وصفه دبلوماسي فرنسي حضر مفاوضاته مع نظرائه الأوربيين ب‘‘الرجل الذي ينظر إليه الجميع عندما يتحدث‘‘ عبد اللطيف الحموشي من أقوى رجال المغرب. ليس سياسيا، ولا رجل أعمال. إنه يشرف على الجهاز الأمني المغربي المختص في محاربة الإرهاب، والمديرية العامة للأمن الوطني على حد سواء. في السنوات الماضية، يتم التعاطي مع مهامه في الإعلام محليا ودوليا، كما لو أن الأمر يتعلق بشخصية سينمائية متميزة. الصحافة المغربية تصفه ‘‘بالعين التي لا تنام‘‘ أو ‘‘رجل الأمن أكثر تتبعا للمعلومات في المملكة المغربية‘‘. في أوروبا، وصفه ديبلوماسي مقرب من صحيفة ‘‘ال بايس‘‘ ذائعة الصيت ب‘‘الرجل الذي ينظر إليه الجميع عندما يتحدث، خلال الاجتماع الأمني الذي جمع كبار مسؤولي مراقبة التراب الوطني في المغرب ومعظم دول أوروبا الغربية، الذي يتمتع بذاكرة عميقة، وبمعرفة أعمق عن تفاصيل الحركات المتطرفة، خصوصا الفرنسيين، الذي اتهموه قبل سنوات بانتهاك حقوق الإنسان، قبل أن يقدموا له فيما بعد كل مزايا الشكر والامتنان.. والتنويه وفي مناسبات متعددة. تدرج عبد اللطيف الحموشي بعدة مناصب كبرى ما أكسب تجربته المهنية زخما خاصا، وما مكنه في ظرف وجيز من احتلال مركز مؤثر في خطة المملكة المغربية للقضاء على الإرهاب، وفي كل صور التعاون مع أوروبا. شخصية جذبت اهتمام العديد من المنابر الإعلامية والصحافيين الدوليين لعل آخرهم الصحفي الإسباني فرانشيسكو بيريخيل عن ال بايس الفرنسية. قبل شهرين، ورد إسم الحموشي في قائمة مجلة ‘‘جون افريك‘‘ ضمن أكثر الرجال تأثيرا في القارة السمراء. ولد عبد اللطيف الحموشي في تازة شمال المغرب، وتخصص في القانون طيلة مشواره الدراسي والأكاديمي، وهو اليوم أب لأربعة أبناء. أصبح أهم اسم في الحرب التي يخوضها المغرب على الإرهاب منذ العام 2005، وقادته التجربة إلى مراكمة الكثير من المعارف عن الأوساط المتطرفة والإرهابية، ولكنه قبل ذلك، تدرج عبر الخدمة في وزارة الداخلية منذ مطلع التسعينيات. من بين أهم المزايا التي توسم بها مسيرة عبد اللطيف الحموشي خلال السنوات الأخيرة : مجهوداته في تحديث جهاز الشرطة المغربية التي نصب على رأسها سنة 2015 التي كرست التكنولوجيا الحديثة في ثنايا الجهاز الأمني، كما كرست تأهيل العنصر البشري. ديبلوماسي أوروبي صرح لصحيفة ‘‘إل بايس‘‘ بأن الحموشي أدمج في جهاز الشرطة المغربي كفاءات علمية وأكاديمية عالية، وأخرى مختصة في دراسة الظاهرة الإرهابية. يوصف عبد اللطيف الحموشي بأنه ‘‘مختبر متنقل‘‘ وكتوم للغاية، بمعرفة واسعة لا يحتاج بواسطتها أن يتصفح ويكيبديا للحديث بطلاقة عن أي موضوع. كما أنه ملم بثلاث لغات بالإضافة إلى العربية : الفرنسية والانجليزية والإسبانية. شهرة عبد اللطيف الحموشي أخذت أبعادا أكبر بنهاية العام 2014. شهرة كان ورائها حادث التصادم الديبلوماسي الكبير بين المغرب وفرنسا في ال20 من فبراير 2014، وانتهى بعد سنة تقريبا. فعندما كان عبد اللطيف الحموشي في إقامة السفير المغربي في باريس، حل بنفس الإقامة أربعة أمنيين فرنسيين، وشرعوا في استجواب المسؤول الأمني المغربي حول مزاعم ممارسات تعذيب مورست في حق أشخاص في مقر جهاز مراقبة التراب الوطني بمدينة تمارة الساحلية غير بعيد عن العاصمة الرباط. رفض الحموشي المثول أمام قاضي فرنسي، وتأزمت العلاقات بين البلدين، لدرجة أن البلدين أوقفا تعاونهما القضائي. وهو القرار الذي تضررت منه فرنسا أكثر من المغرب. بعد أكثر من سنة، وتحديدا في يونيو 2015، تراجع البرلمان الفرنسي خطوة إلى الوراء، وصادق على اتفاق قضائي جديد مع المغرب، سرى بموجبه التنصيص على ضرورة ترحيل المتهمين المغاربة الموجودين فوق التراب الفرنسي، المتورطين في أعمال إجرامية بالمغرب لعرضهم أمام العدالة المغربية، حتى في حالة وجود ضحايا فرنسيين لأعمالهم الإجرامية. تقدمت العديد من المنظمات الدولية وأخرى مهتمة بحقوق الإنسان كأمنيستي أنترناسيول بانتقادات حول القانون، على اعتبار أنه قد يحمي مسؤولين مغاربة متهمين بخرق حقوق الإنسان. غير أن رد الجانب الفرنسي الرسمي جاء مخالفا كل التوقعات، حيث وشحت باريس عبد اللطيف الحموشي بوسام ‘‘جوقة الشرف‘‘، التشريف الأسمى في الدولة الفرنسية، رغما عن أنف دعاة حقوق الإنسان وبعض الأصوات الفرنسية. بعيدا عن الأصوات المنتقدة، كرس عبد اللطيف الحموشي اسمه كشريك حاسم ومؤثر لدى نظرائه الأوروبيين في كل ما يتعلق بالتعاون الأمني مع الدولة المغربية بخصوص قضايا الإرهاب المختلفة. حسب مصادر متقاطعة، عبد اللطيف الحموشي هو من وضع الشرطة الفرنسية على خطى عبد الحميد أباعوض البلجيكي ذي الأصول المغربية، المشتبه به آنذاك بتخطيط وتدبير هجمات باريس الإرهابية في نونبر 2015. بعد ذلك، وبعد اعتداءات برشلونة في 17 غشت 2017، أصبح عبد اللطيف الحموشي المخاطب الأول لجهاز مكافحة الإرهاب الإسباني في كل ما يتعلق بالأسماء المغربية الواردة في قائمة المشتبه بهم، في الارتباط بمنفذ الاعتداء. وشكل التعاون بين الطرفين تفصيلا مهما في المداهمات المفيدة للغاية التي تلت الحادث. وبالنظر إلى مجهوداته ومجهودات جهازه الكبيرة في الحفاظ على أمن واستقرار المغرب وأوروبا، يشرح عبد اللطيف الحموشي لأن يصبح شخصية محورية في العلاقات الأمنية بين الطرفين، تماما كما يتوقع العديد من الخبراء أن يستمر التميز الأمني المغربي في حربه ضد الإرهاب لسنين قادمة.