‘‘ الزيرو كاط ‘‘ ... ‘‘ حي مولاي بعيد ‘‘ ... ‘‘ سكان ماوراء البلية ‘‘ ... ‘‘ درب الداخل مفقود والخارج مولود ‘‘... بهذه الأوصاف المعيارية تصف ساكنة باقي الدارالبيضاء سكان وأحياء مقاطعة مولاي رشيد، في أحاديثهم اليومية البسيطة. ‘‘ تسميات نمطية سلبية ‘‘ كرستها سنوات طويلة من المتابعات اليومية لما يحدث هناك وما يكابده المواطن من سكان المقاطعة مع الحالة الاجتماعية الصعبة. بكثافة سكانية تأتي في المركز الثاني على صعيد العاصمة الاقتصادية بعد مقاطعة الفداء، يتحرك في مقاطعة مولاي رشيد ما لا يقل عن 400 ألف نسمة حسب آخر إحصاء لسنة 2010. تسميات تحمل الكثير من النظرة الاعتباطية لأهل المكان. هنا يعيش مئات الآلاف من المواطنين البسطاء الذين ينصرفون كل صباح إلى أعمالهم دون مشاكل. هنا يسكن المحامون والقضاة والصحفيون والأساتذة والأطباء ورجال الأمن، ونسبة عالية منهم هم من أبناء مقاطعة مولاي رشيد، ولدوا وترعرعوا هناك، وفي أحايين كثيرة، استولدوا تجاربهم الشخصية الناجحة من رحم صعوبة الحياة ومعاناة الفقر. العربي الجزار واحد من ضحايا العنف المجاني الذي غير أن أشخاصا آخرين لم تكن لديهم القدرة في تخطي الظروف الصعبة دون السقوط في براثن الجريمة. وأحيانا تبدو أسباب إزهاق أرواح الأبرياء مجانية، ولا تبررها أية أعذار ولا تخضع لمنطق، سوى أن العنف استبد بالعقل والجسد وحولهما إلى آلات عمياء لاقتراف الشر. فقد أحالت عناصر الفرقة الجنائية بمنطقة الأمن بحي مولاي رشيد بالدار البيضاء على الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قبل أسابيع، متهما من أجل العنف المؤدي إلى الوفاة، وهو شخص من ذوي السوابق العدلية في مجال السرقة الضرب والجرح اذ سبق له سنة 2006 أن أدين من أجل الضرب والجرح والعنف وإلحاق خسائر مادية في ملكية الغير والتهديد بالعنف حيث حكم عليه بالسجن وسنة 2007 اعتقل من أجل استهلاك المخدرات والتسول والضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض حيث حكم عليه ب 8 أشهر حبسا ليتم اعتقاله مرات أخرى وخاصة سنة 2008 و2010. وقد ارتكب جناية قتل في حق رجل مسن واسمه يعمل جزارا كان قد حاول الدفاع عن حفيده فدفع ثمن حياته. القاتل سبق وأن عاكس حفيدة الهالك مما جعل شقيقها يتدخل ويطالب القاتل بضرورة احترام شقيقته واحترام حسن الجوار. لكن المتهم ثار في وجهه ليدخل معه في خلاف. وبعد أسبوع هاجم المعني بالأمر الشقيق داخل مقهى تقع بحي مولاي رشيد وتحديدا بالمجموعة 4 وهو ما جعل أحد الأشخاص يتصل بأسرة حفيد الضحية ليخبرهم بتعرض ابنهم للاعتداء على يد المعتدي، مما جعل والدته وشقيقته تتوجه بسرعة نحو المقهى وأمام هذا حاول الجاني توجيه طعنة لشقيق الشابة، فتدخل الجد ليتلقى طعنة على مستوى القلب ويسقط أرضا يصارع الموت حيث فارق الحياة. الشوارع الصعبة حكايات العنف والاعتداء في منطقة مولاي رشيد، هي أولا حكايات شوارع ومحاور طرقية كبيرة، حافلة بالحياة وتعرف تدفقا بشريا مهما على امتداد ساعات النهار وآناء الليل. حسب مصادر أمنية، تسجل في شوارع منطقة مولاي رشيد أكبر نسب السرقات بالخطف في المنطقة، ضد المواطنين وتهم بالخصوص الهواتف النقالة والحقائب اليدوية والقطع الذهبية. كما تسجل المصالح الأمنية في المنطقة تناميا فيما يتعلق بجرائم الإجهاز على أموال المواطنين في محيط الشبابيك الإلكترونية الخاصة بفروع الأبناك المتواجدة في هذه