جلسة ما قبل صلاة الجمعة.. احتضنت القاعة رقم 6 بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، صباح الجمعة الماضي، جلسة جديدة من محاكمة رئيس بلدية حد السوالم المعزول، الذي شغل في الوقت ذاته مهمة برلماني عن دائرة برشيد برمز حزب الاستقلال. وخلال الجلسة التي امتدت إلى حدود زوال اليوم ذاته، قال ممثل النيابة العامة، القاضي «حكيم وردي» إن «الشاهد ينبغي أن تكرم وفادته»، لأنه امتلك الشجاعة من أجل التصريح أمام المحكمة في إشارة إلى الموظف الذي بعمل تقنيا ببلدية السوالم الذي يعد شاهد إثبات فبهذا الملف. وجاءت هاته الملاحظة، في معرض رد الوكيل العام على بعض الملاحظات التي أبداها النقيب العزيزي، الذي يؤازر متهما، يملك مقاولة سبق لها أن استفادت من بعض صفقات الجماعة التي كان يرأسها المتهم، حيث يتابع صاحب المقاولة في حالة سراح في ملف ما بات يعرف ب «برلماني17مليار». وأضاف الوكيل العام، خلال رده على الدفاع، أن الشاهد إبراهيم بنساسي، (الذي يعتبر شاهدا رئيسيا في ملف البرلماني المعزول ومن معه)، «عانى كثيرا»، مشيرا إلى أنه سبق أن طلب الحماية منذ أن أدلى بتصريحاته أمام الضابطة القضائية للفرقة الوطنية التابعة للدرك الملكي، كما طلب الحماية من النيابة العامة، بعد أن «تعرض للتهديد»، معتبرا أن «الأشياء التي يصرح بها الشاهد نفسه خطيرة»، وعلى «قدر كبير من الأهمية». وكانت غرفة الجنايات الابتداىية بمحكمة الاستىناف بالدارالبيضاء، نقلت أطوار جلسات محاكمة المتهمين من جلسات الأربعاء التي كانت تعقد بعد الزوال، إلى جلسات صباحية تنعقد يوم الجمعة، حيث من المنتظر مواصلة الجلسات المخصصة الشاهد بنساسي، صباح الجمعة 22 فبراير الجاري. جلسة يوم الجمعة الماضي، التي امتدت لحوالي أربع ساعات، خصصت لطرح أسئلة أعضاء الدفاع الذي يؤازر المتهم زين العابدين حواص، المتابع ب «جناية الارتشاء وتبديد واختلاس أموال عامة، والغدر واستغلال النفوذ، والمشاركة في تزوير محرر رسمي وإداري وتجاري، وحمل الغير على الإدلاء بتصريحات كاذبة...»، حيث تكلف في بدايتها نقيب هيأة المحامين بمدينة برشيد، الذي يؤازر أحد المتهمين، بطرح أسئلته على الشاهد، سعيا لكشف ما وصفها بالتناقضات التي وردت في تصريحاته. وقد عرفت الجلسة اعتراض ممثل النيابة العامة على عدد مِن الأسئلة التي كان يطرحها دفاع المتهم، قبل أن يأتي الدور على دفاع المقاول المتهم باستخلاص واجبات حفر آبار، حيث صرح الشاهد بناء على تصريحات أحد المشتكين، أنه ليس هو من قام بحفرها، وإنما تم توظيفه لاستخلاص المبالغ المخصصة لتلك الآبار ، من طرف المتهم الرئيسي المشهور بالبرلماني «مول 17 مليار». وقد سعى المتهم إلى نفي ما أكده الشاهد إبراهيم بنساسي، مقسما بأن «99.99 في المائة مما يقوله الشاهد كذوب»، وأن يقسم بأن «يتمنى ألا يعود لأبنائه من سجن عكاشة إن كان كلام الشاهد صادقا». وأكد الشاهد خلال جلسة سابقة أن شقيقا للمتهم حواص زين العابدين، ومن أجل استفادة أشخاص غرباء عن منطقة حد السوالم، من السكن الاجتماعي، المنخفض التكلفة، والذي لا تتعدى قيمته 14 مليون سنتيم، كان يساهم في استصدار شهادات السكنى، بتزوير المعطيات المتعلقة بها. وكان الشاهد ذاته صرح أمام المحكمة، أن «أخا للمتهم زين العابدين حواص، كان يتدخل من أجل حصول غرباء، وغير مستحقين لشقق مصنفة في إطار السكن الاجتماعي، لشركة العمران، بالمساهمة في منحهم عنوان شقته، لإثبات انتمائهم إلى المنطقة، وجعلهم يستفيدون من هذه العينة من المواطنين المستهدفين بمثل هذه المبادرات التي تدعمها الدولة». واستنادا إلى مصادر قريبة من هذا الملف فإن ما يفوق 100 شهادة للسكنى استصدرها أصحابها، الذين جعلوا من شقة لأخ البرلماني المعزول، عنوانا لهم. وهي العملية التي أكد الشاهد أنها لم تكن تتم بدون