حصد السعيد بوحجة، مرشح حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، لرئاسة المجلس الشعبي الوطني، فوزًا عريضًا في انتخابات استمرت إلى ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء. وحصل على 356 صوتًا متقدمًّا بفارق كبير عن مرشَّحَين إسلامِيَين، خرجا من السباق مهزومَين بنتيجة 47 صوتًا للنائب إسماعيل ميمون عن تحالف مجتمع السلم، و17 صوتًا للنائب الإسلامي لخضر بن خلاف و10 أصوات للنائب العلمانية نادية واعلي. وكرّست انتخابات رئاسة البرلمان الجزائري للولاية التشريعية الثامنة، وضعًا نمطيًّا يتعلق بفوز جبهة التحرير الوطني بقيادة هذه المؤسسة التشريعية ما يُطيل في عمر الحزب الموصوف بأنه الواجهة السياسية للنظام القائم منذ استقلال الجزائر في تموز 1962، وسط مطالبات بإحالته على المتحف لانتهاء علاقته بأهداف الثورة التي تحققت باسترجاع السيادة دون تحقيق الاستقلال الكلي والتخلص من الهيمنة والتبعية لفرنسا. وأبدى مدونون وناشطون غضبهم من اختيار رجل ثمانيني 79 سنة رئيسًا لمؤسسة البرلمان في بلد يصل عدد الشباب فيه إلى أكثر من 3 أرباع عدد السكان. وفجّر الاختيار موجة عارمة من السخرية خصوصًا أنه جاء بعد أيام من تعهدات زعيم الحزب الحاكم جمال ولد عباس بتسليم مشعل القيادة للشباب بتوجيهات من الرئيس بوتفليقة، لكنّ تعيين الشيخ بوحجة الذي واجه قبل أسابيع قليلة فقط متاعب صحية لتقدم سنه قضى على ما تبقى من آمال بحسب ما يتداوله الجزائريون هذه الأيام. ويخضع اختيار رئيس البرلمان في الجزائر لاعتبارات سياسية لا علاقة للحزب بها، إذ لن يحصل المعني على هذا المنصب ما لم يكن مقرّبًا من سرايا الحكم التي أشيع أنها اختلفت قبل أسابيع على اسم الشخصية التي يؤول إليها منصب المسؤول الثالث في الدولة بحسب الدستور. وقد كان رئيس الوزراء الحالي عبد المالك سلال مطروحًا بقوة لتولي شؤون البرلمان لكنه مُنع من الترشح في لائحة حزب جبهة التحرير الوطني بدائرة الجزائر العاصمة لأسبابٍ قيل إنها متعلقة بكبح طموحه لخلافة رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة. ويطرح خروج رئيس المجلس النيابي المنتهية ولايته، محمد العربي ولد خليفة، خاوي الوفاض بعد منعه هو الآخر من إعادة الترشح في انتخابات الرابع مايو الجاري، تساؤلات عن سيناريوهات المرحلة القادمة إذ يُرشّح مراقبون أن يحصل ولد خليفة على مكافأة سياسية نظير خدماته الجليلة في تركيع البرلمان السابق وتحويله إلى شبه غرفة تسجيل لأعمال الحكومة وفي هذا الصدد يطرح اسمه لتولي رئاسة مجلس الأمة تكرارًا لسيناريو الرئيس الحالي الذي شغل قبل ذلك منصب رئيس مجلس النواب. ولا يستبعد أن يكلف بوتفليقة الرئيس المنتهية ولايته من المجلس النيابي بمنصب سفير الجزائر في العاصمة الفرنسية باريس وهي أهم سفارات البلاد في الخارج على الإطلاق بعدما ظل المنصب في حالة شغور منذ نحو 6 أشهر عقب إقالة السفير عمار بن جامع بسبب ما عرف بفضيحة مؤتمر الأعمال والاستثمار الأفريقي التي أظهرت خلافا بين الحكومة ورجل الأعمال الحديدي علي حداد رئيس منتدى الشركات الاقتصادية.