تمتد عبر شارع محمد بوزيان بمقاطعة مولاي رشيد، معالم الارتباك، وتمتد عبرها تساؤلات المواطنين التي اصطفت أمام مكاتب المسؤولين بالمقاطعة، مجموعة منازل، أو أشباه بنايات لم تكتمل، خرابات، أطلال، أصبحت تنشر الرعب بين ساكنة المنطقة، خاصة حي البركة الذي يمتد على المساحة المقابلة لتحده المجموعة الرابعة من حي مولاي رشيد من جهة والمساحة التي تضم فضاء الغابة الخضراء والمسبح الطلل من الجهة الشمالية.. مساحة خلاء تتوسط حي البركة تحتفظ بكل أسرار قطاع الطرق، وسهرات الماجنين، لتحيل اسمها بين المواطنين إلى «أوطيل مولانا».. أعمدة كهربائية تتساقط بين الفينة والأخرى، كجذوع أشجار يابسة، أو قشات سنابل في حقل مهجور، أغلبها يظل منطفئا إلى أن تتدخل «النيات الحسنة»... تلك علامات مميزة لحي أريد له أن يحمل اسم «البركة» لكنه يتحول إلى بِركة أو مستنقع في فترات متواصلة من السنة! يستيقظ سكان حي البركة كل يوم على نفس المناظر المقرفة والمشاكل التي تؤثث فضاءات المنطقة، مساحة بالهكتارات «خلاء»، لايدرون بالضبط ماذا يجري بها، فقط قد يسمع القريبون منها بأن أشباحا تزور المكان باستمرار من لصوص، ومعاقري الخمور، وقطاع طرق، ومجرمين من مختلف الاختصاصات.. صرخات المعربدين تكسر صمت الليالي الهادئة، ترتجف القلوب وتصطك الأسنان، وينتظرون إلى حين حلول الصباح وهم يترقبون سماع أخبار لجرائم قتل، أو أحداث فظيعة كانت تلك المنطقة مسرحا لها. يقبع «أوطيل مولانا» وهو اللقب الذي اختاره أبناء المنطقة، اقتداء بمجموعة من المناطق، للمساحة الشاسعة الممتدة بين حي البركة الشمالي والجنوبي.. تلال غير طبيعية شكلتها أكوام هي مزيج من الأتربة المعروفة ب«الردم»، والأزبال والنفايات، يبدو أنها ركام سنين عديدة باعتبار النباتات العشوائية التي وجدت في الموقع مكانا مناسبا للاعلان عن نفسها بين العشوائية الفضيعة المميزة للمنطقة.. بهائم تنتشر هنا وهناك ترتع على الأعشاب الطفيلية، وتبيت في العراء وسط اسطبلات تختفي بين التلال الغامضة، مادام ليس هناك من يهتم للأمر.. تعددت شكايات السكان بالمنطقة من «أوطيل مولانا» وتكدست الشكايات لدى مقاطعة بن امسيك. لكن المسؤولين اكتفوا بإطلاق الوعود فقط لإصلاح الموضع، دون أن يتحقق شيء من ذلك. اضطر السكان إلى إنشاء جمعية اختاروا لها اسم «جمعية الابرار لقاطني حي البركة» وشرعت في القيام بمجموعة من الإجراءات لتحسين أوضاع المنطقة، فتجدها تعقد اجتماعات هنا وهناك، لقاء مع رئيس الدائرة الأمنية لقاء مع رئيس مقاطعة مولاي رشيد، اتصالات مع شركة «ليدك»، توضيحات للسكان بحقوقهم كمواطنين. لكن الجمعية لم تتمكن لحد الآن من يجاد حل مرضي لمشكل المساحة الخلاء التي يعتبرها المواطنون النقطة السوداء الكبرى التي تقض مضاجعهم وتهدد أمنهم وحياتهم التي اختاروا لها حي البركة لتكون بركة في استقرارهم وهدوئهم