مقابل، حيث صرح أن مبلغ رشوتها كان يصل إلى 6000 آلاف درهم. وعند هذه النقطة ساءل رئيس الهيأة المستشار «علي الطرشي»، الشاهد عن دور السلطة المحلية في هذه العملية، حيث أكد أنها بدورها «طرف في هذا الموضوع». كما اكد الشاهد، في جواب عن سؤال لممثل الحق العام، أن الرئيس المتهم، كان يستغل بطائق الإنعاش الوطني، وينهج معيار «الزبونية في توزيعها»، حيث يمنحها للموالين له، كما أضاف أن المستفيدين منها هم مجموعة من «الأشباح الذين لا يظهرون إلا عند نهاية كل شهر من أجل نيل المستحقات المالية»، دون تقديم أية خدمات للجماعة. وقد اختار رئيس الهيأة أن يطالب الشاهد بذكر أسماء هذه العينة من المستفيدين من بطائق الإنعاش، من غير المستحقين لها، حيث ذكر الشاهد اسم سيدة قال إنها تحضر بقاعة المحكمة، بتزامن مع تصريحه، كما ذكر اسم شخص آخر. وهو ما اعتبره الشاهد إبراهيم بنساسي «تبديدا للمال العام» سطوة رئيس ونفوذ برلماني..!! وصرح الشاهد الرئيسي في ملف رئيس بلدية حد السوالم المعزول «زين العابدين حواص»، الذي التصق به وصف «برلماني 17 مليار»، أن «المتهم كان يمنع جميع التقنيين من تتبع الأشغال بعدد من التجزئات»، حيث كان «الرئيس يشرف هو شخصيا على هذه الأشغال». كما أكد الشاهد ذاته أن «الرئيس المتهم كان يتدخل في جميع الإدارات والمصالح الخارجية»، مشيرا إلى أنه كان يتمتع ب «نوع من السيطرة والنفوذ على جميع الإدارات». وأضاف المصدر ذاته خلال، جلسة يوم الأربعاء، أن الرئيس المتهم كان "إيلا بغى شي ملف كيحضر ليه في العمالة بنفسو باش يدوز"، مشيرا إلى أن الأمر ذاته كان يسلكه مع اللجن التي تنعقد بمقر الوكالة الحضرية، كما كان المتهم - حسب الشاهد - يسهر بطريقة شخصية على تعيين ممثل الجماعة بلجنة المشاريع الكبرى، مؤكدا أنه كان يسعى إلى «فرض إملاءاته على الموظفين»، و«يتدخل في جميع الملفات»، كما صرح أن المتهم كان يوزع مبالغ مالية على المسؤولين من الموظفين. سيارة «بورش كاين رشوة» وقد أكد الشاهد «إبراهيم بنساسي» في معرض رده على سؤال لممثل النيابة العامة، القاضي «حكيم وردي»، بخصوص ما ورد في محضر الضابطة القضائية من تصريحات أحد الموظفين من المصرحين المسمى «التباع»، التي تلاها الوكيل العام على أسماعه، أنه «يؤكدها جملة وتفصيلا»، مشيرا بخصوص الإنارة العمومية التي تم إيصالها إلى منطقة خالية من السكان، إرضاء لبعض أتباعه، أن «عددا من الدواوير، والتجزئات وحتى الشوارع التابعة لبلدية حد السوالم تعيش الظلام الدامس، وطرق أخرى أهم من طريق أولاد عباس التي عمد الرئيس المتهم إلى نصب أعمدة للإنارة العمومية بها كانت أولى بهذه الإنارة»، حيث وضعها الرئيس في طريق خالية من السكان ضدا على حاجيات المواطنين من سكان الجماعة. كما صرح الشاهد ذاته بأن الرئيس المتهم، وبمقابل مالي وصل إلى 80 مليون سنتيم، غض الطرف عن استغلال أحد المستثمرين للملك العمومي، رغم التنبيهات التي صدرت عن تقنيي الجماعة. وفِي سياق تأكيده للامتيازات التي كان المتهم يحصل عليها من طرف بعض المستثمرين، وجوابا على سؤال للنيابة العامة بخصوص سيارة فارهة من نوع (بورش كايين)، في ملكية أحد المستثمرين بالمنطقة كان المتهم قد حصل عليها، صرح الشاهد أن السيارة المذكورة في ملكية أحد المستثمرين الكبار بحد السوالم، وصاحب مطحنة مشهورة، كانت سيارته قد انتقلت إلى رئيس البدية في ظروف غير معروفة ولا مفهومة، عدا تفسير هذا الأمر بالرشوة التي كان المتهم يتلقاها. إلا أن الشاهد سرعان ما عاد ليؤكد أنه «علم فيما بعد بأن صاحب السيارة قد عمل على استرجاعها بعد اعتقال المتهم، وإيداعه السجن»، حيث يتابع على ذمة قضية تتعلق ب «جناية الارتشاء وتبديد واختلاس أموال عامة، والغدر واستغلال النفوذ، والمشاركة في تزوير محرر رسمي وإداري وتجاري، وحمل الغير على الإدلاء بتصريحات كاذبة...». 