عاشت منطقة سرغينة ضواحي بولمان، صبيحة يوم 26 من شهر رمضان الحالي، حدثا غريبا يتمثل في ادعاءات شخص ينتمي للقبيلة ذاتها بحلول يوم فتح «كنز سرغينة» المدفون منذ قرون، وأنه هو من سيتولى فتحه، بعد أن سلمه صاحبه مفاتيحه، في حلم عاشه مؤخرا، وطلب منه أن يجمع الناس في اليوم السابق لليلة القدر. «صاحب الكنز» كما لقبه الكثيرون، أعلن للناس ما رأى في حلمه، وطلب منهم الحضور يوم الإثنين لجبل سرغينة، بداية من الساعة الثامنة صباحا، واعدا إياهم بحصولهم على حقهم من الكنز الذي سيفتحه، وأن الجميع سيأخذ نصيبه دون استثناء، بل وتمكن من الحصول على ترخيص لذلك من السلطات المحلية. ومع أولى ساعات الصباح، كانت الطريق المؤدية للجبل الموعود ممتلئة بمئات السيارات بمختلف الأحجام، وآلاف القادمين من مختلف المناطق، إذ لم يقتصر الأمر على المداشر المجاورة، بل تعداه لعدد من المدن الأخرى، من فاس، مكناس، ميسور وغيرها. الكل حج ليحظى بنصيبه من الكنز الموعود، حيث كان الجبل المعني ممتلئا بالناس، ذكورا وإناثا من أعمار مختلفة، تماما كوقفة عرفة، وقد قدر عدد الحاضرين بما يزيد عن العشرين ألف شخص. كان الشخص المعني يلف ويتحرك هنا وهناك، مرفوقا بوالده، الذي كان يرتدي جلبابا أبيض، ويحمل بين يديه أوراقا بيضاء، لم ينكشف محتواها إلا لاحقا، ليقف في وسط الحشود يخطب فيهم شاب لم يتجاوز الأربعين ربيعا، يدعي أنه يحمل بين يديه أسرار كنز سرغينة المفقود، وأنه بمشاركة الجميع سيتم فتحه، وسيعم الخير المنطقة ككل، وسيصل الرزق لجميع من حضر. لحظات بعد ذلك باشر المعني برفقة بعض أفراد أسرته طقوسا خاصة، بعد أن طلب من الجميع الجلوس دون حركة، ليبدأ في تحديد محيط الكنز المزعوم، مستعملا في ذلك الجير، وينزل على مداره تلك الأوراق البيضاء، المكتوب عليها «سرغينة»، باللونين الأحمر والأخضر، وسط تتبع حذر للحاضرين، الذين اختلفت مواقفهم بين مصدق ومشكك ومن لا علاقة له بالموضوع، سوى أنه رأى حشودا فتتبع آثارها. شمس حارقة عرفتها المنطقة صبيحة يوم الإثنين. الحشود التي جاءت لتحظى بنصيبها من الكنز بدأت تمل وتفقد الأمل، لا شيء ظهر، في وقت بقي المعني يحاول أن يشرح مفهوم الكنز، وأنه ليس ماديا، بل هو رزق سيصل الجميع إلى غاية منزله، وأن من جاء طامعا في الذهب والمال، سيعود خائبا، وأن من جاء بنية خالصة، سيحظى فعلا بالكنز والذي سيصله نصيبه منه لغاية منزله.