الاصلاحات بالمغرب لم تتوقف، وكانت تتم قي سياقات مختلفة، ونظام الوظيفة العمومية أشبع بإصلاحات لم تعد تسمح بتشذيب الجذع، والأوان قد حان لتحول جذري يتم بعتبات وتوافق المشروعيات، لبناء نظام لوظيفة عمومية تقوم في بدايتها ومنتهاها على الخدمة العمومية الجيدة. خطاب بنعد القادر كان موجها لموظفي الجماعات المحلية الملتئمين في لقاء تأمل عبر ندوة وطنية نظمها فرع الدارالبيضاء للجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية بالمغرب نهاية الأسبوع، تحت شعار «من اجل نظام أساسي خاص بموظفي الجماعات الترابية»، جمع فيه بين التفهم الكبير لمطالب هذه الفئة من الموظفين، واعتبار اللقاء معهم انخراط في الأسئلة التي تهم وضعهم ومستقبلهم، لكن مع تشريح لأعطاب الخدمة التي يشتكي منها المواطنون، مميزا بين الفئة الواعية المنخرطة في البحث عن سبل تجويد هذه الخدمة، وبين الفاشلين المندسين الذين يسيؤون لهذه الخدمة. الإصلاحات التي تتم في المغرب، يقول بنعبد القادر، عليها أن تتبادل المشروعيات، فإذا كانت الدولة تقود بشجاعة جملة من الاصلاحات من دون عقد، بدءا بملف المصالحة والانصاف، ومرورا بملفات حقوق الانسان والعدالة، وبينهما ورش محاربة الفساد الذي تتقدم الدولة الأجهزة المؤساساتية لمواجهته، وتذهب للملتقيات الدولية من دون عقد لتقديم ما تم إنجازه والاعتراف بمواطن القصور، فعلى الأطراف الأخرى أن تنحت مشروعيتها من دمج المطالب المشروعة لكل فئة وقطاع بتحمل المسؤولية في الجهر بالسلبيات ولفظ الخطاب المنتفع من حالة الكساد الشامل والهروب من المحاسبة والمسؤولية. من هذا المنطلق قال بنعبد القادر أن إصلاح الإدارة العمومية سيكون «إصلاحا تحويليا» يهدف إلى إحداث تغييرات جوهرية في طريقة اشتغال المرفق العمومي على مستوى التنظيم وتدبير الموارد البشرية وتخليق الإدارة، وأضاف ، إن هذه التغييرات ستمكن من تحقيق تحول حقيقي عبر أربع محاور تشمل المحور التنظيمي وتفعيل اللامركزية، وتدبير الموارد البشرية، والتحول الرقمي، والتحول التخليقي، مشيرا إلى أن الرهان الأساس يكمن في الوصول إلى إدارة فعالة وشفافة ونزيهة، تقدم خدمة عمومية ترقى إلى تطلعات المواطن. بنعبد القادر هاجم خطابات التشويش وتشويه مضامين الاصلاحات، منوها بجمعية موظفي الجماعات المحلية، التي أتاحت فرصة التواصل المباشر مع المعنيين بالاصلاحات، قائلا« لن نقوم بإصلاحات تضركم، أو تهدد مكاسبكم، وكل خطابات التهويل مصدرها فئات منتفعة ترفض تغيير واقع يمس سمعتكم، وكل القضايا النبيلة يتم الركوب عليها، وأكد أن الاصلاح سيتم بروح تشاركية. ومن ضمن الأوراش الكبرى التي سيتم الاشتغال عليها، يقول بنعبد القادر، الورش المتعلق بإخراج ميثاق المرافق العمومية المنصوص عليه في دستور 2011، والذي سيمكن من تحديد الغاية من وجود الجماعات الترابية، والصلاحيات والاختصاصات المخولة لها، وسبل تقوية الحكامة المحلية وترشيدها، انطلاقا من ربط المسؤولية بالمحاسبة، وإيجاد المعايير الكفيلة بتقييم أداء الموظفين لضمان العدالة الأجرية اعتماد على مبدأي الكفاءة والمردودية. ومقابل تفهمه لمطالب فئة موظفي الجماعات الترابية، شدد الوزير، على ضرورة العمل على إعادة الاعتبار لهذه الفئة من موظفي الإدارة العمومية، مسجلا في السياق ذاته أهمية التكوين، سواء المستمر أو الأساسي، لترشيد الحكامة المحلية وتأهيل موظفي الجماعات الترابية، بالنظر إلى محورية الدور الذي تضطلع به هذه الجماعات في تنزيل أوراش التنمية المحلية والمستدامة، وترسيخ أسس الديمقراطية المحلية، وذلك انطلاقا من الحوار الجاد بين الفاعل العمومي والفاعلين السياسيين والنقابين والاجتماعيين. مداخلات كل من حسن امرير عن فرع الدارالبيضاء للجمعية، وحسن بلبلودلي رئيس الجمعية، وياسين الداودي عن الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات المحلية، ونزهة العمري عن الكتاب العامين للجماعات الترابية، ركزت على إبراز أهمية انخراط جميع المعنيين بقطاع الإدارة العمومية في مسار إصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية، وخاصة فئة الموظفين التي تعتبر العنصر المسؤول عن إنجاح السياسات العمومية المسطرة على مستوى الجماعات الترابية. وثمنوا، الجهود الكبيرة التي تبذل على مستوى الموارد البشرية رغم شح الموارد المالية، معتبرين أن التكوين المستمر وحده غير كاف لتأهيل أطر الجماعات الترابية، بل هناك حاجة ملحة إلى تبني مناهج تكوين على مستوى الجامعات الوطنية تستجيب لحاجيات الإدارة المغربية على هذا المستوى.