كانت الأقدار تتربص بثلة من الشباب وتتحين الفرصة لرسم فصول مأساة إنسانية في الساعات الأولى من صبيحة أمس الأحد، حين شدت مجموعة من الشباب الرحال من مدينة مراكش تجاه هذا المنتجع الشتوي، لقضاء يوم راحة بهذه الربوع المشهورة بتساقطاتها الثلجية. في حدود منتصف النهار وفيما مجموعة من الشباب منغمسون في أجواء الفرحة والسعادة، وسط هذا البياض الممتد على مدى رؤية البصر، وفي غمرة الإحساس بروعة اللحظة ستنطلق تجاه البركة الثلجية المتجمدة بالسفح وتشرع في ممارسة لعبة التزلج، والجميع غير واع بخطورة الوضع وبما ينطوي عليه المكان من أخطار محدقة. فجأة، وبدون مقدمات، تصدع الجليد تحت أقدام أحد الشباب ليهوي بكل ثقله في قعر المياه، قبل أن يمتد خيط التصدع ويسيج رفيقه الذي كان يتزحلق بجواره وتبتلعهما المياه المتجمدة، ليشرعا في مصارعة الموت، محاولان الخروج من الورطة وإيجاد منفذ وسط سماكة البركة الممتدة. رفيقهما الثالث انتبه إلى ورطة صديقيه وسارع لمد يد العون لهما، محاولا إنقاذهما ومساعدتهما على النجاة بجلدهما، وهي الخطوة التي ستكون «قاصمة لظهره»، حيث لم تقو سماكة الجليد المتشقق على تحمل ثقله فتداعى جسده داخل هذا الغور المتجمد. انتبه المصطافون لما يجري ويدور من تفاصيل تراجيديا إنسانية، فأطلقت صيحات الاستغاثة والاستنجاد لتسارع بعض العناصر المكلفة بتأمين الموقع والتدخل عند أي طارئ، مع ربط الاتصال بمصالح الوقاية المدنية والسلطات المحلية. انطلقت عملية إنقاذ شاملة نجحت في انتشال الضحية الأول والثاني وهما في حالة صحية متأزمة وقد تجمدت الدماء في عروقهما، فأحيطا بالإسعافات الأولية لضمان استقرار وضعهما الصحي، قبل نقلهما صوب المستشفى لاستكمال العلاجات الضرورية، فيما ظل البحث جاريا عن الضحية الثالث لحد كتابة هذه السطور، وقد تأكد موته بعد أن اختفى تحت مياه البركة المتجمدة.