يصفونه أحيانا ب «حائط برلين»، ويطلقون عليه تارة أخرى «حائط الميز العنصري» الذي حال بينهم وبين أن يكون تحركهم نحو الطريق الرئيسية القريبة منهم، والموسومة ب «طريق آزمور» سهلا، ما يضطرهم إلى قطع مسافة أكبر، وتجشم عناء أكثر لبلوغ تلك الطريق. ومع هذه المحنة تتضاعف معاناة السكان، الذي فضلوا البقاء في أراض قطنوها عقودا من الزمن، بعد أن عاشوا بها طفولتهم وشبابهم، ومنهم من خلف أبناءه في المنازل التي احتضنتهم رفقة أسرهم منذ ثمانينيات القرن الماضي، مفضلين التشبث بما ورثوه عن الآباء، «صامدين» في وجه من يصفونهم ب «لوبي العقار» الطامح إلى طردهم من المساكم التي يمتلكونها. إنهم سكان تجمع مازال يحمل اسم «دوار الحمدي»، نسبة إلى المالكين الأصليين للأرض، رغم أن الكثير من المساكن العصرية، ومعظمها عبارة عن «فيلات» أحاطت بهم من كل مكان، بل إنهم يعتبرونها سببا في «الحصار» الذي غدا مضروبا عليهم بعد أن ارتفع سور حول السكان جعلهم ممنوعين من التنقل ب «يسر» لمغادرة الحي أو بلوغ الطريق الرئيسية. يخضع هذا التجمع السكني إلى النفوذ الترابي لعمالة مقاطعة الحي الحسني بالدارالبيضاء، ويتبع لمقاطعتها الحضرية التي أُلحقَ بها بعد أن تم اقتطاعه من نفوذ ما كان يعرف سابقا بالجماعة القروية دار بوعزة، التي أُلحقت بدورها بعمالة اقليم النواصر، بعد أن طرحها رحم العمالة الأم التي كانت تسمى «عمالة مقاطة عين الشق الحي الحسني». ولأن مساكن من استمروا في العيش ب «دوار الحمدي» ليست «مجرد براريك» أو «سكن عشوائي» كما يصر أصحاب الفيلات الحديثة، والمالكين الجدد للأرض على وصفها، فإن القاطنين يرفضون ما يعيشونه من «حرمان من التحرك بدون حرية»، جراء تشييد سور يتجاوز طوله الثلاثة أمتار. وحسب من التقتهم جريدة «أحداث أنفو» من سكان «دوار الحمدي» بعمالة مقاطعة الحي الحسني بالدارالبيضاء، فإن «مسؤول المجمع السني (روزادا) والإقامة المجاورة له، أقدموا في خرق سافر للقانون على قطع الطريق أمام ساكنة الدوار المؤدية إلى الطريق الرئيسية (طريق آزمور) دون مراعاة لحقوق الجيران المجاورين والقاطنين لأزيد من ثلاثين سنة». فقد أقدم «مسؤول المجمع السكني المذكور على بناء سور شكل سدا منيعا أمام جميعا المارة، وهو ما بات يشكل مصدر قلق للسكان، ،مشكلا رئيسيا لمستعملي السيارات والدراجات النارية، ما يضطرهم إلى سلك طريق وعرة وغير معبدة». ورغم أن السكان حملوا معاناتهم إلى رئيس مقاطعة الحي الحسني، وعمالة مقاطعة الحي الحسني، من أجل إيجاد حل لمشكلتهم، والتخفيف من معاناتهم مع «سور الميز العنصري». ورغم أن الجميع يقر أن السور المذكور تم تشييده بدون ترخيص، وأنه «غير قانوني»، رغم كل ذلك مازال العاملون بالمركب التجاري «موروكول مول» من أبناء دوار الحمدي، ذكورا وإناثا، يضطرون إلى قطع مسافات طويلة، ويتجشمون عناء المغامرة تحت جنح الظلام، وغياب الأضواء العمومية التي منع صاحب الأرض الجديد، التي اشتراها بمن عليها من السكان الذين سبقوه إلى اقتناء أجزاء منها، (منع) نصب الأعمدة الكهربائية عليها، لتظل المنطقة تعيش العتمة والظلام. ويظل السكان يعانون تحت ظل هذا الوضع من حصار «السور»، وغياب «النور» الذي يمنع السكان من الإستفاذة منه، رغم أن الشركة المفوض لها تدبير قطاع الإنارة العمومية مدتهم بالأعمدة التي تظل تنتظر «عطف» صاحب الأرض لتنتصب، في الوقت الذي تفضل فيه عمالة مقاطعة الحي الحسني، ورئيس المقاطعة، الاقتصار على «لعب دور المتفرج».