلاع على جميع أنظمة تسجيلها على المستوى الوطني. و طالبت المنصة السلطات المعنية، بعدم اعتقال أفرد عائلات الأشخاص الذين قضوا في البحر، ويلجؤون إليها لأجل جمع عينات من الحمض النووي، ولو لم يكونوا في وضعية قانونية، أو تفويض هذه المهمة إلى هيئة أخرى. وأوصى عرباوي، ضمن التقرير نفسه، بإدراج مسألة تحديد هويات المهاجرين المتوفين في السواحل المغربية، ضمن أجندة عمل المرصد الوطني للهجرة والمرصد الإفريقي للهجرة، الذي سيتخذ من المغرب مقراً له، مضيفا أنه "بات على السلطات المعنية بالتعاون مع وزارة الصحة، إتاحة استخدام عينات مأخوذة من الضحية قبل الوفاة، والتي تكون قد توفرت لدى الوزارة من خلال إجراءه لكشف سابق لدى إحدى مؤسساتها العمومية". وجاء ضمن توصيات المنصة الوطنية لحماية المهاجرين، ضرورة إجراء تحقيق داخلي من طرف السلطات حول عدم قيام المسؤولين بمهامهم في تحديد هويات المتوفين في الحدود البحرية المغربية، من أجل مراقبة طريقة استخدام القرائن المادية المتوفرة على جثة الضحية، وكيفية تحليلها واستقرائها، إضافة إلى تحديد طريقة استخدام هذه المعطيات في تقارير التشريح لأجل بلوغ غاية تحديد الهوية. جدير بالذكر، أن المنصة الوطنية لحماية المهاجرين، هي منصة ترافعية تأسست سنة 2009، وتتكون من 13 عضواً يعملون على الترافع وحماية حقوق الأشخاص المهاجرين بالمغرب، لديهم خبرة في مجال قضية الهجرة، والذين طوروا من مستواهم في مجالات فرعية ترتبط أساسا بحقوق الساكنة المهاجرة بالمغرب، وتروم عبر أنشطتها، الدفع بدينامية تغيير اجتماعي في صالح حقوق المهاجرين.