باعتبار أن المنطقة ككل هادئة نسبيا مقارنة بحي مولاي رشيد المجاور بمجموعاته الست. أشار أعضاء من جمعية الأبرار أن لقاءات مع العامل ورئيس المقاطعة أسفرت عن وعود بإيجاد حلول عاجلة للمساحة الخلاء، في حين أكدوا أن مطالبهم تتمثل في حل أولي ومستعجل يقوم على تسوية الأرضية وإزالة الركامات التي تحجب الرؤيا، وبعد ذلك فلتقم عليها المصالح المحلية ماشاءت، سواء مساحة خضراء أو مجمع سكني أو غيرها، صرح أحدهم بعصبية واضحة:«كلما لجأنا إلى أحد المسؤولين إلا ويعدنا بأن الملف ستتم معالجته في القريب العاجل، لا يهمنا ماهو المشروع الذي سيقام هناك، كلما نريد هو إزالة الأزبال والركام، وبعدها فليصنعوا بالبقعة ما يشاؤون..».. كثر الحديث عن كون تلك البقعة الأرضية هي أكثر مصادر القلق بالمنطقة، نظرا لترامي أطرافها، وللغموض الذي يلف طبيعتها، وحسب بعض المصادر من المنطقة، فإنه من غير المستبعد أن تكون اكتشافات بالمنطقة لحلول بعض الجرائم والاختفاءات.. أعمدة الموت بالأزقة الستة تنتشر الأعمدة الكهربائية على طول شارع محمد بوزيان، كما تتوزع بشكل غريب بمجموعة من الأزقة بحي البركة خاصة في المقطع المقابل للشارع، لازال سكان يذكرون مجموعة من الأعمدة سقطت بشكل مفاجىء، وهو ما اضطر بعضهم إلى أخذ الاحتياطات الكاملة، بالابتعاد عنها كأنها ألغام قد تحصد أرواحا في غفلة وبطريقة مفاجئة. تحدث السكان عن الأعمدة التي تم زرعها في إطار التجهيز على أساس أن يتم استبدالها بمصابيح كهربائية على جدران البنايات كما هو معمول به في جل الاحياء البيضاوية. لكن يبدو أن في وجودها خدمة أخرى لشاحنات إصلاح الإنارة. حيث تغرق المنطقة في ظلام دامس لأسابيع عديدة، وحين يتدخل المواطنون ويطلبون من الشركة إصلاحها بمقابل «نوار» تتم إعادة النور لبضعة أيام، ثم تعود لحالتها الطبيعية وترزح المنطقة في الظلام كعادتها، وكأنها مبرمجة على ذلك. «أصبحنا كلما انطفأت الإنارة، نتصل بالشركة، ليأتي التقنيون عبر الشاحنة، حسب مزاجهم، وهم يعلمون أننا لن نردهم خائبين، ثم ما تلبث الإنارة أن تختفي بعد أيام.. لا ندري هل هناك حلول أخرى لدى المسؤولين، أم أنه اتفاق حول تزويد معاناتنا، خاصة وأن المنطقة عموما قليلة الجولان، مما يفسح مجالا لقطاع الطرق..» تحدث أحد المواطنين من السكان بحسرة وهو يشيح بيده بمزاج متعكر. وقد طلبت جمعية الأبرار من رئيس مقاطعة مولاي رشيد «التدخل لدى شركة ليدك لإيقاف معاناة ساكنة الأزقة من 1 إلى 6، وذلك بوضع أسلاك كهربائية عازلة، مع إزالة الأعمدة الحالية، التي أصبحت تشكل خطرا، وتعويضها بما يناسب تطور العصر..» «الأطلال» بشارع محمد بوزيان كل من يعرف تفاصيل شارع محمد بوزيان لا بد أن تكون ذاكرته تحمل تفاصيل حكايات أو أخبار حول المباني الخربة الممتدة على مقربة من «طريق السبيت».. تروج أخبار حول أن أحد الرؤساء السابقين لمقاطعة