الشوارع، أو عند الخروج من الوكالات البنكية أو المالية. في داخل الأحياء، يكتسب العنف في منطقة مولاي رشيد أسبابا أخرى و أنماطا أخرى، نعود بالأساس إلى الصراعات الثنائية بين المجرمين، أو تصارع العصابات على فرض سيطرتها في تجارة المخدرات في هذا الدرب، أو في تلك الأزقة. شارع محمد بوزيان واحد من هذه الشوارع التي تعرف نشاطا متناميا للجريمة منذ سنوات. يمتد من ملتقى الطرق بين عمالة مولاي رشيد والمركز التجاري أسيما إلى منطقة سيدي مومن، مرورا بأحياء الصدري ومجموعات حي مولاي رشيد والمركز الثقافي مولاي رشيد. شارع لم تبخل عليه الجماعة الحضرية لمولاي رشيد بالمقومات التي تجعل منه، محورا طرقيا واسعا ومهيأ بشكل جميل يعطي رونقا ألقا للمكان. شارع العقيد العلام الذي يتقاطع مع شارع بوزيان ويمتد من حي الفلاح إلى حي عادل بمقاطعة الحي المحمدي، لا يقل خطورة عن سابقه. في وقت سابق من هذا الأسبوع، أوقفت العناصر الأمنية لحي مولاي رشيد قاصرين احترفا السرقة بالنشل باستعمال الدراجة النارية، بعد كمين محكم نصب لهما من طرف فرقة الصقور. مشهد متكرر، تؤكد مصادر أمنية للجريدة، بالرغم من تكثيف الحملات الأمنية هناك. شارع ادريس الحارثي، أو كما يطلق عليه أهل المكان تندرا ‘‘ دولة شارع الحارثي‘‘ بالنظر لاحتضانه لكل أنواع النشاط الإنساني في العاصمة الاقتصادية، واحد من أهم المحاور الطرقية في منطقة مولاي رشيد بالرغم من أن جزءا مهما منه يوجد ضمن النفوذ الترابي لعمالة مقاطعات بن مسيك. ونظرا لتعدد النقط الحيوية فيه، كالثانويات والوكالات البنكية والقيساريات والمحال التجارية، فإنه يشكل هدفا دائما للمجرمين، ومسرحا متكررا للاعتداءات المختلفة. آخرها شهده محيط ثانوية مولاي اسماعيل قبل أيام، ونقله للأحداث المغربية تلاميذ بقسم الباكالوريا بنفس الثانوية، حيث وقع اعتداء شنيع على تلميذ من طرف عصابة مكونة من ثلاث أشخاص، وبرفقتهم كلب من نوع البيتبول، وذلك بغرض الاستحواذ على جهاز ‘‘ الاي باد ‘‘ الذي كان بحوزته. التلميذ تعرض بعد سلب جهازه إلى سلخة كبيرة اشترك فيها الثلاثة على بعد أمتار من زملائه وزميلاته. الشوارع المذكورة تعرف أيضا تدفقا يوميا للمهاجرين وهو ما قد يفسر تنامي الجريمة هناك، حول هذه النقطة يقول أحد أساتذة ثانوية الأخيار الحرة أن ‘‘رغم انخفاض معدل الهجرة القروية نحو المدن، فإن الآثار مازالت مستمرة في الواقع على مستوى المواقف والسلوك والتنظيم، وهو ما يفسر انعدام القدرة على التكيف والاندماج الكلي في المجتمع حيث البطالة وانعدام فرص الشغل الملائمة للإنسان المهاجر من القرية والذي تكون مؤهلاته ضعيفة، مما رفع من انتشار مدن الصفيح وتدني التعليم وتوسيع دائرة الفقر والإحساس بالتهميش والدونية ما يهيأ الجو لتنامي ظاهرة الجريمة. إن الهجرة من القرية إلى المدينة أدت إلى تكديس السكان بالمدن وهي لم تكن جاهزة لاستقبال ذلك الكم الهائل من القرويين مما أدى إلى خلق أحياء ومهن هامشية وغير مهيكلة شوهت صورة المدينة عمرانيا وأخلاقيا واجتماعيا، وهذه الأحياء تجمع بين جدرانها وأزقتها محددات التخلف والجريمة وتشكل عبئا اقتصاديا واجتماعيا على المدينة ‘‘. مخدرات للجميع .... في اليوم الأخير من شهر مارس الماضي، أحالت عناصر الشرطة القضائية (فرقة مكافحة المخدرات) على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء من أجل الاتجار في المخدرات الصلبة شخصا