200 مليون سنتيم لشهادة المطابقة ورخصة سكن..!! وكانت جلسة الأربعاء الماضي، من محاكمة برلماني 17 مليار، خصصت لاستكمال الاستماع إلى الشاهد بنساسي الذي يشغل مهمة تقني ببلدية حد السوالم، وردود المتهم عليها، حيث وجه الشاهد تهما ثقيلة إلى الرئيس المعزول، ومنها ابتزازه للمستثمرين، حيث صرح أن الرئيس المعزول كان قد طلب مبلغ 200 مليون سنتيم من المستثمر «حسن دواح» الذي شيد عمارة سكنية بالنقطة الكلمترية 30، من أجل تسليمه شهادة المطابقة ورخصة السكن، وهو الطلب الذي بعث من أجله أحد نوابه من أجل المبلغ، قبل أن يعود ويطالب المستثمر ذاته بمبلغ 160 مليون سنتيم، ويخفض السومة المطلوبة إلى 120 مليون سنتيم. كما أكد الشاهد بنساسي معاينته لعملية اقتلاع الأشجار من جانب الطريق العمومية بتجزئة العمران، ونقلها إلى حمام يوجد في ملكيته. مضيفا، أن المتهم استغل مشروع تصميم التهيئة الخاص ببلدية حد السوالم لابتزاز أصحاب العقارات، الذين قال إنه استفاد من عطاياهم، كما أنه عمل على تصفية حساباته مع خصومه، ومع كل من لم يسايره في توجهاته، من خلال المشروع ذاته، الذي قال الشاهد إنه تكتم عليه، قبل إعلانه للعموم. تقني العمالة ينفي تهمة التزوير وقد نفى أحد المتهمين المتابعين، في حالة سراح، أي تزوير أو تحريف قد يكون طال إحدى الرخص المتعلقة بتجزئة سكنية تم تشييدها ضمن النفوذ الترابي لبلدية حد السوالم، التابعة لعمالة اقليمبرشيد، مؤكدا أن ما قام به لا يعدو أن يكون دوره الذي يخوله له القانون، حيث إن الرخصة المذكورة لا تخرج عن سياق باقي الرخص التي سبق له - بحكم مهامه - أن ساهم في استصدارها، وفقا لما ينص عليه قانون التعمير، والإجراءات المعمول بها بموجبه. وكان التقني المسؤول بقسم التعمير بعمالة اقليمبرشيد، أوضح خلال الجلسة التي احتضنتها القاعة 6 بمحكمة باستئنافية البيضاء، أمام المحكمة أن الشاهد الذي واصلت هيأة المحكمة الاستماع إليه لثاني جلسة من محاكمة رئيس بلدية حد السوالم المعزول، «يغالط الهيئة»، مشيرا إلى أن «المحضر المتعلق بهذه التجزئة تم استكمال خاتمته التي من المفروض صياغتها»، عند إعداد كل محضر. كما أكد ممثل العمالة أن «الخاتمة الواردة في المحضر المذكور، تعتبر ضرورية من أجل استكمال أي محضر»، حيث إن تقني العمالة بدا خلال طرح سؤال رئيس هيأة المحكمة عليه «ملما بالقضية وبالقوانين المنظمة لمنح الرخص المتعلقة بالتجزئة السكنية»، و«للإطار المنظم لها». وخلال مواصلة عملية الاستماع إلى الشاهد إبراهيم بنساسي، الذي يعتبر أحد المحركين الرئيسيين للشكايات التي أوقعت المتهم الرئيسي في هذا الملف «زين العابدين حواص»، أكد الشاهد ذاته أن «الملاحظات المدرجة بالمحضر المطعون فيه صحيحة، ويتوجب على صاحب التجزئة إنجازها»، في تأكيد منه لعدم استكمال جميع الأشغال المتعلقة بالتجزئة المسماة (منزه الساحل). وهو التصريح الذي أثار حفيظة رئيس هيأة المحكمة المستشار «علي الطرشي»، وجعله يطرح التساؤل من جديد بخصوص «التناقض» الوارد في بين اقواله، حيث عاد إنه عاد ليصرح أمام المحكمة أن «التجزئة كانت غير مكتملة»، وأن «اللجنة لم تقدم أية ملاحظات، بل أكدت على وجوب إنجاز الأشغال غير المكتملة»، وهو ما سار فيه تصريح الشاهد «ابراهيم بنساسي»، من أن الأشغال كانت فعلا غير مكتملة. وتتواصل جلسات محاكمة رئيس حدالسوالم المعزول، الذي شغل مهمة برلماني عن حزب الاستقلال بدائرة برشيد قبل أن يتم عزله من منصبه، صباح يوم الجمعة القادم، بطرح أسئلة دفاع المتهم الرئيسي، بعد أن التمس النقيب محمد البقالي الذي يؤازر زين العابدين حواص، من المحكمة تأخير طرح أسئلته مصرحا أن لديه أسئلة عديدة، حيث كان دفاع الطرف المدني وممثل النيابة العامة قد أنهى طرح أسئلته على الشاهد.