مولاي رشيد قد قام بتفويتها لبناء صف من المنازل، لكن بعد الشروع في عملية البناء تم اكتشاف أن تلك المساحة لا تدخل في مخطط التصاميم بالمنطقة، مما أوقف أشغال البناء، وهو ما جعلها «خرابات» وأطلالا يستفيد منها المجرمون وقطاع الطرق للترصد لضحاياهم، بل إن إحداها كانت مسرحا قبل سنوات لجريمة قتل بشعة بعد أن تم إحراق الضحية حتى الموت.. وغيرها. كما تعتبر ملاذا لتعاطي المخدرات بشتى أصنافها.. الأمن مطلب أساسي قبل أيام تمكن سكان حي البركة المطلون على شارع محمد بوزيان من الامساك بأحد اللصوص ليلا، فاتصلوا على الفور بقسم الشرطة الذي أرسل لهم بدوره سيارة الأمن الوطني، لكن قبل مجيء السيارة، صادف ذلك مرور شرطيين عبر الدراجات «الصقور» واللذين سلما اللص لصاحب سيارة الشرطة، ونشأت أثناء ذلك مشادة كلامية حول هذا اللص ودور الشرطة، وهو ما أزعج السكان الذين قال أحدهم :« تمكنا من الامساك بالمجرم وهو متلبس، لكن الشرطي رفض تسلمه من «الصقور» مدعيا بأنه ضبط بدون ضحية.. فهل ننتظر إلى أن يموت أو يجرح أحدنا ليتم تقديم مجرم إلى الأمن..؟» أثار هذا الحادث استياء أبناء المنطقة، رغم ثنائهم على مجهودات «الصقور» الذين يعلمون أن المنطقة «مقفرة» نسبيا، وهو ما يستوجب القيام بجولات يومية هناك.. رفع أحد «الصقور» حاجبيه وهو يتطلع لأحد المواطنين، سائلا إياه عن صاحب إحدى السيارات، ولما أخبره بأنه يعرفه، أجابه الشرطي، بأنه أنقذ زوجته من قطاع طرق كانوا يتربصون بها.. تصرف ارتاح له نسبيا السكان الذين طالبوا غير ما مرة بتكثيف دوريات الشرطة بالمنطقة، خاصة بعد حوادث الاعتداءات المتكررة التي تفوق إمكانية «الصقور» أنفسهم.. البنية التحتية من الأولويات تقدم سكان حي البركة لرئيس مقاطعة مولاي رشيد بمجموعة من الطلبات ضمنها طلب تدخل لدى الجهات المعنية قصد تعبيد وإعادة هيكلة الأزقة من 1 إلى 6، مخبرين إياه بأن تلك الأزقة أصبحت عبارة عن حفر غير صالحة إطلاقا للإستعمال.. ابتسم أحد المواطنين بطريقة تهكمية، وأشار بيده تجاه أحد الأزقة، وخرجت الكلمات من فمه تقطر مرارة وهو يقول:« إن الجانب الآخر من حينا مرمم ومعبد.. أما هذه الأزقة «المنسية» فتنتظر إلى أن يقترب موعد الإنتخابات لكي تحظى بحقها في «التزفيت»..لا أبالغ، لأننا طلبنا من المسؤولين مرارا إصلاحها، فكانت وعودهم دائما بالقيام بذلك دون تحديد الوقت، وهذا ما جعل كل أبناء الحي يتأكدون من أن ذلك قد يدخل في إحدى المناورات الانتخابية كالعادة..».. تعبيد الأزقة وإعادة هيكلتها، ينضاف إلى المطالب الملحة الأخرى خاصة مراقبة وترميم مجاري الصرف الصحي التي تطفو إلى الواجهة مع كل موسم أمطار لتستحوذ على الدور الرئيسي الذي يؤرق ساكنة حي البركة، إضافة إلى مشاكل أخرى تستوجب فتح تحقيق لدى المسؤولين لإراحة المواطنين وتبشيرهم بموسم أمطار على الأبواب دون كوابيس ولا أشباح.