يقطن بحي الرياض بمدينة بوزنيقة . وجاء اعتقال المعني بالأمر من طرف عناصر فرقة مكافحة المخدرات بحي مولاي رشيد بعد توصلهم بإخبارية تكشف عن قيام صاحب سيارة من نوع ستروين سوداء اللون يقوم بترويج المخدرات القوية متواجدا قرب المركز الثقافي لمولاي رشيد . واستنفرت العناصرالمذكورة بعد توصلها بالإخبارية مما جعلها تنتقل إلى المكان المذكور حيث راقبت تحركات المعني الذي انطلق باتجاه عين السبع وتحديدا قرب العمالة من أجل تزويد زبناءه ، بعد ذلك توجه إلى عين الذياب ومنها عاد إلى حي الادريسية 4 بمقاطعة الفداء درب السلطان . وبعد التأكد من كونه يحترف ترويج الكوكايين ويزود المدمنين عليه تم إيقافه متلبسا حيث خضع للتفتيش ليعثر بحوزته على كمية 138غراما من مخدر الكوكايين وهاتفين محمولين من نوع نوكيا واخرمن نوع سامسونغ ومبلغ مالي قدره2000درهم من العملة المغربية و200أورو و100دولار من العملة الأمريكية بالإضافة إلى سيارة من نوع ستروين .اتضح بعد التحقيقات الأولية أنه مبحوث عنه من أجل الاتجار في المخدرات القوية من طرف أمن تمارة كما انه كان مقيما بالديار الايطالية واعتقل من اجل المخدرات حيث أدين بالسجن 3سنوات ولما خرج رحل للمغرب ليعود لنشاطه ، واعترف خلال البحث معه انه يزور العلب الليلة والأماكن التي يتردد عليها أبناء الأعيان لتزويدهم بالمادة. إلى جانب المخدرات القوية، تشهد المنطقة حربا قوية تقودها الجهات الأمنية على مروجي الأقراص المهلوسة أو ما يعرف بالقرقوبي، وبالرغم من توقيف عشرات المعنيين بهذا النشاط خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن تجار القرقوبي مازالوا موجودين في المنطقة، كما هو الشأن بالنسبة لباقي مناطق الدارالبيضاء الأخرى. الخطير في الأمر، أنه ورغم التمشيط الأمني الدائم في محيط الثانويات التأهيلية والمؤسسات التعليمية، لا يتردد مروجوا القرقوبي في الاستمرار في تزويد التلاميذ المدمنين بهذه المادة الخطيرة، ومازالت بعض الفضاءات المجاورة للمؤسسات التعليمية كالمقاهي مثلا وبعض صالات الألعاب تشهد عرضا مستمرا للتجارة في الأقراص. ‘‘البركة‘‘ و‘‘السلامة‘‘ : الخوف والخطر يعد حي البركة فضاءا أنيقا بالمقارنة مع باقي الأحياء الصعبة في عمالة مقاطعات مولاي رشيد. الحي يعد حديثا في بنائه وتشييده وهندسته المختلفة تماما عن باقي مناطق المقاطعة، وتحديدا في المنطقة التي أقيم فيها والتي تتوسط حي الصدري ومجموعات حي مولاي رشيد والمنطقة المخصصة لمشروعي التشارك القديم والجديد. ساكنة الحي تعكس أيضا التميز المعماري والعمراني للحي. هنا تقطن في الغالب فئة التجار أو المنتمين إلى الطبقة المتوسطة من الموظفين وأصحاب المهن الحرة أيضا. حي هادىء جدا ولا تبدو عليه معالم الصعوبة الأخرى التي تعد أول ما يمكن أن تلاحظه عندما تدخل إليها. أزقة خالية من الحفر إلا في الحالات المستعصية، شوارع واسعة، إنارة متميزة إلا في الجزء المحاذي لشارع ... المؤدي لمنطقة التشارك. بالرغم من كل هذه المقومات الإيجابية، يعاني حي البركة كثيرا مع محيطه، وتشهد أزقته الهادئة بين الفينة والأخرى تعرض بعض ساكنته أو الزائرين لاعتداءات إما بالخطف أو النشل باستعمال الدراجات النارية، أوتحت تهديد السلاح. حادثة من هذا القبيل شهدها حي البركة منذ أسبوعين، كانت ضحيها موظفة بإحدى دور وسائل الإعلام، حيث قادها قاصر تحت تهديد السلاح إلى مكان خالي في ساعات