حالة الاستنفار والتأهب المرتفعة التي تعيشها أوروبا هذه الأيام، تخوفا من عمليات إرهابية عشية احتفالات رأس السنة، تسقط مرة أخرى مواطنين مغاربة متطرفين. أول أمس الثلاثاء أوقف جهاز المخابرات الداخلي البلجيكي ثمانية أشخاص يشتبه بتجنيدهم إرهابيين للقتال في سوريا، وجمع الأموال لتنظيم «داعش». الثمانية اعتقلوا عقب مداهمات لتسعة منازل في مدن «انتويرب» و«بروج» و«سنت «نيكولاس»، إضافة إلى منطقة «شايربيك في بروكسل». تأتي الاعتقالات التي تقول مصادر إعلامية، إنها ستستمر لتحييد كل الأخطار المحدقة ببلجيكا، التي باتت تعتبر أكبر تجمع للمتطرفين في أوروبا، أغلبهم مغاربة، في الوقت الذي بدأت بلجيكا في إجراء سحب الجنسية عن الإرهابي فؤاد بلقاسم البلجيكي الجنسية والمغربي الأصل، بسبب ما يشكله من تهديد للأمن العام في بلجيكا، حسب النيابة العامة في هذه الأخيرة. بلقاسم زعيم جماعة «الشريعة في بلجيكا»، المصنفة تنظيما إرهابيا من قبل أكثر من دولة، والذي يقضي الآن عقوبة حبسية من 12 سنة، بعد الحكم عليه في محكمة بمدينة انتويرب في 18 نونبر سنة 2015،بتهمة الضلوع في إرسال مقاتلين لصالح التنظيمات المتشددة في سوريا، من المقرر أن تطالب به السلطات المغربية من أجل محاكمته بعد القرار البلجيكي. فؤاد بلقاسم، الملقب بأبو عمران، بلجيكي من أصل مغربي، نشأ في مدينة «بووم» بمقاطعة أنفرس شمال بلجيكا، شخص لم يختف عن مراقبة أجهزة الأمن البلجيكية، فهو معروف لدى الشرطة بسوابقه القضائية منذ صغره، قبل أن يتحول إلى التطرف، وقد أدين بالسرقة والسطو في عام 2002 و2004 و2007، وهو مطلوب بتهريب المخدرات من قبل السلطات المغربية، كما أدين بالسجن في 2012 وتعتبر نقطة تحول بلقاسم من الانحراف إلى الراديكالية. عقب لقائه في سنة 2010 بالمتشدد الإسلامي «أنجيم شودري» الإنجليزي الجنسية، والباكستاني الأصل، حيث أبدى «شودري» عزمه تطبيق الشريعة في بلجيكا عبر إنشاء فرع له هناك . وبعد شهرين من اللقاء، أسس «فيصل يامون»، الذي قتل لاحقًا في سوريا، وفؤاد بلقاسم تنظيم «الشريعة من أجل بلجيكا»، هذا الأخير سيصبح فيما بعد المتحدث الرسمي والزعيم الروحي للتنظيم. وفي 2015، قضت محكمة بلجيكية على زعيم تنظيم الشريعة من أجل بلجيكا فؤاد بلقاسم بالسجن 12 عامًا، كما حكمت على 44 عضوا آخر في التنظيم بمدد مختلفة، تراوحت بين 3 و15 سنة، كما قضت بوقف التنفيذ في بعض الأحكام في أكبر محاكمة من نوعها تشهدها بلجيكا. واتهم بلقاسم بنشر الإرهاب في بلجيكا والخارج، وفي تسفير المجندين إلى سوريا والعراق، وبسبب خطورته عزل عن باقي السجناء لمنعه من التأثير في رفاقه من المسجونين، أو تسريب معلومات خطيرة إلى شبكات المتطرفين في بلجيكا، وخصوصا بعد هجمات باريسوبروكسيل. في السياق، ما يزال التحقيق مستمرا مع الإرهابي صلاح عبد السلام من قبل قاضي التحقيق الفرنسي، المكلف بقضايا الإرهاب في محكمة باريس وتترقب العديد من الأوساط في مقدمتها أجهزة استخبارات أكثر من بلد ضمنها المغرب، ما سيسفر عنه التحقيق مع هذا الإرهابي الذي كان دينامو الهجوم الإرهابي على باريس في 13 نونبر 2015، لإماطة اللثام عن العديد من خيوط ونقاط الغموض حول هذه العملية الإرهابية التي ظلت غير واضحة، وخصوصا من نظم وسهل وساعد في تنفيذ الهجوم، الذي نتج عنه إزهاق أرواح 130 من الأبرياء والتي لعب فيها عبد السلام دورا محوريا. ويعتبر التحقيق الذي شرع فيه مع صلاح عبد السلام الأول من نوعه معه، منذ توقيفه في 20 مارس الماضي في بلجيكا، بعد أن مدت المخابرات المغربية نظيرتيها الفرنسية والبلجيكية بمعلومات، ساهمت في توقيفه في حي مولنبك في العاصمة البلجيكية بروكسيل من قبل فرقة تابعة للمخابرات البلجيكية، بعد أن توارى عن الأنظار لأكثر من 5 أشهر عن المراقبة الأمنية.