عاش المغرب خلال الأسبوعين الماضيين موجة حرارة طويلة الأمد نادرا ما تهم أنحاء واسعة من البلاد. صحيح أن المغرب يوجد مناخيا الآن في عز فصل الصيف، وهو ما يفترض أن ارتفاع درجات الحرارة أمر عادي للغاية، لكن ارتفاع مستويات الحرارة على معدلاتها العادية خصوصا في المناطق البحرية والساحلية، والتي شكلت ظاهرة هذا الاستثناء المناخي، تعتبر تحولا جديدا في المناخ، يدرجه المختصون في ما صار يعرف علميا ‘‘المناخ الجديد ‘‘ الذي يصعب التنبؤ بمستقبله أو تحولاته القادمة. هل يتعلق الأمر إذن بظاهرة عادية أم أنها جزء من التغيرات المناخية التي يشهدها العالم والمغرب ؟ وهل يمكن توقع استمرار هذه الموجة خلال الأيام والأسابيع المقبلة أم أن الأمر مجرد موجة طارئة ستختفي قريبا ؟ وهل يجوز مقارنة هذا الوضع الاستثنائي الحار بالأوضاع الجوية الاسثنائية المضطربة التي تعيشها البلاد خلال فصلي الخريف والشتاء منذ 2008 ؟ الأخصائي المناخي المغربي محمد سعيد قروق له قراءته العلمية الخاصة للموضوع . حيث وصف ل ‘‘ الأحداث المغربية ‘‘ في اتصال هاتفي خاص، موجة الحرارة التي تتعرفها قطاعات واسعة من التراب المغربي، تعتبر في الآن نفسه، بالعادية وغير العادية. عادية لأن الأمر يتعلق بارتفاع حراري عادي نظرا للفترة الزمنية المرتبطة بفصل الصيف ، وغير عادية بالنظر لارتبط الظاهرة، خصوصا هذه السنة، بما يعرف ب‘‘ المناخ المحتر ‘‘ . مناخ آخر ننتقل إليه تدريجيا ومرتبط بظاهرات السقيفة أو الاحترار الأرضي المرتبط بدروه بالغازات الدفيئة التي تسخن مكونات الغلاف الجوي المختلفة. وعليه، يضيف الباحث المغربي، فإنه صار من غير الممكن مقارنة المناخ الحالي للمملكة بما كان عليه منذ أربعة عقود أو أكثر، فيما كان يعرف بالمناخ العادي أو القديم المائل للاستقرار في غالب الأحيان. في نفس السياق، ذهب محمد سعيد قروق، إلى اعتبار الشكل الاستثنائي لموجة الحرارة التي تضرب المغرب الآن ظاهرة غير عادية وجديدة من خلال التقارير المناخية الدولية الأخيرة، وأهمها تقرير منظمة الأرصاد الجوية العالمية، الذي أشار إلى أن درجة الحرارة على المستوى العالمي سجلت أرقاما غير مسبوقة، حيث تعتبر ال6 أشهر الأخيرة، هي الأكثر حرارة منذ بداية تسجيل المعطيات المناخية في منتصف القرن التاسع عشر. وبالتالي فإن الخبير المغربي يدرج موجة الحرارة التي تمر منها البلاد هذه الأيام، ضمن هذا التحول المناخي حيث نعيش ظرفا مناخيا غير مسبوق، وهو ما يصعب عمل المختص المناخي، لأننا كل سنة نقف أمام أرقام ومعطيات جديدة . ودعا الباحث المغربي، في هامش هذا الحديث، إلى تنبيه المسؤولين المغاربة لضرورة التعامل مع المعطيات المناخية والعلمية الجديدة بشكل يسمح بالتأقلم محليا ووطنيا مع الظاهرة، وباقي ظواهر التغير المناخي المنتظرة في الأمدين الأقرب والمتوسط. وحول ما إذا كانت الحالة الاستثنائية الحرارية ستسمر في المغرب والمنطقة خلال الأيام والأسابيع المقبلة، لم يؤكد ولم ينف الباحث المغربي أمرا مماثلا، حيث أكد انه لا يسعنا الآن التنبؤ بشكل المستقبلي للطقس، لكن من الممكن أن نشهد موجات حرارة مثلا أو أكبر، غير أن هذا لا يعني أيضا أن هذه الموجات ستبدأ غدا أو بعد غد لأنه علميا صار من شبه المستحيل التنبؤ بالمعطيات الجوية المرتقبة. ونبه الباحث المغرب إلى أن الشكل الأبرز للخطورة في موجات الحرارة الحالية، هو ارتباط هذا الارتفاع دائما بعواصف رعدية، حيث دعا إلى تكثيف الحذر خصوصا في المناطق الجبلية أو في سفوح المرتفعات، وتحسيس المواطنين والسياح والزوار بضرورة عدم الابتعاد عن المنازل ومؤسسات الإقامة كثيرا، حيث أن هذه العواصف غالبا ما تكون محملة بكميات كبيرة من المياه، الناتجة عن التبخر الشديد للمياه فوق المحيط بفعل تركيز أشعة الشمس عليها وارتفاع درجات الحرارة. التبخير السريع للمياه فوق الأطلسي يكثف من بخار الماء في الأجواء، خصوصا في الدول المتاخمة للبحار والمحيطات كالمغرب مثلا، حيث تصبح حركة التصاعد عالية ما يؤدي لتكثيف بخار الماء في الجو ثم تساقطه بكميات كبيرة وغزيرة ومفاجئة، قد تؤدي لكوارث طبيعية، كما حدث في أوريكا سنة 1994 .