«أسيدي سير لهيه، صدعتونا كديروا لينا المشاكل!» تصيح الممرضة الرئيسية في وجه بعض المرضى وذويهم الذين انتشروا في قاعة الانتظار بمستعجلات ابن رشد بالبيضاء أول أمس الثلاثاء، أمسية كان عنوانها الألم الممتزج بالإهانة، تجرعها مرضى ومرافقيهم منذ الساعة الثانية بعد الزوال إلى حدود الساعة التاسعة مساء. «مالكم نهار الإثنين كنتو منظمين!» يصرح أحمد والد إحدى المريضات التي خرجت لتوها من غرفة العمليات، وهو يحيل ضمنيا إلى يوم الزيارة الملكية بداية الأسبوع الجاري، حيث أعطى جلالة الملك انطلاقة نظام المساعدة الطبية، وكان المستشفى في أبهى حلله، حتى خال أحمد ومن معهم من المواطنين أن الأمور تسير نحو الأحسن، قبل أن يفاجأ مساء الثلاثاء الأخير، بأن عليه أن ينتظر أزيد من أربع ساعات من أجل أن يجري فحصا بالأشعة لابنته، أو أن يقوم بنقلها خارج المستشفى إلى مصحة خاصة، وهي التي لم تستفق بعد من التخدير، لتقرر العائلة البقاء في قاعة الانتظار مع ابنتهم بعد أن ترجلت من النقالة التي جلبتها من غرفة العمليات!0 حالة أخرى لرجل في الثلاثين من عمره حضر رفقة والدته لتقطيب جرح غائر برأسه، إثر مقاومته للصين حاولا سرقته، الضحية ترك مددا على رخام قاعة المستعجلات الأسود ينتظر قرابة الساعتين، وهو ينزف قبل أن تشرع أمه في الاحتجاج والصراخ:«واك واك الحق، ولدي غيموت أعباد الله» وتدخل في ملاسنات بينها وبين الممرضة الرئيسية، انتهت بإدخاله على مضض قاعة العلاج! في الجانب الآخر ظل جندي متقاعد مصاب بشلل نصفي ينتظر رفقة زوجته، من الساعة الثالثة بعد الزوال إلى الثامنة مساء، دون أن يتلقى المساعدة من طبيب أو ممرض، سيما بعض أن استبدت به رغبة ملحة لإفراغ مثانته، ما حدا ببعض المتطوعين من أهالي المرضى إلى مساعدته من أجل قضاء حاجته خارج المستشفى! مقابل طول ساعات الانتظار لبعض المرضى والمصابين في حوادث متفرقة، كان آخرون لا يمضون سوى دقائق معدودة قبل أن تقدم لهم العلاجات الأولية أو يجرون فحصا بالأشعة وتسلم نتائجها. العديد من المرضى تركوا مهملين بعد أن أقنعوا أن نتائج فحص الأشعة الخاص بهم غير جاهزة، ليصابوا بالإحباط وليقرروا الانصراف والعودة في اليوم التالي بعد أن أخبروا بأن الطبيب الذي سيسلمهم النتائج غير موجود!0 حالة أخرى، أثارت سخط العديد من الحاضرين بالمستعجلات، وهي لفتاة في مقتبل العمر حضرت من مستشفى البرنوصي في الساعة الخامسة مساء، وهي تحمل والدها المسن على ظهرها، والدم ينزف منه، قبل أن يطلب منها مغادرة قاعة العلاج إلى حين دفع واجبات الاستشفاء «سيري خلصي عاد جيبيه». عادت الفتاة أدراجها وهي تحمل والدها الجريح على ظهرها مرة أخرى، عندما أخبرت بعدم وجود كرسي متحرك شاغر! محاولة من الجريدة لأخذ رأي البروفيسور قمر مدير المستشفى الجامعي ابن رشد عن سر تدهور خدمات مستعجلات ابن رشد، والمعاملة اللاإنسانية التي يعامل بها المرضى وذويهم انطلاقا من الحالات التي عاينتها «الأحداث المغربية» عشية أول أمس الثلاثاء، حيث صرح أنه «من المفروض أن تتكلف المستشفيات الإقيليمية بتطبيب المرضى الذين يفدون عليها، وليس «التخلص» منهم عبر إرسالهم إلى مستعجلات ابن رشد ما يسبب الضغط على الممرضين القلائل بالمستعجلات، لكن قلة الموارد البشرية ليس مبررا لعدم استقبال المرضى في ظروف جيدة»، كما أكد البروفيسور أن المستشفى سيبدأ مشروعا جديدا يتجلى في توظيف أطر صحية ستتكلف باستقبال المرضى وذويهم، مشروع جاء ثمرة شراكة بين وزارة الصحة ووزارة المالية، لضمان ظروف استقبال جيدة بالمستشفى الجامعي ابن رشد0