جولة جديدة تنتظر اليوم الإثنين " إيمانويل ماكرون" بعد أن تمكن من تصدر نتائج الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية بنسبة23,86 في المائة من الأصوات، فيما حلت زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن في المرتبة الثانية بحصولها على 21,43% من الأصوات، محققة نتيجة تاريخية لهذا الحزب وصلت إلى سبعة ملايين صوت، بحسب نتائج شبه نهائية. ويبدو إيمانويل ماكرون في موقع جيد للفوز في الدورة الثانية، بعدما دعا القسم الأكبر من الطبقة السياسية الفرنسية سواء من اليمين أو من اليسار إلى "تشكيل سد" بوجه اليمين المتطرف، كما أعلن فرنسوا فيون وبنوا آمون أنهما سيصوتان لصالحه، مما يفتح الباب أمام هذا ابن التاسعة والثلاثين عاما الذي لم يتوقع أحد وصوله إلى هذه المرحلة بسبب افتقاده للتجربة الانتخابية. ويرى المراقبون أن ماكرون يمثل نموذج الطبقة الفرنسية المثقفة، حيث عمل بعد تخرجه من المدرسة العليا للإدارة في 2004، كمفتش عام للمالية لمدة ثلاث سنوات، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل في لجنة مهمتها إيجاد سياسة مالية تدعم الاقتصاد الفرنسي تحت رئاسة جاك أتالي، مستشار الرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران. لكنه غادر في 2008 عالم الإدارة العليا والتحق بمصرف "روتشيلد" ليكتشف أسرار البنوك والمالية. وفي حوار مع جريدة "لوموند"، علق ماكرون عن خبرته البنكية قائلا:" تعلمت مهنة، واكتشفت كيف يسير عالم المال والاقتصاد". وفي عام 2012، التحق بالرئيس هولاند وعمل مستشارا اقتصاديا إلى غاية 2014 ليعينه هولاند بعد ذلك وزيرا للاقتصاد محل أرنو مونتبورغ، الذي استقال من منصبه. وعن هذا التعيين، قال ماكرون:" طلبت من الرئيس أن يمنحني ساعة واحدة فقط للتفكير. كنت أريد أن أضمن أن تكون لي حرية كاملة في التصرف. في الحقيقة لست رجل النزاعات والخلافات، لكن الرئيس كان يدرك في نفس الوقت بأنني قادر على الاستقالة في أية لحظة". دامت عهدة ماكرون الوزارية سنتين (2014-2016) وظف خلالها خبرته في مجال البنوك لإعطاء دفعة جديدة للاقتصاد الفرنسي وتخفيض نسبة البطالة التي تطال ملايين الفرنسيين. لكن عندما غادر الحكومة، اعترف بوجود عوائق كثيرة في الشركات والإدارات الفرنسية تحول دون القيام بإصلاحات عميقة وكفيلة بإخراج فرنسا من الأزمة التي تمر بها منذ سنوات عديدة. وقد كان للجانب الرومانسي دور في تسليط الضوء على سيرة هذا الشاب، الذي وقع في حب مدرسته "برجيت ترونيو" عندما كان عمره 16 عاما، والتي تكبره بأكثر من 20 سنة، لتتحول فيما بعد إلى شريكة حياته التي ساهمت في رسم مساره، وشكلت له السند القوي. كما عرف عليه حبه للأدب، مما يظهر على خطبه التي تكسر رتابة لغة أهل الأرقام من خلال استشهاده بأبيات شعرية، وصياغة جمل حماسية، حيث قال في إحدى خطاباته "إنني محارب، مقاتل، لست رجل ندم وأسف".