الصباح الأولى عندما كانت تستعد للتوجه إلى العمل، واستولى على هاتفها النقال ومبلغ بسيط من المال كان بحقيبتها، قبل أن يحاول التحرش بها جنسيا عبر إرغامها على ممارسة الجنس بطريقة شاذة. ولولا تدخل بعض المارة من المكان، مسرح الاعتداء، لتطورت الأمور إلى مالا تحمد عقباه. وحسب مصادر أمنية، فإن المشاكل الأمنية التي يعرفها حي البركة، غالبا ما تكون من صنع مجرمين أحداث ومراهقين أو محترفي السرقة القادمين من الأحياء المحيطة بحي البركة، كمنطقة التشارك ومجموعات حي مولاي رشيد ومنطقة حي الصدري وحي سيدي مومن، يشجعهم في ذلك خلاء الفضاءات المجاورة للحي، وفراغه بعض أزقته في ساعات طويلة من النهار أو مباشرة بعد غروب الشمس. حي السلامة الذي شيد في ثمانينات القرن الماضي ليشكل فضاءا لعيش كريم ومحترم للطبقة المتوسطة، تحول بفعل الهجرة القروية إلى مكان مكتظ تقيم فيه عشرات العائلات في العمارة السكنية الواحدة. وإذا كانت نسب الجريمة لا ترتفع كثيرا داخل هذا الحي، إلا أن أنواعا أخرى من العنف تتهدد أمن وسلامة المواطنين فيه. نزاعات تدخل في إطار تصفية الحسابات بين بعض العناصر المحسوبة على الحي، وعناصر مشبوهة أخرى تأتي من حي لالة مريم أو حي مولاي رشيد أو حي الفلاح، كما حدث مؤخرا حيث أدى صراع بين عائلتين إلى اقتتال عنيف، اشترك فيه شبان من الحيين معا. الملاحظ أيضا، حسب ما أوردته بعض المصادر الأمنية للجريدة، أن «الطبيعة الهندسية» لهذه الأحياء وضيق الأزقة والتوائها تجعل من العسير الحركة والتردد والمتابعة الأمنية، وعليه شكلت مأوى آمنا للفارين والمبحوث عنهم والخارجين عن القانون أو العناصر الخطيرة على المجتمع. مستنقع الجريمة والصمت «لا نستطيع أن نقوم بالكثير في مواجهة الجريمة إذا كان الضحايا يكتفون بالصمت ولا يبلغون» عبارة دالة من مصدر أمني، تكشف للجريدة واقعا مؤلما آخر في منطقة مولاي رشيد : الخوف من التبليغ. حسب المصادر الأمنية ذاتها، لا يتم الحديث عن بعض الممارسات الإجرامية إلا في المقاهي أو دور الشباب أو في الفضاءات العامة، وهو ما يشكل عرقلة مباشرة لعمل الأجهزة الأمنية في منطقة مولاي رشيد. الخوف من التبليغ يجد تفسيرا له عند بعض الضحايا في الخوف من الانتقام، خصوصا في حالة الاعتداء الممارس من طرف مجرم على مواطن يسكن معه في نفس الحي، الدرب أو الشارع. فاطمة، معلمة في السلك الابتدائي تقطن بشارع بوزيان، نقلت للجريدة معاناتها في هذا الباب. فخلال المرتين اللتين تعرضت فيهما لسرقة حقيبتها اليدوية في منطقة قريبة جدا من محل سكناها، كانت تلوذ بالصمت ولا تخبر أحدا من المقربين أولا، ثم لا تتقدم بأية شكاية للدوائر الأمنية القريبة، لسبب بسيط هو أنها غريبة أولا عن المنطقة بحكم انحدارها من إحدى مناطق شمال المغرب، وثانيا لأنها تعرف من قام بسرقة حقيبتها اليدوية، وتحاول قدر الإمكان استعادتها عبر الطرق الودية، عبر إشراك شخص قريب أو جار أو صديق للمعتدي، في محاولة منها لاسترداد ما يسلب منها !! محيط المجرمين يلعب دورا كبيرا أيضا في هذا الباب. موظفتنا تتذكر أنها حين كانت على موعد داخل دائرة أمنية للتعرف على المعتدي عليها، استقبلتها والدته ب«الطليب والرغيب» وعارضة حتى مبلغا من المال من أجل أن تنكره وتقول للأمنيين أنه ليس من اعتدى عليها ... وهو ما امتنعت عن الاستجابة إليه. مصادر أمنية علقت على الموضوع ... «هادي هي الضسارة في خدمة المجرمين» !